القاهرة - هاجم عدد من المستثمرين ورجال أعمال ورؤساء جمعيات المستثمرين بمختلف المحافظات كل القوى المتناحرة فى ميادين مصر، لما يمكن أن يترتب على هذا التناحر من أضرار بالغة بالاقتصاد والاستثمار على المديين القصير والطويل، محذرين من إمكانية هروب الاستثمارات القائمة فى مصر الآن. وقالوا: إن الاقتصاد لم يتعاف بعد منذ ثورة يناير، وأنه عندما قاربت الأمور على نوع من الاستقرار النسبى تدهورت الأوضاع مرة أخرى إلى انقسام شديد بين جميع القوى السياسية وهو ما سيكلف الاقتصاد دفع فاتورة باهظة الثمن. وأشاروا إلى أن جميع الوعود الحكومية بتسهيل وتيسير مناخ الاستثمار لم ينفذ منها شىء حتى الآن وأن البيروقراطية زادت وتفنن الموظفون الحكوميون فى تعطيل المصالح بشكل أكبر مما كان قبل الثورة، وهو ما يضع مناخ الاستثمار بين سندان الفوضى ومطرقة الضعف الحكومى. وقال شريف البلتاجى، عضو مجلس الأعمال المصرى الإيطالى إن مصر تمر بكارثة، ويجب أن يتم احتواؤها بأسرع وقت ممكن، لما يمكن أن يترتب عليها من آثار سلبية على الاقتصاد والمجتمع ككل. واستبعد أن تؤثر اشتباكات شارعى محمد محمود وقصر العينى على حزمة المساعدات الإيطالية التى قدرها وفد رجال الأعمال الإيطاليين بنحو 150 مليون يورو للسوق المحلى، أو المساس بالاتفاقيات التجارية الدولية. وأكد البلتاجى أن تأثير تلك الأحداث يتمثل فى تراجع ضخ الاستثمارات الأجنبية بالسوق المحلى وتراجع ثقة المستثمرين المصريين والأجانب بالمناخ الاقتصادى، مشيراً إلى أن الأحداث الحالية وحالة الضبابية السياسية تؤثران على الخطة التصديرية للقطاع التى استهدفت 11 مليون جنيه نهاية العام الجارى. من جانبه، قال مجدى طلبة، الرئيس السابق للمجلس التصديرى للملابس الجاهزة إن الاضطرابات السياسية التى امتدت على مدار العام ونصف العام الماضية أسهمت إلى حد كبير فى انسحاب مجموعة من مستوردى الملابس الجاهزة. وأضاف أن تراجع أعداد عملاء الدول الأجنبية، خاصة من الولاياتالمتحدةالأمريكية التى تعد من أكبر العملاء فى القطاع التصديرى للملابس الجاهزة بمثابة الإنذار لتراجع إجمالى صادرات القطاع. وتوقع طلبة إغلاق المزيد من مصانع السوق المحلى نتيجة عدم قدرة أصحاب المصانع على المنافسة أمام مشكلات السوق المحلى من تفاقم عمليات التهريب وضبابية الرؤية الاقتصادية بالبلاد. وفى السياق نفسه، طالب عادل العزبى، رئيس لجنة العمل باتحاد الصناعات بسرعة التوصل إلى حل لتلك الأزمة السياسية التى باتت تشهدها البلاد مؤخراً، نتيجة ضبابية الرؤية الاقتصادية والسياسية للبلاد. وحذر من إمكانية اندلاع ثورة ثانية إذا ما استمرت الأوضاع على ما هى عليه، واستمر تجاهل حقوق العمال وتنظيم العلاقة بينهم وبين أصحاب العمل، منتقداً تجاهل الجمعية التأسيسية تمثيل العمال أو من يعبر عن حقوقهم. قال المهندس محسن الجبالى، رئيس جمعية مستثمرى بنى سويف، إن الأحداث الحالية تأثيرها المباشر لم يظهر بعد، ولكن من المؤكد أن يكون لها آثار سلبية على حركة الاستثمار وتدفق رؤوس الأموال إلى المشروعات الصناعية والاستثمارية بسبب التخوف الشديد من المستقبل غير متضح المعالم. وأشار إلى أن