بالأمس كان الكلام غاليا، ولا يقوى على البوح إلا من يملك أو يجرؤ أن يدفع الثمن، واليوم حين صار ب"بلاش" تبارى الجميع في المزايدة، والتباهي بما لا يملكون، في موسم مفتوح لركوب الثورة، والتحدث باسمها بعد أن وُلدت يتيمة بلا أب، فمن هم في نظرك أشهر راكبي ثورة 25 يناير؟ لو كنت من الأغلبية الصامتة أو حزب الكنبة، الذي يمضي أوقات فراغه أمام شاشات التليفزيون ليتابع برامج التوك شو، فسترى أن الرئيس مبارك هو أول من ركب الثورة، حين خرج علينا محاميه فريد الديب في حلقته الأشهر مع معتز الدمرداش مؤكدا أن ثورة 25 يناير قامت بحق، وانتفض الشباب وتواعدوا على أن يلتقوا ليعبروا عن رأيهم، وأول من أيّدهم هو حسني مبارك!! وحين لاحت ملامح ونبرة معتز بالدهشة والاعتراض متسائلا: "مبارك هو اللي أيّدهم إنهم يخلعوه؟"، ردد الديب ذلك الإفيه الشهير بطريقة لا تُنسى قائلا بثقة مطلقة: "أومال!"، مستشهدا بخطابات مبارك التي احترم فيها حرية الرأي، ونفذ بعدها المطلب الشعبي بخلعه http://www.youtube.com/watch?v=aZO1uIP0Hvs&feature=player_embedded لكن الديب لم يخبرنا حتى الآن لماذا لم ينفذ مبارك باقي المطالب الشعبية، وعلى رأسها إعادة أمواله المهرّبة هو وباقي عائلته وحاشيته. وحين تخرج من بيتك، فسترى استكمالا مفزعا لركوب الثورة من مختلف المحلات، سواء المقاهي التي كتبت "25 يناير" على يافطة المحل، أو محلات العصير التي وضعت في ال"مينيو" منتجا جديدا اسمه "كوكتيل الثورة"، بخلاف مجازر "لحوم شباب ثورة 25 يناير"، التي تبيع لحوم الثورة.. والثوار أومغسلة الثورة وخلافه. أما لو كنت ليبراليا علمانيا زنديقا -حسب وصف الكثير من الإسلاميين- فستجد أكثر من مبرر لاتهام الإخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية بركوب الثورة والاستحواذ على نصيب الأسد في مكتسباتها، رغم كونهم آخر من تحرك في اللحظات الحاسمة فمن ناحيتهم رفض السلفيون الدخول في معارك أو مواجهات ضد النظام والحكومة، وحرّموا الخروج عن الحاكم أصلا، حتى مع مقتل الشاب السلفي سيد بلال وتضامن التيار المدني معه وتسليط الأضواء على قضيته أسوة بما فعلوه مع خالد سعيد وليست تصريحات عبد المنعم الشحات الرافضة للنزول يوم 25 يناير ببعيدة عن ذاكرة يوتيوب التي لا تخيب، حين شكك في نوايا المنظمين لهذه التظاهرات، مؤكدا أن من سينزل شباب أهوج يحركه الإنترنت، ليشعل بلاد المسلمين. http://www.youtube.com/watch?v=MWRhkBU9QaY&feature=player_embedded وليست تصريحات خالد عبد الله المؤيدة لترشيح جمال مبارك لانتخابات رئاسة الجمهورية ببعيدة، حين قال جملته الشهيرة "هل أن يترشح السيد جمال مبارك أو غيره، ده فيه شيء من العيب؟"