مزار الشريف (افغانستان) (رويترز) - تسترجع جولام المساء الذي فرت فيه من منزلها في شمال افغانستان وكيف راحت تركض هي وبناتها المراهقات تحت جنح الليل لتجنب إعداد العشاء لعشرين من مقاتلي حركة طالبان. وقالت جولام وهي تجذب شالا مخططا كانت قد لفته بإحكام حول وجهها الهزيل "اقتحم ذلك الطالباني بابي وطالبني بأن اطهو لهم الطعام. لكن لم يكن لدي مال وكنت أخشى أن يأخذوا بناتي." وفي تلك الليلة قبل نحو ستة اشهر انضمت جولام واسرتها الى نصف مليون نازح افغاني تركوا ديارهم لاسباب يتعلق اغلبها بالصراع لكن بينها ايضا الكوارث الطبيعية وهو رقم يزداد باطراد منذ 2008. ومن شأن تصاعد العنف مع استعددا القوات المقاتلة التابعة لحلف شمال الاطلسي للرحيل بنهاية 2014 وضعف الافاق الاقتصادية في مواجهة تقلص المساعدات ان يسبب كارثة انسانية لافغانستان التي يعيش ثلث سكانها بالفعل تحت خط الفقر. وقالت جولام لرويترز خلال زيارة لمقر الاممالمتحدة في مزار الشريف عاصمة اقليم بلخ في شمال افغانستان "الوضع الامني في البلد مترد. هناك المزيد من (اللاجئين) كل يوم." وغادرت جولام قريتها الجبلية الى مقاطعة على الحدود مع اوزبكستان حيث تعيش الان في مسكن مؤجر. وفي ظل عدم قدرتها على ايجاد عمل تتلقى جولام وهي ارملة عطايا ضئيلة من اقاربها الرجال. وتقول ان زوجها قتل في هجوم للمتمردين. وحذرت مسؤولة الشؤون الانسانية بالاممالمتحدة فاليري اموس خلال لقائها بالنازحين في شمال البلاد أواخر الاسبوع الماضي من ان محنتهم قد تتفاقم عندما تنفد المبالغ التي تتدفق على البلاد في اطار الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة وجهود اعادة الاعمار. وقالت اموس لرويترز "نحن قلقون من ان يتعرض الناس للنسيان. نحن قلقون من الا تتوفر الموارد المالية التي نحتاجها للبلاد." واشارت الى تقرير أصدره البنك الدولي في الآونة يقول ان ما يصل الى عشرة بالمئة من القوى العاملة في افغانستان تستفيد من المساعدات. وحذرت من ان "الالاف معرضون لخطر فقد وظائفهم" قائلة انه عندما تتوقف المساعدات سيزيد عدد العاطلين او النازحين. وقال ميرويز رابي مدير الصحة العامة في بلخ لآموس في اجتماع مع مسؤولي الاقليم "سنحتاج المزيد من المساعدة لتجنب كارثة." وتقول منظمة العفو الدولية ان 400 افغاني ينزحون عن ديارهم كل يوم وتتوقع المنظمة ارتفاع هذا الرقم. وقالت ديلبار التي تركت منزلها في اقليم جوزجان في الشمال قبل نحو ثمانية اشهر بعدما هدد المتمردون ابناءها بالعنف عندما رفضوا الانضمام اليهم "سيكون الوضع مشابها لما حدث عندما غادر الروس." وبعد الهزيمة المذلة للسوفيت في حربهم التي استمرت عشر سنوات ضد المجاهدين الأفغان عام 1989 واصلت موسكو دعم حكومة محمد نجيب الله الشيوعية. لكن عندما انهار الاتحاد السوفيتي بعد عامين تلاشى الدعم واطيح بنجيب الله عام 1992 ونشبت حرب اهلية في افغانستان. وشهدت الشهور الستة الاولى من 2011 تصاعدا كبيرا في الاضطرابات حيث ارتفع عدد القتلى والجرحى المدنيين للعام خامس على التوالي. وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان نحو 100 الف شخص نزحوا عن ديارهم خلال هذه الفترة. واظهرت ارقام الاممالمتحدة في يناير كانون الثاني ان طلبات اللجوء السياسي التي تقدم بها افغان بلغت اعلى مستوى لها في عشر سنوات. واغلب هذه الطلبات من اشخاص يسعون للعمل في الخارج. وحتى في العاصمة كابول التي يتباهى فيها الافغان الاثرياء ببناء منازل فخمة يوجد نحو 35 الف نازح يعيشون في 30 خيما مؤقتا. وقال عبد الصمد وهو مسن من اقليم لغمان في شرق البلاد في مخيم باروان للاجئين قرب وسط كابول "لا نستطيع الذهاب الى منازلنا لان القتال عنيف وفي الوقت نفسه لا سبيل لنا لكسب أقواتنا هنا." وتقدمت اغلب الاسر في المخيم وعددها 110 أسر بطلبات للحصول على مساكن واراض في اطار برنامج حكومي. وفي حين تنتظر هذه الاسر انتهاء اطار زمني يكون عادة خمس سنوات فهي تعمل في نقل الطعام مقابل 15 افغاني في الساعة (28 سنتا) وتوفر المنظمات غير الحكومية الاجنبية بعض الطعام والمأوى. وتنهد عبد الصمد قائلا "جيراننا لن يسمحوا لنا بالدخول مرة أخرى" في اشارة الى ايران وباكستان حيث لا يزال يعيش الملايين من اللاجئين الافغان الذين فروا من الحرب السوفيتية وطالبان. واضاف "لذلك ما من شك اننا عددنا سيزداد."