واشنطن (رويترز) - ما زالت المعركة حول البيت الأبيض الامريكي في مراحلها الأولى وكثيرا ما تكون هذه المراحل هي المراحل السخيفة في السباق في وقت يمكن أن تطغى فيه قضايا خلافية حول أي المرشحين أفضل في مسائل ثانوية على القضايا الأهم مثل الاقتصاد والأمن القومي. لكن في النهاية فإن الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في السادس من نوفمبر تشرين الثاني بين الرئيس الديمقراطي الحالي باراك أوباما والمرشح المفترض للحزب الجمهوري ميت رومني ستتوقف على الولايات العشر المنقسمة سياسيا ومنها تسع ولايات فاز بها اوباما عندما هزم المرشح الجمهوري جون مكين عام 2008 . وتتنوع هذه الولايات بين معاقل سابقة للحزب الجمهوري مثل نورث كارولاينا وفرجينيا إلى ولايات أخرى تمثل ساحة معارك حقيقية هي أوهايو وفلوريدا ونيفادا حيث يمنح الاقتصاد المضطرب في هذه الولايات رومني فرصة لتحقيق تقدم. كما أن هناك منافسة محتدمة في ولايات بنسلفانيا وكولورادو وأيوا وأريزونا ونيوهامبشير. ووسع أوباما بشكل جذري من مجال شعبية الحزب الديمقراطي عام 2008 عندما فاز في ولايات مثل انديانا التي لم تدعم أي مرشح رئاسي ديمقراطي منذ الستينات. وفي سباق هذا العام الذي تشهده كل ولاية على حدة للحصول على 270 من المجمع الانتخابي وهو العدد اللازم للفوز في الانتخابات اتضح في فترة مبكرة أن اوباما هو الأوفر حظا في ولايات ستعطيه 227 صوتا. بينما يتقدم رومني في ولايات ستعطيه 180 صوتا. وهذا يمنح أوباما مجالا أكبر من رومني مع تنافس الاثنين على 131 صوتا في المجمع الانتخابي في الولايات "المتأرجحة". وأصوات المجمع الانتخابي لأي ولاية تعكس عدد المقاعد التي تشغلها في الكونجرس والتي تستند في الاغلب الى عدد السكان. ويمكن لولايات أكبر مثل كاليفورنيا التي لديها 55 صوتا في المجمع الانتخابي ومن المرجح أن تنتخب أوباما وتكساس التي لديها 38 صوتا ومن المرجح أن تؤيد رومني أن تصبح عنصر مفاجأة لكن في السباقات الرئاسية المحتدمة فإن الولايات المنقسمة بفارق ضئيل مثل أوهايو (18 صوتا) هي التي تحدد النتيجة في العادة. وفي كل الولاياتالامريكية باستثناء مين ونبراسكا يحصل الفائز بأعلى عدد من أصوات المجمع الانتخابي للولاية بكل الاصوات في نهاية الامر. وعندما حصل اوباما على 365 صوتا من المجمع الانتخابي ونحو 53 في المئة من الأصوات الشعبية ليهزم مكين في 2008 كانت نسب التأييد لأوباما قوية ولم يكن له سجل معروف فيما يتعلق بالإنفاق وعجز الميزانية والرعاية الصحية حتى يمكن لخصومه انتقاده. لكن بعد أن تجاوزت نسبة البطالة ثمانية في المئة ومع وجود شكوك لدى المواطنين بشأن قيادة اوباما في مجال الاقتصاد وخطته التاريخية لتعديل الرعاية الصحية ساعدت كل تلك العوامل على خفض نسب تأييده إلى ما دون 50 في المئة منذ ذلك الحين. وهذا عرضه لاحتمال الهزيمة في الولايات الرئيسية التي سبق أن فاز بها في 2008 . وقال بروس هاينز من (بيربل ستراتيجيز) وهي مؤسسة للاستشارات تجري استطلاعات رأي شهرية في الولايات المتأرجحة "سيتخذ اوباما موقفا دفاعيا لكن هناك بعض التنازلات التي يمكن تقديمها وسيظل قادرا على الفوز." ويتجه كل من أوباما ورومني إلى الحملة بقاعدة راسخة من الولايات التي يمكن أن يتوقعا فوزا سهلا فيها. ويتعين على أوباما الدفاع عن سبع ولايات فاز بها في سباق 2008 بفارق أقل من عشر نقاط مئوية هي كولورادو وأوهايو وانديانا ونيوهامبشير وفرجينيا