بغداد (رويترز) - رسمت شهادات شهود في محاكمة نائب رئيس الجمهورية العراقي الهارب طارق الهاشمي صورة بشعة لمجريات السياسة في العراق واحيت ذكريات القتل الطائفي. وكان طارق الهاشمي النائب الثاني لرئيس الجمهورية والسياسي المسلم السني واحد قيادات القائمة العراقية قد هرب من بغداد في ديسمبر كانون الاول بعد ايام من مغادرة القوات الامريكية عندما سعى رئيس الحكومة التي يقودها الشيعة نوري المالكي الى اعتقاله بتهمة قيادة فرق موت. وأججت قضية الهاشمي أزمة سياسية واسعة النطاق في العراق حيث تتنازع الاحزاب الشيعية والسنية والكردية منذ اكثر من سنة حول أيهم يحصل على نفوذ أكبر في صراع يهدد في كثير من الاحيان بالانزلاق مجددا الى العنف الطائفي. وتسعى الشرطة الدولية (الانتربول) الى اصدار مذكرة اعتقال بحق الهاشمي بناء على طلب العراق بعد اتهامه بالتخطيط لعمليات قتل معظم ضحاياها من الشيعة. وينكر الهاشمي هذه التهم ويقول ان المحاكمة محاولة من المالكي لتعزيز موقفه. وتركز القضية الاولية على ثلاثة اتهامات بالقتل شملت مدير عام في وزارة الامن الوطني وضابط كبير في وزارة الداخلية ومحامية لكن الهاشمي وزوج ابنته وعشرات من حراسه متهمون ايضا بقتل ستة قضاة. وقدم المتهمون في المحكمة صورة تثير الفزع للهاشمي الامين العام السابق لحزب اسلامي سني وصهره احمد قحطان على انهما كانا في قلب عصابة نفذت هجمات بسيارات ملغومة واغتيالات باسلحة كاتمة للصوت وهجمات اخرى. وقدم الشهود ايضا شهاداتهم حول شبكة تقوم بعمليات اغتصاب وتهديد لتجنيد الافراد للقيام باعمال عنف. ومن بين المتهمين في القضية رشا الحسيني التي كانت تعمل مديرة للمكتب الاعلامي للهاشمي والتي قالت انها اغتصبت من قبل زوج ابنة نائب رئيس الجمهورية وانه كان يستخدم شريط حادثة الاغتصاب لاجبارها على الاشتراك في تنفيذ الهجمات. وقالت الحسيني في مقابلة مع رويترز اجرتها في غرفة معدة لاحتجاز المتهمين مؤقتا لحين موعد حضورهم المحاكمة وبإذن من المحكمة "احمد قحطان اعتدى علي يعني اعتداء جنسي في بيته في المنطقة الخضراء وبغياب زوجته." واضافت "هو صور الحادثة وهددني بالتصوير (الفيلم المصور) وهددني بانه بكل سهولة يمكن ان يؤذي عائلتي." ورشا شيعية تبلغ من العمر 36 عاما وهي أم لطفل في الثامنة من عمره وقالت انها اجبرت على قيادة ثلاث سيارات ملغومة وسيارتين اخريين كانتا تحملان حقائب دبلوماسية فيها اسلحة كاتمة للصوت لتسهيل مرورها عبر نقاط التفتيش دون تفتيشها لانها امراة. ويرفض الهاشمي وصهره وكلاهما حاليا في تركيا التهم التي وجهها إليهم متهمون اخرون ويقولان ان الحرس وبقية العاملين في مكتبه تعرضوا للتعذيب لتقديم تهم مختلقة لادانة الهاشمي نفسه. ويقول الهاشمي وقحطان انهما مستعدان للمثول امام المحكمة على ان تكون واحدة اخرى غير محكمة بغداد لانهما يعتقدان أن المحكمة تخضع لسلطة المالكي وجزء من نظام قضائي مسيس. وكتب قحطان ردا على رويترز قائلا "انا على يقين بانه