رام الله (الضفة الغربية) (رويترز) - أُعيد رفات 91 ناشطا فلسطينيا هاجموا وقتلوا مئات الاسرائيليين خلال السنوات الخمس والثلاثين الأخيرة الى الضفة الغربيةوغزة يوم الخميس في لفتة قالت اسرائيل إنها تأمل أن تساعد في إحياء جهود السلام. غير أنه لم تظهر أي بوادر على استعداد الزعماء الفلسطينيين للتنازل عن مطلبهم وهو أن توقف اسرائيل كافة الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربيةالمحتلة والقدس الشرقية قبل استئناف المحادثات المعلقة كما لم تظهر أيضا بوادر على ان اسرائيل ستستجيب. ونقلت رفات 80 ناشطا وضعت في نعوش ملفوفة بالعلم الفلسطيني لدفنها في الضفة الغربية في مراسم جرت عند المجمع الرسمي للرئيس محمود عباس في رام الله. وأدي عباس الصلاة وسط كبار الشخصيات لكنه لم يدل بأي تصريح ربما لتجنب إثارة اسرائيل بتكريم القتلى "كشهداء" مثلما أشارت اليهم وسائل الاعلام الفلسطينية. وقال مسؤول ان وجود عباس كان كافيا وأنه أمر بأن تجري مراسم تكريم عسكرية خلال استقبال الرفات. وكان النشطاء مدفونين -وبعضهم دفن منذ عشرات السنين- في مقبرة للجيش الاسرائيلي "لمقاتلي العدو" بالضفة الغربيةالمحتلة. ومنهم اكثر من 20 مهاجما انتحاريا قتلوا اكثر من 200 اسرائيلي في هجمات من عام 1995 الى 2006 . وعلى عكس مئات الفلسطينيين الذين افرج عنهم من سجون اسرائيلية في اكتوبر تشرين الاول الماضي فان نقل رفات ناشطين قتلى لم يثر ردود فعل علنية تذكر في اسرائيل حيث كانت استعادة جثث جنود لدى الاعداء -- أحيانا مقابل ناشطين سجناء -- ينظر اليها على انها تحظى بأولية كبيرة. وجاء تسليم الرفات في وقت يسود فيه هدوء نسبي العلاقات بين اسرائيل والفلسطينيين. وتم حل مشكلة إضراب جماعي عن الطعام للسجناء الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية سلميا منتصف مايو ايار من خلال بعض التنازلات التي قدمتها اسرائيل كما توقفت الاشتباكات المتقطعة على حدود غزة في الأسابيع القليلة الماضية. وقال مارك ريجيف المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو "نتعشم أن تفيد هذه اللفتة الانسانية كإجراء لبناء الثقة وأن تسهم في إعادة عملية السلام الى مسارها." وأضاف "اسرائيل مستعدة لاستئناف محادثات السلام فورا دون اي شروط مسبقة من اي نوع." وفي كلمة القاها يوم الثلاثاء كرر نتنياهو دعوته لعباس "لإعطاء فرصة للسلام" من خلال استئناف المفاوضات المباشرة دون شرط. وكانت المفاوضات انهارت في نوفمبر تشرين الثاني 2010 بسبب قضية التوسع الاستيطاني الاسرائيلي في الأراضي المحتلة. ويخشى الفلسطينيون من أن يحرمهم انتشار المستوطنات من إقامة دولة مستقلة قابلة للحياة كما تنص اتفاقات السلام المؤقتة التي وقعت في التسعينيات. وكان الانقلاب السياسي المحلي الذي قام به نتنياهو في الثامن من مايو ايار عندما ضم حزب كديما المعارض الى معسكره لتشكيل أكبر ائتلاف حكومي في تاريخ اسرائيل قد أذكى تكهنات بأن مبادرة سلام جديدة ربما كانت وشيكة. واستقبل عباس يوم الخميس الرئيس الألماني يواكيم جاوك الذي يقوم بأول زيارة له للمنطقة. ودعا جاوك بعد المحادثات مع عباس الى استئناف المفاوضات. وفي المؤتمر الصحفي المشترك جدد الزعيم الفلسطيني التزامه بالسلام لكنه لم يعط أي مؤشر على انه يبحث العودة الى مائدة التفاوض ما لم يتوقف البناء في المستوطنات. وكانت رفات الفلسطينيين مدفونة في جبانة عسكرية اسرائيلية معزولة "لمقاتلي العدو" في الضفة الغربيةالمحتلة في مكان يطلق عليه الفلسطينيون "مقبرة الارقام" لان المقابر لا تحمل اسماء. وأُعيدت الاسماء الى الرفات لدى عودتهم وبمجرد ان انتهت المراسم تقدم أفراد الأسر لتسلم نعوش أقاربهم وحملوها على الاكتاف. وجرى تكريم خاص لسبعة رجال تسبب الهجوم الذي شنوه في عام 1975 على تل ابيب في اصابة اسرائيل بصدمة. وشمل التكريم اطلاق المدفعية 21 طلقة. وكان الفلسطينيون السبعة قد وصلوا الى تل ابيب عن طريق البحر ليلا عام 1975 وسيطروا على فندق سافوي مطالبين بالإفراج عن سجناء فلسطينيين. وانتظر الفلسطينيون في قطاع غزة عند معبر اريز لاستلام رفات 11 ناشطا. ونقلتهم حماس الى المدينة في 12 عربة بيضاء عليها العلم الفلسطيني. وقال خالد البطش من حركة الجهاد الاسلامي ان رسالة الشهداء الذين فجروا أنفسهم في تل أبيب وحيفا وأماكن أخرى هي ان الحرية قادمة وان الحقوق لا يمكن الحصول عليها بالتوسل وانما تنتزع. وقالت امرأة انه بالنسبة للفلسطينيين فان الاشخاص الذين أُعيدت رفاتهم يوم الخميس تم تكريمهم كشهداء ابطال حرموا حتى الان من ان يكون لهم مقابر تزورها عائلاتهم وتضع عليها الزهور وتتلو القران. ومن بين الرفات العائدة رفات ريم الرياشي وهي انتحارية من حركة حماس فجرت نفسها عند نقطة تفتيش للجيش الاسرائيلي عام 2004 وقتلت اربعة جنود. (إعداد: رفقي فخري للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)