القاهرة (رويترز) - ضرب جنود متظاهرين بالهراوات في ميدان التحرير بوسط القاهرة يوم السبت في ثاني يوم من الاشتباكات التي اسفرت عن مقتل عشرة أشخاص واصابة المئات مما يعكر صفو أول انتخابات حرة تعيها ذاكرة معظم المصريين. وقال صحفي من رويترز ان المحتجين فروا الى شوارع جانبية هربا من قوات ترتدي زي مكافحة الشغب أمسكت بعدد من الاشخاص واعتدت عليهم بالضرب مرارا وتكرارا حتى بعد سقوطهم على الارض. وسمعت اصوات اعيرة نارية في الهواء. وعرض التلفزيون المصري لقطات للجنود وهي تزيل خيام المحتجين وتضرم فيها النيران. لكن المتظاهرين عادوا بالالوف الى الميدان مع حلول الليل واشتبكوا مع من يقفون على سطح مبنى تقوم بتأمينه قوات الجيش داخل مجمع البرلمان الذي يطل على شارع قصر العيني. وتبادل الجانبان الرشق بالحجارة وقنابل المولوتوف. وانخرطت مجموعات من النشطاء في تكسير بلاط أرصفة وقامت مجموعات أخرى بنقله الى مكان المواجهة لتستخدمه مجموعات ثالثة من النشطاء. وسلط نشطاء أضواء كاشفة على مباني البرلمان لتحديد من يرشقونهم بالحجارة وقنابل المولوتوف وانهالوا عليهم رشقا بالحجارة. وحين طارد من يرتدون زي قوات مكافحة الشغب المحتجين الى خارج ميدان التحرير التقطت كاميرات تلفزيون رويترز صورا تظهر أحد الجنود وهو يشهر مسدسا ويطلق أعيرة نارية على المحتجين المتراجعين. ولم يتضح ما اذا كان المسدس محشوا بذخيرة حية. وقال وزير الصحة فؤاد النواوي للتلفزيون المصري ان عدد القتلى منذ فض اعتصام أمام مبنى مجلس الوزراء بالقوة في الساعات الاولى من صباح الجمعة وصل الى عشرة أشخاص وأصيب 441. ويبدو ان معظم القتلى سقطوا يوم الجمعة أو في الساعات الاولى من اليوم السبت. وقال رئيس الوزراء كمال الجنزوري (78 عاما) والذي عينه المجلس الاعلى للقوات المسلحة ان 30 من قوة الحماية أمام البرلمان أصيبوا بجروح وان 18 شخصا أصيبوا باعيرة نارية. لكنه نفى أن تكون قوات من الجيش أطلقت ذخيرة حية على المتظاهرين. ولا تزال التوترات شديدة بعد عشرة أشهر من ثورة شعبية أطاحت بالرئيس حسني مبارك. وجاء هجوم الجيش على المحتجين يوم السبت في أعقاب مناوشات بين المحتجين والجنود أتت خلالها النيران على وثائق تاريخية نادرة يعود بعضها الى أكثر من 200 عام في مبنى المجمع العلمي القريب من ميدان التحرير. وقال بيان أصدره المجلس الاعلى للقوات المسلحة يوم السبت ونشرته وكالة أنباء الشرق الاوسط ان الشرطة العسكرية استهدفت بلطجية وليس متظاهرين وانها هاجمتهم بعد أن أطلقوا عليها أعيرة نارية وقنابل حارقة. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان ان باريس قلقة من أحداث العنف في ميدان التحرير وأدانت "الاستخدام المفرط للقوة" ضد المحتجين في القاهرة. وتأتي هذه الاشتباكات الدامية بعد اضطرابات راح ضحيتها 42 شخصا على الاقل في الاسبوع الذي سبق يوم 28 نوفمبر تشرين الثاني الماضي الذي شهد بداية الانتخابات البرلمانية التي اظهرت تقدما كبيرا للاسلاميين الذين تعرضوا للقمع خلال حكم مبارك. ومرت عملية الاقتراع في المرحلة الثانية من الانتخابات - التي تعتير جزءا من الانتقال الموعود من الحكم العسكري للحكم المدني في يوليو تموز المقبل - في هدوء نسبي يومي الاربعاء والخميس. وستجرى المرحلة الاخيرة من الانتخابات في 11 يناير كانون الثاني. واندلعت اشتباكات يوم الجمعة بين الاف المتظاهرين وجنود ورجال يرتدون ملابس مدنية شوهدوا في احدى اللقطات وهم يرشقون المتظاهرين بالحجارة من فوق سطح مبنى البرلمان. وقال الجنزوري ان ما يحدث ليس ثورة وانما انقضاض على الثورة. وقال انه يدعو كل القوى السياسية والحزبية والشبابية للتكاتف لتجاوز الصعوبات الحالية. وعبر محتجون في ميدان التحرير وبعض المصريين عن غضبهم مما قالوا انه تردد الجيش في تسليم السلطة وصبوا جام غضبهم على المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري ووزير الدفاع لمدة عقدين خلال حكم مبارك. وقال سائق سيارة اجرة "هذا يحدث لان طنطاوي ... يحكم البلد بنفس الطريقة التي كان يحكم بها مبارك." لكن مصريين اخرين يتوقون بشدة لعودة النظام عبروا عن استيائهم من الاضطرابات التي أضرت بالاقتصاد. وقال محمد عبد الحليم البالغ من العمر 21 عاما والذي يدير متجرا قرب التحرير "لا نستطيع العمل ولا نستطيع الحياة .. لماذا؟ لان بعض البلطجية سيطروا على الميدان ودمروا حياتنا. هؤلاء ليسوا ثوارا." ومن بين القتلى عماد عفت أمين الافتاء بدار الافتاءالمصرية. وقالت زوجته نشوى عبد الفتاح لرويترز ان عفت توفى اثر اصابته بطلق ناري. وردد مئات المشيعين في جنازته يوم السبت هتافا يقول "يسقط يسقط حكم العسكر". وقال مجلس استشاري مدني جديد تم تشكيله لمعاونة أعضاء المجلس العسكري انه سيعلق اجتماعاته الى ان يتوقف العنف. ودعا المجلس الى محاكمة المسؤولين وطالب الجيش بالافراج عن المعتقلين في الاضطرابات. وفي وقت لاحق أعلن عدد من أعضاء المجلس استقالاتهم منه. واستقال نائبا رئيس المجلس سامح عاشور وأبو العلا ماضي وعدد من أعضائه احتجاجا. وانتقد السياسيون الاسلاميون والليبراليون أساليب الجيش. وقالت جماعة الاخوان المسلمين في بيان انه يجب على الجيش أن يقدم اعتذارا واضحا وسريعا عن الجريمةالتي ارتكبت. وجاء في بيان نشرته وكالة انباء الشرق الاوسط أن المجلس العسكري عبر عن أسفه للاحداث التي وقعت يوم الجمعة لكه لم يقدم اعتذارا. وقال المجلس انه سيعمل على تلافي أسباب الاشتباكات. ونظم مئات النشطاء في مدينة الاسكندرية الساحلية ومدينة السويس شرقي القاهرة مظاهرات للاحتجاج على المجلس العسكري. وقال نشطاء في السويس ان ثلاثة من زملائهم أصيبوا بجروح في هجوم بلطجية عليهم بالعصي والسكاكين خلال تظاهرهم في ميدان الاربعين. وهتف المتظاهرون في الاسكندرية "التغيير التغيير لازم يبدأ بالمشير". (شارك في التغطية سعد حسين من القاهرة وهيثم فتحي من الاسكندرية)