بدأت بريطانيا الاربعاء باجلاء افراد طاقمها الدبلوماسي من ايران غداة اقتحام سفارتها في طهران من جانب متظاهرين مقربين من النظام، في هجوم أثار ردود فعل متناقضة داخل النظام الايراني. وذكرت مصادر دبلوماسية غربية في طهران ان لندن اجلت جزءا من موظفيها الدبلوماسيين -- حوالى عشرين -- الى دبي على متن رحلة تجارية ويفترض ان يغادر آخر الدبلوماسيين العاصمة الايرانية بعد ظهر اليوم. وتجري العملية بمساعدة وزارة الخارجية الايرانية وعدد من السفارات الاوروبية من بينها سفارة فرنسا التي امضى فيها الدبلوماسيون ليلتهم بعد نقلهم بسلام من مبنى بعثتهم ومقر دبلوماسي بريطاني سابق بعدما هاجم المقرين عشرات المتظاهرين الغاضبين وقاموا بتخريبهما. ولم تتدخل قوات الامن التي كانت موجودة بكثافة امام السفارة البريطانية لوقف المتظاهرين الذين وصفوا بانهم "طلاب من الباسيج" (الميليشيا الاسلامية)، بينما غطى التلفزيون الرسمي تحركهم مباشرة. وكان المتظاهرون يطالبون باغلاق البعثة البريطانية ردا على العقوبات الجديدة التي اقرتها لندن الاسبوع الماضي ضد ايران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية "نتيجة لاحداث الامس ومن اجل ضمان امن الدبلوماسيين فان افرادا من الطاقم الدبلوماسي يغادرون الان طهران"، مؤكدا بذلك معلومات اوردتها مصادر دبلوماسية في وقت سابق لفرانس برس. واضاف المتحدث ان "رئيس الوزراء (ديفيد كاميرون) ووزير الخارجية (وليام هيغ) اوضحا جليا ان سلامة طاقمنا واسرهم تبقى أولويتنا الراهنة". واعلنت الحكومة النروجية انها اغلقت سفارتها في طهران ايضا. واوضحت الناطقة باسم الخارجية النروجية هيلده شتاينفيلد لوكالة فرانس برس ان الدبلوماسيين النروجيين ما زالوا في طهران ولم يتخذ بعد قرار باجلائهم. كما اغلقت المدارس الفرنسية والانكليزية والالمانية في طهران حتى اشعار آخر في اجراء "وقائي"، كما ذكرت مصادر دبلوماسية. كما اثار الهجوم ادانات دولية حيث ادان مجلس الامن الدولي الحادث "بأشد العبارات الممكنة" في الوقت الذي اعربت فيه طهران عن "أسفها". فقد ندد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاربعاء باقتحام السفارة البريطانية في طهران وتخريبها. كما اعربت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون عن "ادانتها الشديدة"، مطالبة السلطات الايرانية بحماية الدبلوماسيين الاجانب المعتمدين لديها. وعبرت وزارة الخارجية الايرانية على الفور عن "اسفها للسلوك المؤسف لعدد قليل من المتظاهرين" ووعدت بان يكون لهجوم الثلاثاء "متابعة قضائية". واكد قائد الشرطة الايرانية الجنرال احمد رضا رادان الاربعاء ان عددا لم يحدده من المهاجين اوقفوا او تم التعرف عليهم وسيسلمون الى القضاء. وقالت وكالة الانباء فارس ان "عشرات" المتظاهرين اوقفوا. لكن المتشددين في النظام الذين يؤيدون مرشد الثورة آية الله علي خامنئي برروا تحرك المتظاهرين، معتبرين انه رد فعل شرعي في مواجهة "سياسة الهيمنة" التي تمارسها لندن حيال طهران. وقال رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني "هذا الغضب ناجم عن عقود من تحركات الهيمنة من جانب بريطانيا في إيران"، مؤكدا ان مجلس الشورى يدعو للهدوء -- ولكن المجلس يعتقد ان بريطانيا والولايات المتحدة "تسعيان لاستغلال" حادث السفارة. واضاف ان "التحرك المتسرع في مجلس الامن لادانة الحركة الطلابية يرمي الى التغطية على الجرائم التي اقترفتها بريطانيا واميركا قبلا، ويأتي رغم محاولة الشرطة (الايرانية) الحفاظ على الهدوء". وتابع "امس (الثلاثاء) احتج عدد من الطلاب الغاضبين من مسلك الحكومة البريطانية خارج السفارة ودخل عدد منهم السفارة". اما علاء الدين بوروجردي رئيس لجنة الامن والسياسات الخارجية بمجلس الشوري الايراني، فقد اكد ان ايران "تحترم كافة القوانين الدولية ومعاهدة فيينا (حول حماية البعثات الدبلوماسية) ولا يتعين على الدبلوماسيين او سفارات البلدان الاخرى الخشية بعد هذا الحادث". ورأى ان الطلاب عبروا عن "عواطفهم" تجاه "الماضي التاريخي الكريه للبريطانيين في ايران الذي سبب الكراهية لكل البلاد". وامتنعت الصحف الايرانية الاربعاء عن التعليق على الهجوم لكنها عنونت :غضب الطلاب" على بريطانيا.