الاستثمار مازال يعانى مشكلات المرحلة الانتقالية، ولم يتعاف منها حتى الآن، وحينما بدأت المؤشرات تتحسن ببطء فوجئنا بإعلان دستورى يقلب الأمور رأساً على عقب ويعود بالبلاد إلى مرحلة فاصلة أخرى وهو ما سيؤدى إلى مزيد من تعطل تدفق الاستثمارات. من جانبه، أوضح المهندس فتحى السيد، رئيس جمعية مستثمرى البحيرة أن التراجع فى حجم الاستثمارات فى المحافظة كبير، ويكاد يكون متوقفاً بشكل كامل، وأن ما يحدث فى مصر حالياً من شأنه حدوث تخارج من السوق، وهو ما يجعل نسب الاستثمار بالسالب. وأشار إلى ضرورة احتواء الأزمة الحالية بالتشاور والوصول إلى حلول وسطية وإنهاء حالة الانقسام التى من نتائجها تراجع الأداء الاقتصادى بشكل لا يحقق أى رفاهية أو أمان لجميع أفراد الشعب المصرى. فى حين اكتفى المهندس ممدوح بدر، رئيس جمعية مستثمرى الشيخ زايد، بقوله إن هذه الأحداث من شأنها إحداث دمار شامل لجميع المقومات الاقتصادية، وليس الاستثمار فقط ومصر عليها انتظار كارثة كبرى. وأكد المهندس محمود الشندويلى، رئيس جمعية مستثمرى سوهاج أن مصر تمر بأدق مراحلها وليست هناك خيارات قادمة سوى التنمية أو الخراب على حد قوله مؤكداً أن مشاكل الصعيد وحدها تعوق الاستثمار، أضف إلى ذلك الأحداث الجارية وهو ما سيجعل من الصعيد أكثر فقراً وجهلاً وبطالة، فمنذ الثورة وحتى الآن لم يحدث جديد فى الصعيد. ولفت إلى أنه لم يجن الصعيد من الثورة إلا مساوئها من انفلات أمنى وانتشار للسلاح وسط غياب الأمن ولم ينلنا من الشعارات الجبارة التى سمعناها من جميع متصدرى المشهد السياسى أى شىء والصعيد يتحول إلى منطقة معزولة من جميع الخدمات. فى الوقت الذى يؤكد فيه أسامة التابعى، عضو جمعية مستثمرى دمياط أن ما يحدث الآن سيكون له تأثير قوى على الاستثمارات والمشروعات التى كانت ستقام فى مصر وعلى المشروعات المقامة بالفعل، حيث أدى عدم استقرار الأوضاع إلى اضطرار الشركات إلى دفع كامل تكلفة الخامات اللازمة، فى حين كان هناك رصيد احتياطى لكل شركة لشراء احتياجاتها من الخامات، أما الآن فأصبحت الشركات مطالبة بالدفع المقدم. وأوضح أنه لا يمكن دخول استثمارات فى مشروعات بمصر فى ظل الظروف غير المستقرة، وأن هناك العديد من المستثمرين الذين كانوا ينتوون إقامة مشروعات فى مصر تراجعوا تخوفاً من هذه الأوضاع الآن، ويفكرون فى سحب استثماراتهم إذا استمرت هذه الاضطرابات فترة طويلة. وأكد المهندس عونى المغربل، رئيس جمعية النوبارية أن الأوضاع لا تنبئ بخير أبداً فى ظل الاختلاف الدائم حول الرئيس، وهو ما يشعر المستثمر الأجنبى بالخوف الشديد من وجود اضطرابات عنيفة من شأنها الإطاحة بالرئيس خاصة بعد صدور الإعلان الدستورى. وأضاف أن المستثمر الوطنى يعانى البيروقراطية الشديدة، التى زادت بشكل كبير بعد الثورة، كما زاد تكاسل الموظفين عن أداء أعمالهم وانتشرت الرشوة وهو ما يعطل المستثمر الوطنى عن القدوم على بناء وحدات إنتاجية واللجوء إلى البنوك لحفظ أمواله. وطالب وزير الاستثمار والصناعة بضرورة توفير الشباك الواحد لخدمة المستثمرين الجادين وتقليص البيروقراطية وزيادة المحفزات والتسهيلات خاصة على المستثمرين الكبار.