قدمت الدول الكبرى الست خلال محادثاتها النووية الجارية مع ايران في بغداد الاربعاء والتي ستتواصل غدا الخميس "عرضا جديدا" لطهران، التي طرحت بدورها مقترحات مضادة تقوم على مبدأ "الخطوة مقابل الخطوة". وقال مايكل مان المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون للصحافيين قرب مقر الاجتماع في المنطقة الخضراء المحصنة "بالتاكيد نحمل مقترحات تهم ايران" وتتعلق بالازمة الطويلة حول الملف النووي الايراني المثير للجدل. واوضح "لدينا عرض جديد يعالج بواعث القلق المحيطة بالبرنامج النووي الايراني (...) ونامل من الايرانيين ان يقدموا ردا ايجابيا على عرضنا". في مقابل ذلك، قدم الوفد الايراني عرضا مضادا للدول الست الكبرى، بحسب ما اكد احد اعضاء الوفد. وقال المسؤول الايراني ان بلاده "اقترحت عرضا يقوم على خمس نقاط ويستند الى مبدأ الخطوة مقابل الخطوة (...) ونحن ننتظر رد فعل مجموعة 5+1 خلال الاجتماعات اللاحقة". واضاف انه "استنادا لما اتفقنا عليه في اسطنبول، فان معاهدة الحد من الانتشار النووي هي الاطار، والمبدأ هو الخطوة مقابل الخطوة". وتابع "ستكون لنا مفاوضات مع (وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين) اشتون والممثل الصيني والليلة ستكون هناك جولة جديدة من المفاوضات، وستكون هناك ايضا مفاوضات غدا" الخميس. بدوره قال مصدر ايراني آخر لوكالة فرانس برس "اوضحنا للطرف الآخر انه يجب ان تكون هناك مقاربة عامة، اي انه يجب تحديد كل خطوة يتخذها كل طرف والا تكون هناك عودة الى الوراء". واوضح "مثلا، اذا رفعوا عقوبات ما فيجب الا يعودوا ويعتمدوها تحت عنوان آخر بعد شهرين". وقبل ذلك، اعلن مصدر في الدول التي تتفاوض مع ايران لوكالة فرانس برس ان الرد الايراني في بداية الاجتماع الاول "كان عبارة عن 25 دقيقة من الخطاب البلاغي من دون ان تكون هناك استجابة ايجابية". وتسعى دول مجموعة 5+1 (الولاياتالمتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا اضافة الى المانيا) الى اقناع ايران بتعليق عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% خصوصا، والموافقة على تطبيق البروتوكول الاضافي الذي ينص على اجراء عمليات تفتيش مباغتة للمواقع النووية الايرانية. وقد اعلنت ايران الثلاثاء انها زودت مفاعل الابحاث في طهران بوقود نووي مخصب بنسبة 20% تم انتاجه محليا. وترغب الدول الست الكبرى ايضا في ان توضح طهران موقفها من المزاعم التي وردت في تقارير للوكالة الدولية للطاقة الذرية وتشير الى ان ايران كانت تمتلك في عام 2003 "برنامجا منظما" حول "نشاطات تتعلق بتطوير جهاز تفجير نووي". وتاتي اجتماعات اليوم بعد محادثات اسطنبول منتصف نيسان/ابريل الماضي التي كانت الاولى من نوعها منذ 15 شهرا. وتعقد المحادثات في قصر الضيافة التابع لرئاسة الوزراء في المنطقة الخضراء، وسط اجراءات امنية مشددة شملت نشر الاف الجنود وعناصر الشرطة في مناطق شمال بغداد وغربها وجنوبها. وكانت وسائل اعلام غربية استقبت الاجتماعات ونشرت ما ذكرت انها تفاصيل "العرض الجديد" والذي لا يشمل تعليق عقوبات، وانما يستند الى وعد بالا تفرض عقوبات جديدة على طهران والموافقة على حصول ايران على قطع غيار لطائراتها وامكان تعليق الحظر الاوروبي المفروض على السفن الايرانية التي تنقل النفط. ويشمل هذا العرض ايضا دعوة سابقة الى ايران لارسال مخزونها من اليورانيوم المخصب الى الخارج في مقابل حصولها على وقود لمفاعلها الذي يستخدم لاغراض طبية. وعلقت وكالة الانباء الايرانية الرسمية "ارنا" على هذه المسالة بالقول ان عرض مجموعة 5+1 "قديم وغير مفهوم وغير متوازن". وكان كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي سعيد جليلي قال قبيل انطلاق المحادثات بحسب ما نقلت عنه وكالتا فارس ومهر "نشعر بان الغرب فهم انه قد فات اوان استخدام استراتيجية الضغط التي يتبعها". وذكرت قناة العالم الايرانية من جهتها ان الوفد الايراني سيطلب خلال المحادثات رفع العقوبات المفروضة على ايران، وخصوصا تلك المرتبطة بقطاع النفط، من دون ان تسمي مصادرها. وتؤكد ايران ان برنامجها محض سلمي لكن جانبا من المجتمع الدولي يرى فيه محاولة خفية لحيازة سلاح نووي خصوصا في ظل بلوغ التخصيب مستوى 20 بالمئة، وقد اخضعت ايران لعقوبات شديدة لردعها عن متابعة هذه الانشطة. وجدد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد قوله الاربعاء انه "استنادا الى تعاليم الاسلام (...) فان انتاج واستخدام اسلحة الدمار الشامل حرام، ولا مكان له في العقيدة الدفاعية لجمهورية ايران الاسلامية". وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو اعلن خلال زيارة لطهران الاثنين ان الوكالة وايران ستوقعان قريبا "اتفاقا" يهدف الى تبديد الغموض حول طبيعة البرنامج النووي الايراني. غير ان هذا الاعلان قوبل بتحفظ وصل الى حد التشكيك في الولاياتالمتحدة وفي اسرائيل حيث حذر وزير الدفاع ايهود باراك من تقديم اي تنازلات لايران خلال اجتماعات بغداد. وفي السياق نفسه، راى دبلوماسي مطلع على الملف ان ليس هناك ما يضمن التوصل الى نتائج "ملموسة" خلال اجتماعات بغداد، بل انها قد لا تسفر سوى عن اتفاق على اجراء محادثات عمل تقنية بشكل منتظم.