في احدى خيام مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الاردن الذي يستقبل اكثر من 120 الف لاجىء، يقول علي البرداني الذي لجأ الى المملكة مع اولاده واحفاده انهم يعانون الذل في هذا المكان الذي يفتقد لابسط مقومات الحياة من ماء وغذاء ودواء. "الحياة هنا صعبة جدا جدا، ونحن نعاني الامرين، الماء طعمه كريه والغذاء اغلبه معلبات تسبب لنا الالام، والغبار يعمي عيوننا ولا يوجد دواء غير المسكنات"، بهذه الكلمات يلخص الرجل التسعيني حياته في المخيم على بعد 85 كلم من عمان، في محافظة المفرق الحدودية مع سوريا. والبرداني من بلدة طفس التي تبعد 10 كلم عن درعا. ودخل الاردن قبل نحو شهرين مع اولاده الثلاثة وزوجاتهم واحفاده العشرين. ويضيف البرداني "انا مريض وابني الكبير مريض وحتى بعض احفادي مرضى، ماذا عسانا ان نقول غير الحمد لله على كل حال". ويوضح انهم غادروا سوريا بسبب القصف بعد ان "تحولت حياتنا الى جحيم لايطاق". والبرداني واحد من من مليون لاجئ تقول المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة انهم فروا الى الاردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر ودول شمال افريقيا واوروبا جراء النزاع الدائر منذ سنتين. ويقول ابنه محمد (52 عاما) وهو أب لستة اطفال ويعاني من مشاكل في القلب "نشعر اننا في سجن كبير". ويضيف الرجل الذي يأمل تحويله الى عمان للعلاج "كل ما يفعله الاطباء هنا هو اعطاؤنا المسكنات". ويستضيف الاردن 436 الف لاجىء يتوقع ان يرتفع عددهم بنهاية 2013 الى نحو 700 الف، في حال استمرار النزاع الذي اودى حتى الان بحياة 70 الف شخص وفق تقديرات الاممالمتحدة. وعبر الى الاردن خلال الشهر الماضي وحده 62 الف لاجىء سوري اغلبهم من الاطفال والنساء وكبار السن. ويقول محمد أمين (29 عاما) المنتسب للجيش السوري الحر والذي فر الى الاردن قبل شهرين ونصف "نحن نفتقد لكل شيء الطعام الصحي، المياه النظيفة، الادوية، حليب الاطفال ... لو كان لدينا مال لاشترينا كل هذا من داخل المخيم". ويضيف أمين وقد احاط به اطفاله الاربعة "قاتلت مع الجيش الحر منذ بداية الثورة، لكن عندما بدأت القذائف تنهمر على طفس ولم يبق فيها سوى 5 الاف من اصل 50 الف شخص، لم يكن امامي من خيار سوى ان اهرب مع عائلتي". ويروي احمد مفلح (75 عاما) "دمرت بيوتنا. القصف العشوائي لا يرحم الصغير ولا الكبير. قتل الكثير امام اعيننا في الشارع، لذا قررنا الهروب". ويضيف "كنا نظن ان الحياة هنا ستكون احسن، لكن صدقني لا غذاؤنا جيد ولا مكاننا جيد واسعار المواد المباعة داخل المخيم نار، ونحن لانملك فلسا واحدا، يا ليتنا متنا قبل ان تطأ قدمنا هذا المكان". ويتابع مفلح الذي يعاني من آلام مبرحة في اسفل الظهر "بالأمس لم أنم من شدة البرد، أين دول العالم؟، ألسنا بشرا؟ لماذا لايساعدنا أحد؟" وشهد المخيم خلال الاشهر الماضية احداث شغب احتجاجا على سوء الاوضاع الحياتية. وتوفي لاجىء سوري في ساعة متأخرة من ليلة السبت فيما اصيب طفلاه بحروق بليغة أثر حريق شب في خيمتهم. والجمعة احترقت 35 خيمة بسبب تماس كهربائي دون ان توقع اصابات خطيرة، سبقه حريق مماثل وقع الشهر الماضي، وادى الى وفاة طفلة في السابعة من العمر واصابة والدها وشقيقيها بحروق متوسطة. وفي مطلع كانون الثاني/يناير داهمت مياه الامطار نحو 500 خيمة في داخل المخيم. وفي شارع المخيم الرئيسي، يقف الصبي محمد احمد ذو العينين الزرقاوين (14 عاما) في خيمة حولت لكشك لبيع الخضروات. ويقول احمد انه لا يذهب لمدرسة المخيم لانه مضطر للعمل لمساعدة والده في اعالة ثمانية اطفال بعد وفاة والدته اثناء الولادة قبل اربعة اشهر. ويشكو احمد هو الاخر من عدم توفر مياه نظيفة، ويقول ان والده يغليها قبل ان نشربها ومن الطعام المعلب الذي يقول انه رائحته كريهة. وتقول الارملة حورية سعيد (60 عاما) "وضعنا هنا +زي الزفت+ رياح وغبار. مضى علي 3 اشهر لم اغتسل والليل كله افرك برأسي وأبكي على حالي". وتضيف حورية وهي ام لخمسة اطفال "دورنا احترقت، ولو عدنا فلن نجد شيئا. ما يجبرنا على تحمل هذا ألمر هو الأمر منه". لكن أبو العبد (45 عاما) وهو أب لستة اطفال وصل الى المخيم بالامس بعد ان اجتاز الحدود في خمس ساعات ووقف في طابور طويل لاستلام المساعدات من اغطية وفرش ومواد تموينية يعتقد ان "الحياة في هذا المخيم افضل بكثير من الحياة في داخل سوريا". ويضيف "على الجميع ان يحمدوا الله، على الاقل هنا نحن في مأمن من القصف والموت والدمار". واعلنت الاممالمتحدة الاربعاء عن بلوغ عدد اللاجئين السوريين خارج البلاد مليون شخص. وهذا الرقم لا يشمل الا اللاجئين المسجلين، ما يعني ان عددهم الفعلي اكبر بكثير. كما نزح 2,5 ملايين سوري على الاقل في داخل البلاد. واعتبر المفوض الاعلى لشؤون اللاجئين في الاممالمتحدة انطونيو غوتيريس ان "سوريا دخلت دوامة الكارثة المطلقة". واندلع النزاع السوري قبل حوالى عامين بحركة احتجاجية سياسية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد لكنها تعسكرت مع تكثف القمع الدامي الذي نفذته قوى الامن.