تناولت الصحف البريطانية الأوضاع في مصر وسوريا، بينما أفردت بعضها جزءا من مقالاتها لمحاكمة زوجة السياسي الصيني البارز بو شيلاي في قضية مقتل رجل الأعمال البريطاني نيل هيوود. ترى صحيفة الغارديان في افتتاحيتها اليوم الخميس أن الرئيس المصري محمد مرسي أظهر نفوذه في ظل احتجاجات القوى العلمانية اليومية في الداخل ومواجهة الشكوك الكبيرة في الخارج بقراره إرسال مقاتلات لمهاجمة متشددين إسلاميين في شبه جزيرة سيناء، وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها سلاح الجو المصري في سيناء منذ حرب عام 1973 مع إسرائيل. وأشارت الصحيفة إلى القرار الذي اتخذه مرسي أيضا بإقالة مدير المخابرات العامة ورئيس الحرس الجمهوري ومحافظ شمال سيناء ورئيس قطاع أمن القاهرة. ورأت الصحيفة أن مرسى يسعى جاهدا من خلال هذه الإجراءات لترسيخ حكم مدني بعد شهرين من انتخابه، وهو ما وصفته بالخطوات الجريئة. وأوضحت الصحيفة أن هذا التحرك من جانب الرئيس المصري جاء ردا على أكبر تحدي يواجه الرئاسة حتى الآن وهو الهجوم عبر الحدود في شبه جزيرة سيناء ليل الأحد الماضي الذي أودى بحياة 16 جنديا مصريا. وفي محاولة، على غرار جماعة الإخوان المسلمين، لتفادي مواجهة مفتوحة مع إسلاميين ينحدرون من الأصول الأيديولوجية ذاتها والتي تخلت عنها الجماعة منذ عقود، رأى مرسي بأن الوقت الآن قد حان لاتخاذ إجراءات. واعتبرت افتتاحية الغارديان أن هذا الهجوم بالنسبة لمرسي ليس فقط هجوما على إسرائيل بل إنه هجوم على الدولة المصرية ذاتها، وإنه يمثل تحديا للسيادة المصرية في واحدة من أكثر المناطق حساسية، وهي شبه جزيرة سيناء، والتي أصبحت منطقة منزوعة السلاح بدرجة كبيرة بعد توقيع معاهدة السلام بين الجانبين عام 1979. ورأت أنه بالرغم من الاضطرابات الأمنية في سيناء، إلا أنه قد تكون هناك نتائج إيجابية للأزمة الراهنة، حيث أن الحملة الأمنية على الجانب المصري للحدود يمكن أن تعيد الأوضاع إلى طبيعتها عند المعبر الحدودي في رفح وإغلاق الأنفاق. واشارت أيضا إلى أن الجانب الإسرائيلي ربما يعيد التفكير في الرفض التلقائي لمطلب مصر بإعادة التفاوض على بنود معاهدة كامب ديفيد لإعادة السيطرة العسكرية المصرية على شبه جزيرة سيناء، وذلك بالأخذ في الاعتبار أن إسرائيل كانت تسمح في بعض الحالات الطارئة بصورة غير رسمية بتخفيف بعض القيود على القوات المصرية المنصوص عليها في المعاهدة. وهناك اتصالات بين قيادة الجيش المصري والإسرائيلي، ويمكن أن تأخذ هذه الاتصالات طابعا رسميا. الاختبار الحقيقي وننتقل إلى صحيفة الفاينانشال تايمز التي ركزت على الوضع في سوريا في مقال للكاتب تال بيكر. قال الكاتب إن الاختبار الحقيقي في سوريا يتمثل فيما إذا كان الخوف من النظام الديكتاتوري سينتهي. وقالت الصحيفة إن الفرضية التي كانت محل اختبار في الانتفاضات العربية لم تكن مطلقا ما إذا كانت لحظة الديمقراطية قد حانت في الشرق الأوسط، بل