طهران (رويترز) - سيحقق الموالون للزعيم الاعلى الايراني اية الله على خامنئي وهو من المعادين بشدة للغرب ومساعيه لتقييد النشاط النووي لطهران نصرا على ما يبدو في الانتخابات البرلمانية على حساب الرئيس محمود أحمدي نجاد في اطار التنافس على السلطة بين المتشددين. وانقلب خامنئي على الرجل الذي سانده في انتخابات رئاسية أثارت نزاعا في عام 2009 بعد أن تحدى أحمدي نجاد سلطة الزعيم الاعلى بشأن شغل مناصب رفيعة في الحكومة. وأظهر أحمدي نجاد الذي انتخب لاول مرة في عام 2005 علامات على سعيه لمنح الرئاسة صلاحيات حقيقية بعد أن ظلت دائما تلعب ومنذ تأسيس الجمهورية الاسلامية دورا تابعا للزعيم الاعلى في كل أمور الدولة مثل السياسة النووية والسياسة الخارجية. ولكن خامنئي لا يزال في مقعد القيادة ومن غير المحتمل أن تغير نتيجة الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في الثاني من مارس اذار موقف ايران المتحدي للغرب بشأن برنامجها النووي بالرغم من تشديد العقوبات واحتمال نشوب مواجهة عسكرية في وقت لاحق. وضمن تحالف بين رجال الدين والحرس الثوري الايراني والتجار ذوي النفوذ ألا يتمكن كثير من الساسة المؤيدين لاحمدي نجاد من الترشح للبرلمان. ويقول سياسيون ان مجلس صيانة الدستور المؤلف من ستة من رجال الدين وستة من القضاة والذي يفحص أوراق المرشحين منع كثيرا من أنصار أحمدي نجاد من ترشيح أنفسهم مما اضطره الى اختيار سياسيين غير معروفين أصغر سنا. قال مسؤول مشارك في عملية فحص المرشحين متعددة المستويات "لا توجد صلة علنية بينهم وبين معسكر أحمدي نجاد ولكن المجلس (مجلس صيانة الدستور) كان على قدر من الحكمة يكفي لان يتعرف عليهم وقرر أن نحو 45 في المئة من أنصاره (أحمدي نجاد) غير مؤهلين." وستعلن قائمة للمرشحين المؤهلين في 21 فبراير شباط. وفي ظل عدم مشاركة الاصلاحيين المطعون فيهم فان ذلك سيترجم الى أغلبية برلمانية تضم خصوم أحمدي نجاد في اطار صراع على السلطة بين رجال الدين المحافظين والساسة المحافظين. وعرقل خامنئي جهود أحمدي نجاد المبدئية في بداية رئاسته للتوصل الى حل وسط بشأن نزاع نووي أدى الى تشديد مجموعة من العقوبات ويهدد بتحرك عسكري أمريكي أو اسرائيلي لمنع طهران من الحصول على أسلحة ذرية. وتقول ايران ان برنامجها النووي الذي بدأ في عهد الشاه المدعوم من الولاياتالمتحدة له أهداف سلمية فقط طبية ولتوليد الطاقة. وظهر الخلاف بين المتشددين على السطح في أبريل نيسان الماضي عندما أعاد خامنئي وزيرا للمخابرات بعد ان أقاله أحمدي نجاد ليحبط مساعي الرئيس لتعيين أحد المقربين منه في الوزارة التي تشارك أيضا في فحص أوراق المرشحين. وهدد المشرعون منذئذ بالبدء في اجراءات لمساءلة أحمدي نجاد بهدف عزله بينما اتهمه اخرون بانه واقع تحت تأثير "تيار منحرف" من المستشارين الذين يسعون لتقويض دور رجال الدين في المؤسسة الاسلامية. قال المحلل السياسي حميد فرح واشيان "هذا الهجوم مستحيل بدون ضوء أخضر من خامنئي." وحقق أحمدي نجاد - المهندس والضابط السابق في الحرس الثوري والذي لم يكن في السابق رجل دين - سياسات تستهدف كسب تأييد الشعب لبناء قاعدة سلطته. وقال مسؤول سابق طلب عدم الكشف عن هويته "يعرف معسكر أحمدي نجاد الان انهم خسروا اصوات المؤيدين الرئيسيين ... بسبب تحدي دور المؤسسة الدينية." واضاف "العشرة أو الخمسة عشر مليون مؤيد الرئيسيين للنظام سيصوتون لمعسكر خامنئي. معسكر أحمدي نجاد يسعى للحصول على اصوات القوميين." ويقول محللون ومنتقدون انه مع فضيحة الفساد التي