قرر وزراء الخارجية العرب السبت تعليق عضوية الحكومة السورية في الجامعة العربية، ودعوا الى سحب السفراء العرب من دمشق، كما اعترفوا ضمنا بالمعارضة السورية ودعوها الى اجتماع في مقر الجامعة لبحث "المرحلة الانتقالية المقبلة". وسارع السفير السوري لدى جامعة الدول العربية يوسف احمد الى وصف قرار الجامعة العربية بانه "غير قانوني ومخالف لميثاقها ونظامها الداخلي"، معتبرا انه "ينعي العمل العربي المشترك واعلان فاضح بان ادارته تخضع لاجندات اميركية غربية". واكد القرار الذي تلاه رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في مؤتمر صحافي عقده بعد الاجتماع "تعليق مشاركة وفد حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس الجامعة العربية وجميع المنظمات والاجهزة التابعة لها اعتبارا من 16 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري الى حين قيامها بالتنفيذ الكامل لتعهداتها التي وافقت عليها بموجب خطة العمل العربية لحل الازمة السورية التي اعتمدها المجلس الوزاري للجامعة في الثاني من الشهر الجاري". وطالب القرار "الدول العربية بسحب سفرائها من دمشق"، لكنه اعتبر ذلك "قرارا سياديا لكل دولة"، كما اتفق الوزراء على "توقيع عقوبات اقتصادية وسياسية" على الحكومة السورية. من جهة ثانية قرر الوزراء العرب "دعوة جميع اطراف المعارضة السورية الى الاجتماع في مقر الجامعة العربية خلال ثلاثة ايام للاتفاق على رؤية موحدة للمرحلة الانتقالية المقبلة في سوريا على ان ينظر المجلس في نتائج اعمال هذا الاجتماع ويقرر ما يراه مناسبا بشأن الاعتراف بالمعارضة السورية". واوضح القرار انه سيتم "عقد اجتماع على المستوى الوزاري مع كافة اطراف المعارضة السورية بعد توصلهم الى اتفاق" بشأن المرحلة المقبلة. وقرر الوزراء العرب كذلك "توفير الحماية للمدنيين السوريين وذلك بالاتصال الفوري بالمنظمات العربية المعنية وفي حال عدم توقف اعمال العنف والقتل يقوم الامين العام بالاتصال بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان بما فيها الاممالمتحدة". ودعا القرار "الجيش العربي السوري الى عدم التورط في اعمال العنف والقتل ضد المدنيين". واكد الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي في المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية القطري ان القرار اتخذ بموافقة 18 دولة في حين اعترضت ثلاث دول هي سوريا ولبنان واليمن وامتنع العراق عن التصويت. وقال العربي ان الجامعة العربية تسعى "منذ اربعة اشهر لوقف العنف" ولكن مساعيها "لم تثمر" ولذلك تم اتخاذ هذا القرار. واكد ان الموضوع لم ينته بالنسبة للجامعة العربية مشيرا الى ان القرار يقضي بتوفير الحماية وباللجوء الى الاممالمتحدة "كمنظمة معنية بحقوق الانسان وليس في اي اطار اخر". من جهته شدد الشيخ حمد بن جاسم على ان قرار تعليق عضوية سوريا يدخل حيز التنفيذ في 16 من الشهر الجاري معربا عن الامل بان تلتزم الحكومة السورية قبل هذا التاريخ ببنود الخطة العربية لوقف العنف "حتى نساعدهم ونساعد انفسنا". وكان الاجتماع انتهى عقب التصويت على القرار بهجوم شنه مندوب سوريا الدائم لدى الجامعة العربية على الشيخ حمد بن جاسم متهما اياه ب"العمالة والخيانة" بحسب دبلوماسيين عرب. وسئل رئيس الوزراء القطري عن هذه الواقعة خلال المؤتمر الصحافي فقال "أترفع عن الرد على مثل هذه الألفاظ النابية، فقد تربيت على ألا أرد على أحد بهذه الطريقة، وأقول له الله يسامحه". وقال العربي ان الأمانة العامة للجامعة العربية "بصدد التحضير لعقد اجتماع يضم جميع أطراف المعارضة السورية خلال الأيام القليلة المقبلة". وأضاف أن هذا الاجتماع "سيكون مفتوحا لجميع أطراف المعارضة السورية لتعبر بحرية عن رأيها في مجريات الأزمة السورية وسبل معالجتها، وسيكون من مسؤولية أطراف المعارضة السورية أنفسهم إدارة عملية الحوار فيما بينهم توصلا الى اتفاق على رؤية موحدة"، مؤكدا ان الجامعة سوف توفر الرعاية وما تطلبه المعارضة من تسهيلات من أجل المساعدة على إنجاح أعمال هذا الاجتماع. ودعا "أطراف المعارضة جميعا إلى التحلي بروح المسؤولية في هذه اللحظات التاريخية التي تمر بها سوريا، والتي تتطلب من الجميع الاحتكام إلى الحوار ونبذ الخلافات وتوحيد الرؤى من أجل كسر دائرة العنف وتحقيق طموحات الشعب السوري فى التغيير والإصلاح المنشود بما يضمن لسوريا وحدتها وأمنها واستقرارها ويبعد عنها شبح الفتنة والتدخلات الخارجية المغرضة". وكان وزراء الخارجية العرب اقروا في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري خطة عربية لوقف العنف وبدء حوار بين الحكومة السورية والمعارضة الا ان القوات السورية استمرت في اللجوء الى العنف لقمع المتظاهرين. والتقت اللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا الجمعة للمرة الاولى وفدا من