اصبح باراك اوباما الاثنين اول رئيس اميركي في السلطة يزور بورما حيث استقبلته حشود كبيرة واصفة اياه بانه "اسطورة" في بلد يشهد سلسلة اصلاحات سياسية عميقة منذ سنة ونصف السنة. وهبطت الطائرة الرئاسية "اير فورس وان" صباحا في رانغون التي ازدانت باعلام اميركا التي كانت لفترة خلت تشكل العدو اللدود. وكان في استقبال اوباما عشرات الاف الاشخاص الذين تجمعوا على طول الطريق التي سلكها من المطار. واحتشد طلاب ارتدوا الزي التقليدي البورمي على جانبي الطريق وحملوا الاعلام وردد بعضهم بفرح "اميركا". وحمل البعض ايضا يافطات كتب عليها "اهلا اوباما" او حتى "الاسطورة، بطل عالمنا". وتريد واشنطن من وراء هذه الزيارة مكافأة نظام نايبيداو على جهوده الاصلاحية لا سيما انتخاب المعارضة اونغ سان سو تشي في البرلمان والافراج عن مئات السجناء السياسيين واجراء مفاوضات مع مجموعات متمردة من الاقليات الاتنية. واجرى اوباما الذي يرتقب وصوله عصرا الى كمبوديا للمشاركة في قمة آسيوية، محادثات في رانغون مع الرئيس البورمي الجنرال السابق ثان سين الذي كان وراء اطلاق سلسلة اصلاحات في البلاد منذ وصوله الى السلطة قبل سنة ونصف السنة. واجتمع الرئيسان في مبنى البرلمان المحلي في رانغون، العاصمة السابقة للبلاد. وبعد ذلك التقى اوباما المعارضة التي اصبحت نائبة اونغ سان سو تشي في منزلها. وسبق ان التقى الحائزان جائزة نوبل للسلام (1991 و2009) في المكتب البيضاوي في واشنطن في ايلول/سبتمبر الماضي. وصرحت شو تشي ان "اللحظة الاكثر صعوبة في المرحلة الانتقالية هي عندما يكون النجاح في المتناول، يجب علينا حينها ان ننتبه جدا كي لا يخدعنا سراب النجاح". والقى الرئيس الاميركي خطابا تاريخيا في جامعة رانغون، احد ابرز مراكز النضال من اجل الديموقراطية والتي اغلقها المجلس العسكري الذي حكم البلاد سابقا بعد تظاهرات عنيفة في 1988. ودعا اوباما في خطابه الى انهاء العنف الديني في غرب بورما معتبرا انه "ليس هناك عذر" للعنف ضد المدنيين. وقال اوباما "لفترة طويلة واجه شعب هذا البلد بما في ذلك اتنية الراخين، فقرا مدقعا واضطهادا. لكن لا عذر للعنف ضد الابرياء". واسفرت اعمال العنف بين البوذيين من اتنية الراخين والمسلمين الروهينجيا عن سقوط ما لا يقل عن 180 قتيلا منذ حزيران/يونيو في ولاية راخين والى تهجير اكثر من 110 الف شخص معظمهم من المسلمين. ويعتبر معظم البورميين الروهينجيا الاقلية التي قدر عدد افرادها بحوالى 800 الف والمحصورة في ولاية راخين والتي حرمها الفريق العسكري الحاكم السابق من الجنسية مهاجرين غير شرعيين جاؤوا من بنغلادش المجاورة. ويغذي هذا النبذ عنصرية تجاههم. وقال اوباما ان "الروهينجيا يحملون معهم الشعور نفسه بالكرامة الذي لدي ولديكم". واضاف ان "المصالحة الوطنية ستستغرق بعض الوقت لكن بالنسبة لانسانيتنا المشتركة ومستقبل هذا البلد حان الوقت لوقف التحريض والعنف"، مرحبا "بوعود الحكومة بتسوية هذه القضايا المتعلقة بالعدالة والمسؤولية والمواطنة". وكانت الولاياتالمتحدة فرضت عقوبات اقتصادية على المجلس العسكري الحاكم سابقا اعتبارا من نهاية التسعينيات من القرن الماضي. لكن تم رفعها بالكامل تقريبا في الاشهر الماضية بينها الحظر على واردات المنتجات البورمية الذي اعلن الجمعة. وقال ماييل راينو المحلل السياسي ان "ثان سين يستفيد بشكل كبير من هذه الزيارة على الصعيد الداخلي" مضيفا انها تجعل ايضا من "اوباما رئيسا لا يطاله شيء". غير ان الرئيس الاميركي ايضا يريد الاستفادة من تلك الاصلاحات لانه كان في 2009 اول من اعتبر انه لا بد من ان ترفق العقوبات بحوار مع العسكريين. واعتبر رومان كايوه مدير المكتب البورمي لشركة استشارات فرينز اند بارتنر ان "ادارة اوباما تريد ان ينسب اليها قسم من التغييرات". واختار اوباما اسيا حيث النمو قوي جدا للقيام باول زيارة للخارج بعد اعادة انتخابه. وجاء الى رانغون العاصمة القديمة التي اضعفت من جراء 50 عاما من ادارة العسكريين والتي تتطلع الى استقبال المستثمرين الاجانب. لكن الملفات المطروحة على جدول الاعمال سياسية في الاساس. وفي الغرب اسفرت اعمال العنف الاتنية عن سقوط 180 قتيلا بين بوذيين من اتنية الراخين ومسلمي اتنية الروهينجيا المضطهدين في عهد النظام العسكري السابق والذين ما زالوا يثيرون عدائية وعنصرية الشعب البورمي. وفي هذا الصدد قال اوباما ان بورما يجب ان "تستعمل تنوعها كقوة وليس كضعف". واعتبر ثان سين نهاية الاسبوع ان على بلاده ان تسوي ذلك الملف والا فانها "ستفقد سمعتها على الصعيد العالمي". اما بشان ملف المعتقلين السياسيين الشائك وعد الرئيس البورمي بوضع آلية قبل نهاية السنة لدراسة كل الحالات، بينما اعلن ناشطون من المعارضة صباح الاثنين الافراج عن 44 من رفاقهم.