الأمم المتحدة (رويترز) - يبدو أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حققا أهدافهما المرجوة في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن اتحدا في بعث رسالة إلى إيران تفيد بأنها قد تواجه حربا بسبب برنامجها النووي. ولم يلتق أوباما ونتنياهو في الأممالمتحدة التي يجتمع فيها زعماء ووزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة الدولية البالغ عددهم 193 عضوا منذ الأسبوع الماضي لإلقاء كلمات وإجراء محادثات خاصة لحل الصراعات وتعزيز التجارة. غير أن الزعيمين الأمريكي والإسرائيلي خرجا من اجتماع الأممالمتحدة بأكثر مما كان يأملانه حيث حصل أوباما على تأكيد بأن إسرائيل لن تهاجم المواقع النووية الإيرانية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في السادس من نوفمبر تشرين الثاني بينما حصل نتنياهو على التزام من أوباما باتخاذ أي إجراء مهما كان للحيلولة دون تصنيع إيران لقنبلة نووية. والشيء الجدير بالملاحظة في الجمعية العامة التي تختتم أعمالها يوم الاثنين هو الأهداف التي لم يتم تحقيقها. فالقوى العالمية فشلت في كسر الجمود بشأن البرنامج النووي الإيراني والصراعات في سوريا ومالي والكونغو ومحادثات السلام المتجمدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وكما كان الحال في الأعوام السابقة هاجم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الولاياتالمتحدة وإسرائيل وأوروبا بينما دعا إلى إقامة نظام عالمي جديد في كلمته الثامنة وربما الأخيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ودفع غياب تقدم حقيقي بشأن الصراعات العالمية التي طال أمدها بعض الدبلوماسيين والمحللين إلى التشكيك في قدرة الأممالمتحدة قائلين إنها غير قادرة على التحرك بشكل حاسم كما فعلت العام الماضي في قضية ليبيا. وقال ريتشارد جوان من جامعة نيويورك "الموقف الدبلوماسي في الأممالمتحدة ربما يجب ان يسوء قبل أن يتحسن. "ربما نحتاج إلى كارثة دبلوماسية بحجم كارثة العراق - أو فشل في حفظ السلام كما في سربرنيتشا (البوسنة) - قبل أن تفيق الدول الكبرى وتسأل لماذا تتقاعس الأممالمتحدة؟" في يوليو تموز عام 1995 لم تتمكن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في البوسنة من منع المذبحة التي راح ضحيتها نحو ثمانية آلاف رجل وصبي مسلم في سربرنيتشا. ويقول محللون ودبلوماسيون إن عدم تأييد الأممالمتحدة لغزو العراق الذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003 أبرز الحاجة إلى موافقة من المنظمة الدولية على التدخلات العسكرية. وحرصت القوى العالمية على أن ينال تدخل حلف شمال الأطلسي في ليبيا العام الماضي تأييد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على عكس حرب العراق رغم أن التدخل في ليبيا اعتبر على نطاق واسع "غير قانوني" كما وصفه الأمين العام السابق للمنظمة الدولية كوفي عنان. وفي حين ترفض الولاياتالمتحدة وإسرائيل منذ وقت طويل استبعاد اللجوء للقوة العسكرية للحيلولة دون امتلاك إيران لأسلحة نووية انتقد نتنياهو أوباما لعدم توضيحه لطهران الظروف التي ستستعد فيها القوى العالمية لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وكانت التلميحات الواردة من إسرائيل بأن أوباما قد خيب آمالها مصدر إزعاج لم يرد أوباما أن يواجهه في الأسابيع الأخيرة قبل الانتخابات خاصة في ضوء الطريقة التي استغل بها منافسه الجمهوري ميت رومني هذه القضية. في الوقت ذاته يقول مسؤولون غربيون إن نتنياهو ربما يريد تجنب معاداة الحليف الرئيسي لإسرائيل والإضرار بالعلاقات مع الرجل الذي قد يستمر في البيت الأبيض لفترة ولاية جديدة مدتها أربعة أعوام. وترفض إيران اتهامات غربية بسعيها لاكتساب القدرة على تصنيع قنابل نووية وتقول إن برنامجها النووي مخصص للطاقة السلمية والأغراض الطبية كما ترفض الانصياع لمطالب مجلس الأمن بوقف