المجلس الوطنى السورى المعارض برئاسة بسمة قضمانى فى خطوة تشير الى احتمال التعامل معه مستقبلا. وقالت بسمة قضماني الناطقة باسم المجلس الوطني وعضو مكتبه التنفيذي للصحافيين ان الوفد "طلب من اللجنة العربية الوزارية تجميد عضوية دمشق في الجامعة العربية وفرض عقوبات وتوفير حماية دولية" للشعب السوري. واضافت قضماني ان الخطة العربية الرامية الى وقف العنف وايجاد حل سياسي للازمة السورية "وصلت إلى طريق مسدود"، وطالبت الوزراء العرب ب"عدم إعطاء النظام مهلة جديدة وبحث آليات حماية المدنيين بالوسائل المتوفرة عربيا ودوليا من خلال مراقبين عرب ودوليين". وشهدت سوريا الجمعة تظاهرات احتجاجية حاشدة في ما اطلق عليه الناشطون اسم "جمعة تجميد عضوية" سوريا في الجامعة العربية. وتنديدا بقرارات الجامعة العربية نظمت تظاهرات موالية للنظام في العديد من مناطق سوريا ولا سيما في دمشق امام سفارتي السعودية وقطر وكذلك في طرطوس (غرب) وحلب (شمال). واقتحم متظاهرون مساء السبت مبنى السفارة السعودية في دمشق احتجاجا على قرار الجامعة العربية تعليق عضوية سوريا في الجامعة وحطموا زجاجها وعبثوا بمحتوياتها، كما افادت وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس). وقالت واس ان "المتظاهرين قاموا بتكسير زجاج النوافذ وعبثوا بمحتويات السفارة". وعلى الاثر استنكرت الرياض "بشدة" اقتحام مبنى سفارتها في دمشق والعبث بمحتوياته، و"عدم قيام القوات السورية بالاجراءات الكفيلة لمنعهم"، محملة دمشق مسؤولية حماية رعاياها مصالحها في سوريا، كما افاد مصدر رسمي. ونقلت واس عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية انه مساء السبت "قامت مجموعة من المتظاهرين بالتجمهر أمام مبنى سفارة المملكة العربية السعودية في دمشق ورشقها بالحجارة، ثم أعقبوا ذلك باقتحام المبنى، ولم تقم القوات السورية بالاجراءات الكفيلة لمنعهم".واضاف المصدر ان المتظاهرين "قاموا بالعبث بمحتويات السفارة والبقاء لفترة إلى أن تدخلت قوات الأمن السورية وأخرجتهم". واكد المصدر ان حكومة المملكة و"اذ تستنكر بشدة هذا الحادث، فإنها تحمل السلطات السورية المسؤولية عن أمن وحماية كافة المصالح السعودية ومنسوبيها في سوريا بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية". وكان مئات السوريين الموالين لنظام الرئيس بشار الاسد واثر صدور قرار الجامعة العربية تظاهروا امام مبنى سفارة المملكة في دمشق ورشقوها بالحجارة، بحسب واس. وفي دمشق، تجمع مئات المتظاهرين امام سفارة قطر رافعين الاعلام السورية وصورا للرئيس بشار الاسد وهم يرددون هتافات مؤيدة للرئيس السوري، واقتحم بعضهم سور السفارة وصعدوا الى سطح المبنى ونزعوا علم قطر ورفعوا مكانه العلم السوري، في حين استخدمت قوات امن السفارة الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، كما افاد مصور لوكالة فرانس برس. ميدانيا اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان ان 22 شخصا قتلوا السبت بينهم خصوصا ثمانية مدنيين في حمص (وسط) برصاص قوات الامن. وقال المرصد "ارتفع الى ثمانية عدد الشهداء المدنيين في حمص الذين انضموا اليوم الى قافلة شهداء الثورة السورية"، مشيرا الى ان بين القتلى امرأة "قتلت باطلاق رصاص على الحافلة التي كانت تقلها". واشار المرصد الى ان اطلاق نار كثيف من قبل قوات الامن سمع ليل السبت الاحد في حي الخالدية في حمص. واستهدف اطلاق نار حافلة في سراقب في محافظة ادلب (شمال غرب)، ما ادى الى مقتل عسكري وزوجة نقيب، كما قتل شخص في بلدة جاسم في محافظة درعا برصاص قوى الامن، بحسب المصدر نفسه. وليل السبت الاحد قتل مدني في بلدة سرجة في محافظة ادلب باطلاق رصاص من قبل قوات عسكرية، بحسب المرصد. وقال المرصد ايضا ان تسعة عناصر من قوى الامن قتلوا في هجوم قام به منشقون عن الجيش على الارجح، واستهدف حافلة كانت تنقلهم الى ادلب في شمال غرب سوريا على الطريق بين معرة النعمان وخان شيخون. واوضح المرصد ان احد المهاجمين قتل ايضا في الحادث نفسه. كما اعلن المرصد ان شخصين توفيا في مدينة حمص متأثرين بجراح اصيبا بها برصاص قوات الامن خلال اليومين السابقين. ونقل المرصد عن ناشطيه الميدانيين ان القوات السورية نفذت حملة اعتقالات في حي الغوطة في حمص اسفرت عن اعتقال 32 مواطنا على الاقل. واضاف ان قوات الامن سلمت جثة شخص في حي قنينص في اللاذقية كان اعتقل الاسبوع الماضي. ونقل المرصد ان "جنازته تحولت الى تظاهرة مناهضة للنظام فاقتحمت قوات الامن الحي وباشرت حملة اعتقالات". واشار المرصد الى "انشقاق ما بين 50 و60 جنديا عن الجيش النظامي في ادلب". واسفر قمع النظام السوري للتظاهرات في سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات منتصف اذار/مارس الماضي، عن سقوط 3500 قتيل، وفقا لاخر حصيلة نشرتها الاممالمتحدة في 8 تشرين الثاني/نوفمبر.