تشهد مدينة القصير الاستراتيجية في وسط سوريا السبت اشتباكات واعمال قصف هي "الاعنف" منذ اقتحامها قبل نحو اسبوع من القوات النظامية السورية المدعومة من حزب الله اللبناني، وذلك غداة مطالبة المعارضة النظام ب"بادرات حسن نية" تسبق مؤتمرا دوليا لحل الازمة اصطلح على تسميته "جنيف 2". وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان "اشتباكات عنيفة تدور على كل المحاور داخل القصير وفي خارجها بين القوات النظامية ومقاتلين من حزب الله من جهة، ومقاتلين من عدة كتائب مقاتلة من جهة اخرى. ويبدو ان حدة القصف والاشتباكات هي اعنف من اليوم الاول" لاقتحام المدينة الذي بدأ الاحد. واشار الى ان مدينة القصير وقرى الحميدية وعرجون والضبعة مع مطارها العسكري الذي لا يزال بين ايدي مقاتلي المعارضة، وكلها مناطق تقع الى شمال المدينة "تتعرض لقصف عنيف من القوات النظامية التي استخدمت صواريخ ارض ارض" والطيران الحربي. ويقطن المدينة، بحسب المرصد، قرابة 25 الف نسمة. وباتت قوات النظام وحزب الله تحكم الحصار عليها من الجهات الغربية والشرقية والجنوبية. وافاد عميد في الجيش السوري يقود العملية فرانس برس الجمعة ان "المسلحين مطوقون من كامل الجهات وليس لهم مكان آخر للهرب اليه كما اعتادوا سابقا"، مشيرا الى ان الطريق الى مطار الضبعة "هو الوحيد السالك امامهم، وسنستعيد المطار خلال ايام". والسبت افاد التلفزيون الرسمي السوري ان الجيش السوري يواصل "ملاحقة الارهابيين على ثلاثة محاور في القصير شرقا وغربا وجنوبا، ويحرز تقدما كبيرا في دك اوكارهم". وادت الاشتباكات السبت الى مقتل ثمانية اشخاص بينهم ستة مقاتلين معارضين، بحسب المرصد الذي اشار ايضا الى مقتل ستة عناصر على الاقل من حزب الله الجمعة، في وقت لا يعرف بالتحديد عدد القتلى في صفوف القوات النظامية. وتشكل المدينة صلة وصل اساسية بين دمشق والساحل، وهي من ابرز معاقل المعارضة المسلحة المتبقية في محافظة حمص. ورجح عبد الرحمن ان تكون حدة المعارك "محاولة لتحقيق مكاسب قبل خطاب (الامين العام لحزب الله حسن) نصر الله" بعد ظهر اليوم في الذكرى ال 13 لانسحاب اسرائيل من لبنان والذي يتوقع ان يتطرق فيه الى مشاركة حزبه في معارك سوريا. ونظم الناشطون السوريون المعارضون للنظام تظاهراتهم الاسبوعية الجمعة تحت شعار "دجال المقاومة... القدس ليست في حمص"، في انتقاد عنيف لحزب الله الذي يؤكد ان ترسانته الضخمة من الاسلحة هدفها "مقاومة" اسرائيل. كما اثار تدخل الحزب في سوريا انتقادات واسعة لبنانيا ودوليا لا سيما من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي، بينما نبه الرئيس اللبناني ميشال سليمان الحزب من "الفتنة"، مشيرا الى ان "معاني المقاومة اعلى واسمى من كل المعاني ومن ان تغرق في رمال الفتنة". وفي تداعيات النزاع السوري على لبنان المنقسم بين متعاطفين مع المعارضة ومؤيدين للنظام، تتواصل المعارك منذ الاحد الماضي بين سنة وعلويين في مدينة طرابلس بشمال البلاد، وارتفعت حصيلة الضحايا فيها الى 28 قتيلا. وفي سوريا، افاد المرصد عن مقتل 161 شخصا الجمعة، بينهم 20 مقاتلا معارضا قضوا في قصف من القوات النظامية على مكان تجمعهم في محيط لواء عسكري في الريف الشمالي لمحافظة حماة (وسط). وقال المرصد ان بين هؤلاء 12 مقاتلا شيشانيا. واحصى المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويقول انه يعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في مختلف المناطق السورية، مقتل اكثر من 94 الف شخص منذ اندلاع الازمة منتصف آذار/مارس 2011، في حصيلة تتزايد يوميا في غياب اي افق للحل. وفي تعليق على الجهود الدبلوماسية الرامية الى عقد مؤتمر دولي حول سوريا بمشاركة طرفي النزاع، طالب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية النظام بتقديم "بادرات حسن نية" قبل الحديث عن مشاركة المعارضة في المؤتمر الذي يتوقع عقده في حزيران/يونيو المقبل. وقال المتحدث باسم الائتلاف خالد صالح على هامش اجتماع موسع للمعارضة منعقد في اسطنبول منذ الخميس "من المهم جدا بالنسبة الينا ان تحصل بادرات حسن نية من الطرفين (...) نريد ان نكون متأكدين اننا عندما سندخل في هذه المفاوضات فان حمام الدم سيتوقف في سوريا". وردا على سؤال حول طبيعة هذه البادرات، اجاب "امور بسيطة مثل وقف استخدام صواريخ سكود وسحب الجيش من بعض المدن". ولم يرشح شيء بعد عن المؤتمر الذي يفترض ان ينتخب رئيسا جديدا له خلفا لاحمد معاذ الخطيب وهيئة ادارية جديدة وان يقر دخول اعضاء جدد اليه، بالاضافة الى اتخاذ قرار حول المشاركة في المؤتمر الدولي. وكانت روسيا اعلنت الجمعة موافقة النظام المبدئية على المشاركة في هذا المؤتمر، وذلك قبل يومين من لقاء مرتقب بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الاميركي جون كيري الاثنين في باريس. ويتزامن اللقاء مع نقاش اوروبي في بروكسل لرفع الحظر عن ارسال الاسلحة الى سوريا، ما يشكل مدخلا لتزويد المقاتلين المعارضين المدعومين من الدول الغربية بالسلاح.