لولا التعذيب والاكراه ما تجرات رشا على (ذكر) هذه الادعاءات الباطلة من جانبي انكر هذه الافعال جملة وتفصيلا واعلن عن رغبتي في المثول امام اي محكمة تتوفر فيها اركان العدالة وحمايتي الشخصية لدحض كل الافتراءات الباطلة والادعاءات الرخيصة." ويقول حلفاء المالكي ان محاكمة الهاشمي ليست مسيسة لكن الكثير من العراقيين السنة يقولون انهم يرون يدا طائفية خلف المحاكمة ويتهمون المالكي بمحاولة تعزيز موقفه على حساب السنة. وكانت الحكومة العراقية قد بثت اعترافات بعض المتهمين في القضية على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون بعد الاعلان عن الاتهامات في بادىء الامر في خطوة اعتبرها منتقدو المالكي غير مناسبة ومحاولة فاشلة لاثارة التوتر الطائفي. ورفض الهاشمي ايضا مزاعم مديرة مكتبه وقال انها اجبرت على تقديم هذه الاتهامات وقال في رد مكتوب ان القضية مختلقة وذات دوافع سياسية. واستمعت المحكمة الجنائية المركزية في بغداد والمكونة من ثلاثة قضاة الى شهادات 15 متهما خلال الجلسات الثلاثة الماضية جميعهم اتهموا الهاشمي بالتخطيط للهجمات وقالوا ان قحطان كان مجرد حلقة وصل بينهم. وأبلغ متهمون اخرون رويترز بانهم تلقوا رشى وعروض بالترقية للعمل لحساب الهاشمي. وقال عميد بالشرطة يدعى سلام كريم وهو متهم اخر يواجه اتهامات بتسريب معلومات عن ضباط شرطة قال ممثلو الادعاء انهم قتلوا لاحقا "(الهاشمي)وعد بترفيعي لاكون مديرا للمرور العامة او النجدة...وعدني بالمنصب شريطة التعاون معه والانصياع لاوامره." واخبر المتهمون المحكمة انهم تلقوا مكافآت مالية تتراوح بين 300 دولار وثلاثة الاف دولار في كل مرة اعتمادا على الدور الذي يؤدونه في تنفيذ العملية. وقال احمد شوقي وهو ضابط شرطة سابق ومتهم في القضية امام قاعة المحكمة "عندما هربوا من العراق تركونا في هذه المحنة." وأضاف "انا ساعدت الهاشمي والمجرمين بالامس على الهروب من مكان الجريمة باستخدام هوياتي واليوم انا اقف هنا لمساعدة عوائل الضحايا واطلب منهم ان يسامحونني." ومن غير المرجح ان يعود الهاشمي الى العراق للمثول امام المحكمة ما يعني ان المحكمة ستصدر حكمها غيابيا. وتصل اقصى عقوبة في حال ادانة الهاشمي الى الاعدام وقال حاكم عطية وهو محام عينته المحكمة للدفاع عن الهاشمي "ما قدمه المتهمون هي افادات مضبوطة...اشعر انهم (المتهمون) تورطوا ويريدون الانتقام." وأضاف "ان الحكم غيابيا سيكون الاعدام للسيد النائب واحمد قحطان." وتراجعت وتيرة العنف في العراق منذ ان كان في اوجه عامي 2006-2007 عندما قتل الالاف على يد فرق موت من المتمردين والميليشيات في اعمال عنف طائفي خاصة في بغداد. وشهد العراق يوم الاربعاء واحدا من اكثر الايام دموية منذ رحيل القوات الامريكية حيث قتل مفجرون اكثر من 70 شخصا باستهداف زوار شيعة خلال احيائهم لمراسم الذكرى السنوية لوفاة الامام الكاظم احد ائمة الشيعة الاثني عشر. (إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)