القاهرة - ترشيد الاستيراد يمثل أهمية بالغة للعبور الآمن لاقتصادنا القومي في ظل الظروف الصعبة الراهنة وهذا ما تسعي إليه حكومة الدكتور كمال الجنزوري الآن.. لكن ترشيد الاستيراد له اصول وقواعد لضمان عدم المساس بشرعية الاقتصاد الحر والحماية الشرعية للصناعة الوطنية.. حول تحقيق هذه المعادل تناقش جريدة "الجمهورية" هذه القضية مع خبراء الاستثمار للوصول إلي آليات تحد من الفجوة من الاستيراد والتصدير. في البداية أكد خبراء الاستثمار أن ترشيد الاستيراد يتحقق من خلال تأكيد شرعية السلع التي تدخل البلاد وتطبيق المواصفات القياسية وتشجيع الصناعة الوطنية وتفعيل برنامج تعميق الصناعة الوطنية. قالوا ان التهريب يمثل عائقاً كبيراً أمام ترشيد الاستيراد فهناك أكثر من 60% من السلع المستوردة تدخل البلاد بطرق غير شرعية الأمر الذي أدي إلي فوضي لاستيراد وانتشار السلع الرديئة وكذلك السلع الاستفزازية والترفيهية. قال الخبراء انه لا بديل عن احكام الرقابة داخل الأسواق وعلي المنافد الجمركية واعادة النظر في أنظمة الاستيراد المختلفة التي تعاني من ثقوب تسمح بتهريب السلع كما يحدث في تجارة الترانزيت والسماح المؤقت والمناطق الحرة. الضوابط والسوق المفتوحة المهندس محمد فرج عامر رئيس جمعية مستثمري مدينة برج العرب يقول ان السيطرة علي الاستيراد يحتاج إلي ضوابط تتوافق مع سياسة السوق المفتوحة التي تنفذها مصر مؤكداً أن مشكلة الاستيراد هي الفوضي وعدم تقنين العمل بهذا القطاع مؤكداً أن السلع التي تدخل البلاد 60% منها تدخل بطريق غير شرعية. حذر فرج الله من الاستخدام الخاطئ لمعني الأسواق الحرة فالأسواق الحرة لا تعني الفوضي والتهريب وهذا الأمر يحتاج إلي تنظيم وتنسيق ولابد من ايجاد ضوابط حاكمة وفي نفس الوقت لابد من ازالة الأعباء المالية والمعوقات التي تواجه الصناعة مثل البيروقراطية والمغالاة في الفوائد البنكية وتعدد جهات خدمة المستثمر فكلها معوقات تحد من القدرة التنافسية للصناعة الوطنية. اضاف عامر أن ترشيد الاستيراد يحتاج إلي السير في اتجاهين الأول توفير بيئة صالحة للاستثمار الصناعي والثاني تفعيل قرار تشجيع المنتج المحلي وإلزام الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع العام بشراء المنتج المحلي وعدم استيراد سلعة لها مثيل محلي وأن يكون الاستيراد في أضيق الحدود. .. حذر عامر من استيراد السلع الاستفزازية والترفيهية التي تشكل معدلات التنمية الاقتصادية.. حذر أيضاً من ان الاعتماد علي الاستيراد في اختناقات السوق يكون له عواقب وخيمة علي الاقتصاد القومي. المواصفات العالمية فريد الطوبجي رئيس شعبة انتاج السيارات باتحاد الصناعات يقول ان ترشيد الاستيراد يتحقق من خلال حماية الصناعة الوطنية بالطرق الشرعية مثل تطبيق المواصفات العالمية ورفع كفاءة المنتج المحلي وذلك ينعكس ايجابياً لمصلحة المستهلك حيث تدخل مصر سلع رديئة الأمر الذي يتطلب التصدي لهذه الممارسات ووضع مواصفات قياسية مصرية تدخل السلع المستوردة من خلالها. قال الطوبجي ان ترشيد الاستيراد يتحقق من خلال مراجعة الاتفاقيات التي تضر بالصناعة المحلية ولابد من الحماية المباشرة لهذه الصناعة كما يحدث في جميع دول العالم وكل دولة تحرص علي حماية منتجها المحلي وهذا ما يحدث في البرازيل والهند وفي العديد من دول العالم فلماذا مصر لا تتبع مثل هذه الدول واتخاذ الإجراءات المناسبة للحماية في إطار ضوابط منظمة التجارة العالمية. المناقصات والمزايدات المهندس محمود سلطان أمين صندوق جمعية مستثمري مدينة العاشر من رمضان يقول ان ترشيد الاستيراد يحتاج إلي اعادة النظر في السياسات المعمول بها في المناقصات والمزايدات وكذلك مدي مساهمات الخامات المحلية في الشركات الكبري التي تتم علي أرض مصر. قال أن هناك مشاريع كثيرة تقام علي أرض مصر وللأسف لا يتم تحديد نسبة واضحة فيها من الخامات المحلية وهذا أمر غاية الخطورة في المستقبل.. مؤكداً ضرورة تعظيم الاستفادة من مثل هذه المشروعات واستخدام المنتج المحلي وهذا ما تقوم به جميع الدول لحماية منتجاتها الوطنية. وتسأل لماذا يتم استخدام الخامات المحلية ما دامت الجودة واحدة وحتي لو كان السعر مرتفعاً بنسبة بسيطة للمنتج المحلي.. أكد سلطان أن استخدام المنتج المحلي يسهم في توفير فرص عمل للشباب وهذه ميزة تعوض زيادة سعر المنتج المحلي مؤقتاً. ضوابط أيمن رضا الأمين العام لجمعية مستثمري مدينة العاشر من رمضان يقول انه مطلوب ضوابط تحكم دخول السلع المستوردة إلي السوق المحلية مؤكداً ضرورة الاهتمام بالمواصفات والجودة لحماية الصناعة الوطنية من السلع المستوردة الرديئة. قال رضا ان تشجيع المنتج المحلي حماية مشروعة للصناعة الوطنية وهذا ما يجب تطبيقه خلال المرحلة المقبلة من خلال التركيز علي الجودة والسعر وإلزام جميع الجهات الحكومية بالصناعة الوطنية وعدم استيرادات التي لها مثيل محلي. اضاف رضا أنه مطلوب أيضاً الاهتمام بالسياسات الجمركية والضريبية والواردات علي أن يعاد النظر فيها بشكل يضمن عدم الاضرار بالصناعة الوطنية هذا بجانب ضرورة مراجعة فواتير الاستيراد ويكون ذلك علي جميع الواردات.. مشيراً إلي أن تقليل الأعباء المالية عن كاهل الصناعة الوطنية يساهم في ترشيد الاستيراد حيث خفض تكلفة الصناعة يسهم في حماية المنتج من الممارسات الضارة.