تخيم على حكومته يجب على احمدي نجاد - الذي يجب ان يترك منصبه العام القادم بعد انتهاء فترتيه الرئاسيتين - لن يكون قادرا على تنصيب احد الموالين له في منصبه. وتمثل الهجمات على احمدي نجاد تحولا عن عام 2009 عندما أيد خامنئي اعادة انتخابه في انتخابات قال الاصلاحيون انها زورت مما تسبب في ثمانية اشهر من اضطرابات الشوارع العنيفة كانت الاسوأ في تاريخ الجمهورية الاسلامية. واخمدت الحكومة الانتفاضة الشعبية بالقوة لكن الانتفاضات الشعبية العربية التي وقعت بعد ذلك اثبتت ضعف الحكومات المستبدة امام الغضب الشعبي الذي تشعله الصعوبات الاقتصادية. ولا يشارك اصلاحيون بارزون في الانتخابات التي تجرى الشهر القادم ويقولون انها لن تكون انتخابات نزيهة. وفرضت الاقامة الجبرية على الزعيمين المعارضين اللذين خسرا في الانتخابات الرئاسية عام 2009 وهما مير حسين موسوي ومهدي كروبي لمدة عام. ويتهم انصار خامنئي من المتشددين معسكر أحمدي نجاد باتباع مدرسة "ايرانية" في الاسلام وهي ايديولوجية يعتبرها البعض خلطا لا محل له بين الدين والقومية. ويتهم احمدي نجاد خصومه بخرق القوانين بتوجيه السباب اليه وهددهم بالسجن. واهانة مسؤولين كبار جريمة يعاقب عليها القانون الايراني بالسجن مدة اقصاها سنتين. وتتحدد السياسة في ايران الى حد كبير بمحاولات ادعاء الاحقية في ارث اية الله الخميني الاب الروحي للثورة. ويصور كل من المعسكرين نفسه على أنه الاكثر قدرة على الدفاع عن التزامه بالاسلام والعدالة الاجتماعية. وخامنئي هو ثاني زعيم أعلى في ايران يفترض أنه الحكم المحايد في الحياة السياسية والمرجعية الاسلامية العليا في شؤون الدولة في حين أن الرؤساء يأتون ويذهبون. وربما يأمل خامنئي الذي نجا من محاولة اغتيال في عام 1981 في تأمين الرئاسة لاحد المقربين منه مثل مستشاره علي اكبر ولايتي أو وزير الخارجية علي اكبر صالحي. وكان ولايتي وزيرا للخارجية خلال الحرب بين ايران والعراق في الثمانينات ويشترك مع خامنئي في وجهات نظره السياسية في حين ان صالحي قوة دافعة وراء البرنامج النووي الايراني. وبدأت العقوبات الغربية التي تهدف الى ارغام ايران على تقديم تنازلات نووية في الحاق الضرر بواردات الطاقة والمواد الغذائية ولكن العديد من الايرانيين ينحون باللائمة على سياسات أحمدي نجاد في ارتفاع الاسعار. ويقولون ان خفض دعم المواد الغذائية والوقود مقابل مبلغ حوالي 38 دولارا يدفع للفرد بشكل مباشر شهريا أدى الى اذكاء التضخم. ويبلغ معدل التضخم حاليا وفقا لما هو معلن رسميا حوالي 20 في المئة بينما يقدره بعض الاقتصاديين بنحو 50 في المئة. وقال أحد المحللين الذي رفض الكشف عن اسمه ان "الناس في البلدات والقرى يدعمون أحمدي نجاد. انهم يخشون من توقف توزيع الاعانات النقدية في حالة فوز المعسكر المنافس." كما يتعرض احمدي نجاد لاكبر فضيحة احتيال في ايران تم الاعلان عنها بموافقة خامنئي. والقي القبض على العشرات بمزاعم اختلاس 2.6 مليار دولار من اموال الدولة. ويواجه خمسة من هؤلاء المعتقلين الاعدام. وينفي الرئيس ارتكاب الحكومة اي مخالفات. ويهدد الخلاف بين المتشددين باحداث نتائج عكسية في كلا المعسكرين اذا تجاهل الناخبون المستاؤون بسبب الانتخابات الرئاسية في عام 2009 الانتخابات التي تتيح لهم خيارا محدودا في نظام يخضع لرقابة صارمة. وقال فرح فاشيان "التصويت في المدن الكبرى أكثر تسييسا. الا انني اعتقد ان نسبة الاقبال لن تكون مرتفعة جدا حيث ما زال كثير من الناس يشعرون بالاحباط بسبب انتخابات عام 2009."