تسعى هيلاري كلينتون من خلال الزيارة الاولى لوزير خارجية اميركي الى بورما منذ نصف قرن، الى الاستفادة من الانفتاح الاخير للمجلس العسكري من اجل تعزيز نفوذ الولاياتالمتحدة حيال الصين. وستلتقي كلينتون التي تصل الاربعاء الى بورما، احد اكثر بلدان العالم انغلاقا، الرئيس سين شين وزعيمة المعارضة اونغ سان سو تشي التي رفعت عنها العام الماضي الاقامة الجبرية. وقد اعلنت هيلاري كلينتون انها ستطالب خلال هذه الزيارة باحراز مزيد من التقدم في مجال حقوق الانسان والديمقراطية لكنها لم تعد في المقابل بتخفيف العقوبات الاميركية. وتحرص واشنطن على الا تشيع آمالا في امكان تحقيق تقدم على صعيد العلاقات الاميركية-البورمية، الا ان زيارة كلينتون ترتدي اهمية رمزية لدى احد اقرب حلفاء بكين. وبدا النظام الصيني واعيا بما يجري. فالزعيم الصيني المقبل تشي جينبينغ عرض الاثنين ان يعزز جيشا البلدين "المبادلات ويعمقا التعاون" وذلك لدى استقباله قائد الجيش البورمي مين اونغ هلينغ. وترى واشنطن ان "الاهمية الاستراتيجية لبورما مرتبطة ارتباطا وثيقا بالهواجس التي يثيرها النفوذ المتزايد للصين"، كما لاحظ جون تشيورتشياري المتخصص في شؤون جنوب شرق آسيا في جامعة ميشيغن. واضاف "في رأي بكين، توفر بورما الحصول على الموارد الطبيعية والوصول الى ابواب المحيط الهندي اللذين يبدوان اساسيين لتطوير النفوذ البحري الصيني". واضاف "اذا تمكنت الولاياتالمتحدة من التعاون مع بورما، فسيقلل ذلك خطر انحياز هذا البلد الى بكين في السنوات المقبلة". وكانت بكين، تاريخيا، ابرز من قدم الدعم الدبلوماسي للمجلس العسكري الذي تسلم الحكم في 1962 والذي سلم في بداية السنة، ظاهريا على الاقل قيادة البلاد الى حكومة مدنية. لكن العلاقة الثنائية معقدة، فنفوذ الجار الكبير في الشمال، ما زال غير مرحب به في الجنوب، وينضاف ذلك الى نزاعات حدودية قديمة. وقد اراد الجار الصغير على ما يبدو في الفترة الاخيرة ان يتحرر، وأغضب السلطات الصينية عندما اوقف على اراضيه مشروعا كبيرا لمحطة كهربائية مائية صينية ترمي الى تلبية حاجات الصين لكن الشعب يحتج عليها. وقام النظام بمزيد من الخطوات في اتجاه الهند، ونحو البلدان الاخرى لجنوب شرق آسيا، وهو يتجه الان نحو الولاياتالمتحدة. ومنذ العام الماضي، نظم المسؤولون العسكريون ايضا انتخابات، وافرجوا عن سو تشي وسجناء سياسيين وبدأوا حوارا مع المعارضة. واذا كانت واشنطن قد وصفت في مرحلة اولى تسليم المدنيين السلطة بأنه مهزلة، اعلن حزب سو تشي الرابطة الوطنية من اجل الديموقراطية انه يوافق على دخول اللعبة السياسية التي استبعد عنها في 1990 بعد فوزه في الانتخابات. وحتى الان، تمنع الولاياتالمتحدة كل المبادلات التجارية مع بورما، ويحتاج رفع العقوبات الى موافقة الكونغرس حيث يتمتع المنفيون البورميوزن بنفوذ قوي. ويفسر البعض خطوات السلطات البورمية برغبتها في ترؤس رابطة دول جنوب شرق آسيا التي ستتم في 2014. وقال والتر لومان من مؤسسة هاريتدج الاميركية المحافظة ان "النظام يعرف ان يحسب بدقة المدى الذي يمكن ان يبلغه للحصول على ما يريد من دون ان يتنازل كثيرا للمعارضة السياسية".