ونورث كارولاينا وفلوريدا. ومن المرجح فوز رومني في ولاية انديانا التي تؤيد عادة الحزب الجمهوري. لكن حتى يتسنى لرومني حرمان اوباما من النصر وتولي فترة رئاسية ثانية عليه الفوز في ولايات متأرجحة تشهد سباقا محتدما مثل أوهايو وفلوريدا إلى جانب ولايات معروف عنها تاريخيا أنها ولايات محافظة مثل نورث كارولاينا وفرجينيا بالاضافة الى ولاية واحدة أو اثنتين من الولايات المتأرجحة الأخرى. وتظهر استطلاعات الرأي احتدام المنافسة في كل الولايات الرئيسية لكن أوباما متقدم قليلا في اوهايو وفلوريدا اللتين تمثلان حجر زاوية لفوز رومني. وتعد حملة اوباما بالتنافس في كل الولايات التي فاز بها في 2008 وتأمل أن يتعزز موقفها في ولاية أريزونا بجنوب غرب البلاد بمساعدة من السكان ذوي الأصول اللاتينية الذين يميليون إلى الحزب الديمقراطي. وإذا تمكن رومني من الفوز في جميع الولايات الاثنتين والعشرين التي فاز بها مكين في سباق 2008 فمن الممكن ان يبدأ طريقه إلى البيت الأبيض من خلال استعادة انديانا وفرجينيا اللتين لم تؤيدا مرشحا رئاسيا ديمقراطيا منذ عام 1964 حتى عام 2008 عندما اختارتا اوباما والفوز في نورث كارولاينا التي ظل دعمها للحزب الجمهوري مضمونا منذ عام 1976 . وتظهر الولايتان الرئيسيتان اللتان تحتدم بهما المعركة وهما أوهايو وفلوريدا -اللتان حددتا الفائزين في سباقات سابقة- مرة اخرى باعتبارهما أهم ولايتين في المعضلة الانتخابية امام رومني. وتعاني الولايتان بشدة من الاضطراب الاقتصادي في ظل رئاسة أوباما لكن نسبة البطالة في أوهايو تحسنت قليلا لتقل عن المتوسط الوطني. وفلوريدا واحدة بين أربع ولايات رئيسية إلى جانب نيفادا ونورث كارولاينا وأريزونا ترتفع بها معدلات البطالة عن المتوسط الوطني الذي يبلغ 8.2 في المئة. وحتى إذا استعاد رومني فرجينيا ونورث كارولاينا وانديانا وأوهايو وفلوريدا وعدد أصواتها الاجمالية في المجمع الانتخابي هي 86 صوتا فسيتبقى امام رومني أربع أصوات حتى يحصل على 270 صوتا مطلوبا مما يجعله مضطرا لاقتناص ولاية أخرى رئيسية. وقال بيتر براون من مؤسسة كوينيبياك لاستطلاعات الرأي "من الصعب للغاية تصور فوز رومني بدون الفوز في هذه الولايات الخمس." ويرد تود هاريس خبير الاستراتيجيات في الحزب الجمهوري على هذا الرأي قائلا إن أداء اوباما في مجال الاقتصاد ولكونه الرئيس الذي ارتفع في عهده الدين الاتحادي ليتجاوز الان 15 تريليون دولار سيصعب أكثر مساعي الرئيس لإعادة انتخابه. وأضاف هاريس "ستكون هذه المرة أصعب كثيرا على الرئيس مقارنة بعام 2008... ورغم ان حملة أوباما تحاول أن تصور أن هذه الانتخابات محورها التنافس مع ميت رومني فإن الواقع هو أنها ستكون استفتاء على اداء الرئيس وما إذا كان الناس يريدون قضاء أربع سنوات اخرى بالطريقة ذاتها." ويأمل الديمقراطيون أن تؤدي تصريحات متشددة للحزب الجمهوري فيما يخص الهجرة -منها معارضة رومني لمشروع قانون يمنح الوضع القانوني لأبناء المهاجرين بشكل غير مشروع الذين يخدمون في الجيش أو يلتحقون بالجامعة- إلى دفع الناخبين من أصول لاتينية في اتجاه الديمقراطيين. وحصل أوباما على نحو ثلثي أصوات الناخبين من ذوي الأصول اللاتينية في 2008 . وقال هاريس "ليس هناك مجال على الإطلاق في أن يكون أداء أوباما هذه المرة أفضل من 2008... السؤال المطروح في الانتخابات هو الى اي مدى كان أداؤه سيئا." (إعداد دينا عفيفي للنشرة العربية - تحرير أميرة فهمي)