ما إذا كان الديكتاتوريون العرب يمكنهم الاستمرار في قمع وتعذيب وقتل مواطنيهم للبقاء في سدة الحكم. ورأت الصحيفة أن هذه ظلت الأساليب المتبعة لدى الحكام المستبدين في المنطقة، وأشارت في هذا الصدد إلى الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والرئيس المصري السابق حسني مبارك، والآن الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت إنهم جميعا حددوا مصيرهم حينما حولوا قواتهم ضد مواطنيهم. واعتبرت الصحيفة أن الاضطرابات في هذه الدول خلقت على الأقل الفرصة لتعزيز مبدأ إقليمي جديد، وهو أن الزعيم الذي يهدد شعبه يخاطر بفقدان الشرعية ليحكم. وهذه الافتراضية لم تكن محل اختبار في أي مكان أكثر مما هي عليه في سوريا، ونوهت إلى أنه طالما أن حكومة الأسد متمسكة بالسطة مستخدمة الأساليب نفسها التي وظفها والده حافظ الأسد، فإن الدرس كان أن الاستبداد يحقق الغرض والفائدة، لكن الصحيفة رأت أنه مع تراجع قبضة الأسد على ما يبدو في نهاية الأمر، فإن هناك صفعة قوية وجهت لمدى فاعلية هذا الدرس. بيد أن الصحيفة رأت في الوقت ذاته أن هذا الأمر لا يزال غير حاسم، مشيرة إلى المخاوف من تدهور الأوضاع في سوريا إلى حرب أهلية وحدوث انتقام للسنة من العلويين، وإن كل ما تغير هو هوية المستبد وليس طبيعة الاستبداد، وإن الأدوات الوحشية للماضي ستحتفظ بجاذبيتها. وإلى صحيفة الاندبندنت التي قالت إن محاكمة غو كايلاي زوجة بو شيلاي السياسي الصيني البارز ستبدأ اليوم الخميس بتهمة التورط في مقتل هيوود. وركزت الصحيفة على تأثير هذه القضية على مكانة بو شيلاي العمدة السابق لمدينة شونغشينغ وأيضا في المقابل تأثير مكانته على إجراء محاكمة عادلة. وتشير الصحيفة في هذا الصدد إلى اختيار محاكمة السيد غو في إقليم انهوي بدلا من شونغشينغ ، التي كان يحكمها بو وقتل فيها هيوود، يخالف الاعتقاد بأن نفوذ عائلة بو ربما يستمر. وأشارت الصحيفة أيضا إلى التوقعات الخاصة بنتائج المحاكمة والتي رأت إمكانية حدوث انحراف عن عقوبة الإعدام إلى حكم بالسجن لفترة قصيرة نسبيا بموجب اتفاق مع المحكمة. ورأت الصحيفة أن هناك شكوكا كبيرة بأن قرار المحكمة سيعبر عن التوازن السياسي للسلطة أكثر من الأدلة الفعلية. واعتبرت أن هذه اللمحة عن العدالة على النمط الصيني هي فقط واحدة من الإشارات التي تذكر بالجوانب الأكثر ضبابية للسياسة والمجتمع الصيني . وذكرت أن العالم الغربي اعتاد أن ينظر إلى الصين من ناحية قوتها الاقتصادية ووتيرة التصنيع فيها وتزايد ثروتها، على الرغم من أن ذلك يكون على حساب العمال الحضريين الذين يتقاضوا أجورا زهيدة للغاية والكوارث البيئية وترحيل القرويين. وتقول الصحيفة إن الغرب يتجاهل أيضا الفساد الذي يكمن خلف الجانب الأكبر من التنمية السريعة في الصين وزيادة ثروة النافذين. وقالت إنه فقط حينما تنقلب النخبة على نفسها، كما يبدو الوضع مع بو شيلاي، فإن الجانب الخفي الفاسد ينكشف.