بغداد (رويترز) - جعلت الحوائط الخرسانية التي يقدر طولها مجتمعة بالكيلومترات والمئات من نقاط التفتيش من العاصمة العراقية بغداد مكانا أكثر أمنا على مدى سنوات لكنها صنعت ايضا متاهة تعطل السكان وتسبب ازعاجا لهم. والان فيما تستعد القوات الامريكية للانسحاب من العراق يقول مسؤولون انهم مستعدون لازالة معظم الحواجز الخرسانية المنتشرة في الشوارع وتحيط بالمباني والاحياء وهو أسلوب الحماية الذي اتبعته بغداد في مواجهة التفجيرات المتكررة. وتزعج شبكة نقاط التفتيش التابعة للجيش وقوات الامن والحواجز التي لا تنتهي العراقيين الذين يمقتون الاختناقات المرورية على الرغم من أن وجودها ساعد في خفض العنف منذ بلغ الصراع الطائفي ذروته عام 2006 . بالنسبة للسكان تمثل الحواجز نعمة ونقمة في ان واحد. يقول قحطان سمير (22 عاما) "فقدت وظيفتي لانني تأخرت على العمل بسبب نقاط التفتيش." وأضاف "وجودها لا يمنع الارهابيين بأي حال من الاحوال فهم ينفذون هجماتهم اينما يريدون." ويعتقد مسؤولون أمنيون في بغداد أن القوات العراقية الان باتت اكثر قدرة على احتواء العنف في ظل تراجع نشاط الميليشيات الشيعية بالمدينة وانخفاض أعداد الهجمات التي يشنها اسلاميون متشددون سنة يرتبطون بصلات بتنظيم القاعدة عما كانت عليه في ذروة العنف. وتستهدف هجمات كثيرة الان قوات الامن المحلية او المجمعات الحكومية التي تخضع لحراسة مشددة بالفعل. وانخفضت مستويات العنف بشدة في بغداد منذ ذروة الصراع في عامي 2006 و2007 وتراجعت التفجيرات والهجمات والاغتيالات كثيرا منذ الفترة الدموية التي شهدها العراق منذ أربع سنوات حين قتلت أعمال العنف الالاف. لكن المدينة لاتزال خطيرة. وعلى مدى الاسبوع الماضي وحده قتلت التفجيرات الانتحارية والقنابل المزروعة على الطرق والسيارات الملغومة اكثر من 50 شخصا في بغداد. وتستهدف هجمات كثيرة مسؤولي الامن المحليين اذ يحاول المقاتلون تقويض الحكومة مع قرب انسحاب القوات الامريكية. وخلال أسوأ فترات العنف قرر مسؤولو الامن اقامة الحواجز الخرسانية واكثر من 1600 نقطة تفتيش للفصل بين الاحياء الشيعية والسنية وحماية مواقع مثل المنطقة الخضراء التي يوجد بها البرلمان والسفارات. ويقول مسؤولو الامن في بغداد انه لايزال هناك نحو 60 الف حاجز خرساني. وفي بعض الحالات لا تفصل بين نقاط التفتيش سوى بضعة امتار مما يحدث اختناقات مرورية حيث تفحص الشرطة بطاقات الهوية وتفتش السيارات وتستخدم أجهزة الكترونية للكشف عن المتفجرات. وتقيم أجهزة الامن العراقية والشركات الخاصة حواجز الطرق. وقال اللواء قاسم الموسوي المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد ان الهدف هو خفض نقاط التفتيش باضطراد بمقدار النصف تقريبا وازالة الحواجز الخرسانية بحلول بداية العام القادم ثم اعادة النظر في الوضع الامني. وقال الموسوي "صحيح انه هناك بعض الخروقات الامنية هنا او هناك ولكننا نشعر أن قواتنا الامنية تمتلك السيطرة على الملف الامني وقادرة على ادارته." ومن المقرر أن تنسحب اخر دفعة من القوات الامريكية من العراق نهاية العام الحالي بعد اكثر من ثماني سنوات من الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة وأطاح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وينحى باللائمة في معظم الهجمات والاغتيالات على جماعات سنية متشددة مرتبطة بتنظيم القاعدة وجماعات سنية أخرى وميليشيات شيعية متناحرة. ولايزال الكثير من العراقيين يتساءلون عما اذا كانت قواتهم المسلحة ستستطيع تأمين البلاد دون مساعدة الجيش الامريكي. والتكلفة تمثل مشكلة. ويريد المسؤولون تركيب معدات باهظة الثمن للكشف عن المفرقعات في نقاط التفتيش الرئيسية المتبقية كوسيلة للحماية. وقال الفريق اول الركن احمد هاشم قائد قيادة عمليات بغداد "نحن نعمل باتجاه رفع جميع الكتل الكونكريتية (الخرسانية). نحن لا نخاف من شيء ولكن ما يوقفنا هو عدم توفر الجهد والتخصيصات المالية." وبالنسبة للكثير من سكان بغداد فان الاجراءات الامنية لن تلغى بالسرعة الكافية. وقال حرب اسماعيل وهو سائق حافلة كان يقف في طابور طويل من السيارات امام نقطة تفتيش "نعيش في سجن كبير. نتعرض طوال الوقت لعمليات تفتيش... وكأننا مجرمون خطرون."