التخصيب النووي. ودفع ذلك الأممالمتحدة والغرب إلى فرض عقوبات تزداد صرامة باطراد و تسببت في هبوط قيمة العملة الإيرانية. وترى إسرائيل أن امتلاك إيران لأسلحة نووية يشكل تهديدا على وجودها. وفي كلمته التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس الماضي عرض نتنياهو رسما توضيحيا كارتونيا لقنبلة ذات فتيل لتوضيح البرنامج النووي الإيراني. واستخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي قلما أحمر لرسم خط عند المرحلة التي ستقترب فيها إيران من تصنيع قنبلة نووية. ومن المحتمل أن تكون صور "قنبلة بيبي" - وهو اسم الشهرة لنتنياهو - و"الخط الأحمر" الذي يمثل اللحظة التي لن يمكن فيها وقف إيران من امتلاك سلاح نووي هي الصورة الرمزية لجمعية هذا العام. وربما تنضم هذه الصورة أيضا إلى اللحظات البارزة التي استعين فيها بوسائل مرئية في الكلمات التي ألقيت بالأممالمتحدة ومن بينها اللحظة التي كشف فيها السفير الأمريكي السابق أدلاي سيتفينسون عن صور لكوبا التقطتها طائرة تجسس من طراز يو-2 أثناء أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962 وتلك التي استعرض فيها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول معلومات مخابرات معيبة سعيا وراء تبرير الحرب مع العراق قبل الغزو الأمريكي له في مارس آذار عام 2003. وأشاد نتنياهو بأوباما لقوله أمام الجمعية العامة إن الولاياتالمتحدة ستفعل ما يتعين عليها لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية مشيرا إلى أنه لا يزال هناك مجال للنهج الدبلوماسي. وقال نتنياهو إن العقوبات الصارمة قد تقنع طهران بعدم تصنيع سلاح نووي. لكن الزعيم الإسرائيلي لمح إلى الحرب وقال إن محطات التخصيب الإيرانية مرئية ومعرضة للهجوم لافتا إلى أنه يمكن اتخاذ قرار باستعمال القوة بحلول الربيع المقبل. وردت بعثة طهران في الأممالمتحدة بالقول إن الجمهورية الإسلامية لديها الحق في الرد بكل قوة على أي هجوم وتمتلك الوسائل اللازمة لذلك. وكانت إسرائيل التي يفترض أنها القوة النووية الوحيدة في المنطقة دمرت مرتين مواقع خشيت من استخدامها في تطوير أسلحة نووية أولهما عام 1981 في العراق والثانية في سوريا عام 2007. وألقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم أيضا كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الاثنين في آخر أيام جلسة الجمعية اتهم فيها الولاياتالمتحدة وفرنسا وتركيا وقطر والسعودية بتأجيج أزمة داخلية في بلاده من خلال دعم المعارضين بالسلاح والمال. واستخدمت الصين وروسيا حليفة سوريا حق النقض (فيتو) ضد ثلاث قرارات لمجلس الأمن تدين حكومة الأسد. وأوضحت الدولتان أنهما لا تزالا تعارضان فرض الأممالمتحدة عقوبات على سوريا أو اتخاذ إجراءات جديدة ضد إيران التي تتهمها دول غربية بمساندة حكومة الأسد. وقال سفير غربي طلب عدم الكشف عن هويته لرويترز "إذا كنت عضوا في حكومة الأسد لسعدت كثيرا بقلة الاهتمام بسوريا في الأممالمتحدة. وإذا كنت معارضا لشعرت بخيبة الأمل الشديدة تجاه الأممالمتحدة الآن." وربما شعر الفلسطينيون ايضا بخيبة من الجمعية العامة حيث باتت تطلعاتهم لدولة مستقلة تأتي في مرتبة متأخرة على قائمة أولويات الأممالمتحدة بعد إيران وسوريا والربيع العربي. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعلن في نيويورك قبل عام مسعاه للحصول على عضوية كاملة لدولة فلسطينية في الأممالمتحدة مما أثار الاهتمام في الجمعية العامة والضفة الغربية. غير أن هذا الطلب ضعف أمام معارضة الولاياتالمتحدة. وفي هذا العام أعلن عباس عزمه السعي وراء هدف أقل طموحا وهو تحسين مستوى تمثيل الفلسطينيين في المنظمة الدولية والحصول على وضع "دولة غير عضو" مثل الفاتيكان بدلا من وضع "كيان". ولم يكن هناك اهتمام في الجمعية العامة أو الضفة الغربية. (إعداد عبد المنعم درار للنشرة العربية - تحرير عماد عمر)