، قبل أن يزايد حاليا على كل خصومه ويتهمهم بأنهم كانوا عملاء أمن دولة. http://www.youtube.com/watch?v=xW4zasaHv3Y&feature=player_embedded أما الإخوان الذين لا ينكر أحد دورهم في الثورة، لا سيما يوم موقعة الجمل، فكانوا من وجهة نظر التيار الليبرالي أول من سعى إلى عقد هدنة مع النظام بحثا عن مكاسب سياسية، بدليل جلوسهم مع عمر سليمان -نائب رئيس الجمهورية الراحل- وعلى رأسهم الدكتور محمد مرسي والدكتور سعد الكتاتني، في الوقت الذي رفض فيه الكثيرون التفاوض رافعين شعار "مش هنمشي.. هو يمشي" بخلاف ذلك الخبث السياسي الشديد الذي صدر من الإخوان تباعا في استفتاء مارس 2011، على التعديلات الدستورية، حين حشدوا الشارع للتصويت على "نعم" مستخدمين الشعارات الدينية في معركة كانت سياسية في الأصل، حتى يضعوا هم الدستور، بخلاف بيع الثوار ودمائهم في شارع محمد محمود حين تركوهم وحدهم يواجهون الأمن، حرصا على مقاعد البرلمان الذي جاء مخيّبا للآمال، وكان أبعد ما يكون عن الثورة، وبالطبع لا أحد ينسى تحالفهم مع المجلس العسكري قبل وبعد وصولهم إلى الحكم، والذي توّجوه بتكريم المشير طنطاوي والفريق عنان. أما لو كان انتماؤك إلى التيار الإسلامي السياسي، سواء كنت إخوانيا أو سلفيا، فبالطبع لديك كومة من الاتهامات للكثيرين من راكبي الثورة والمدعين لنضال كاذب داخل التيار المدني سواء الليبرالي أو الاشتراكي، والأسماء والأدلة كثيرة. فمن ينسى أن أسامة الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية الليبرالي، وأحد أعضاء جبهة الإنقاذ الوطني، الذي يطالب بالديمقراطية والثورة على نظام الرئيس محمد مرسي، كان في الأصل عضوا بلجنة السياسات مع جمال مبارك؟ ومن يغفل أن الدكتور عمرو حمزاوي الذي صارت شهرته ملء الأسماع والأبصار -ولم يحظ بتلك الشهرة إلا في أعقاب ثورة يناير- كان في الأصل أيضا عضوا بالحزب الوطني، داخل لجنة "مصر والعالم" التابعة لأمانة السياسات، غير أنه شعر بالملل والضيق بعد أن اهتموا بزميله محمد كمال، ولم يعطوه الاهتمام الكافي، فترك الحزب لهذا السبب، وليس اعتراضا على التوريث أو الفساد، حسب كلام دكتور مصطفى الفقي الذي كان سكرتيرا للرئيس المخلوع. http://www.youtube.com/watch?v=3IKRZvYwA2c&feature=player_embedded وبخلاف التيار الإسلامي والمدني، هناك مجالات أخرى ركب أفرادها الموجة، وتلونوا بمجرد سقوط مبارك، مثل الوسط الإعلامي الذي رفعت فيه لميس الحديدي راية الحرب على الفساد والثورة على النظام، رغم كونها مدير الحملة الدعائية لترشيح الرئيس مبارك بانتخابات رئاسة الجمهورية عام 2005، وزوجها عمرو أديب الذي تحدث عقب الخطاب الثاني لمبارك خلال فترة الثمانية عشر يوم عن حكمة الرئيس في التعامل مع الأزمة، وحفاظه على البلد، داعيا الثوار للعودة إلى بيوتهم، قبل أن يظهر عقب تنحي مبارك مع الإعلامي يسري فودة متحدثا عن ظلم وفساد الرئيس وحاشيته، وكيف أنهم "خصوا" شعبا بأكلمه، قائلا "لا يمكن هييجي ذل ومهانة قد اللي كنا فيها". http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=5IrnHRo73P4 وبالطبع الأخ الأكبر عماد أديب الذي أكد من قبل أن الرئيس مبارك أعظم من حكم مصر منذ عهد محمد علي، وأنه تحمّل ما لا يطيقه بشر، قبل أن يتصدى لسلبيات النظام ويرصدها "بهدووووء". http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=aaXRf-QERfA بالإضافة إلى ركوب الثورة من باقي الإعلاميين مثل توفيق عكاشة، وخيري رمضان وتامر أمين، وغيرهم، وتحولات أخرى في الوسط الرياضي الذي ركب إعلاميوه الثورة وأصبحوا مناضلين، بعد أن كان ولاؤهم للنظام البائد، وعلى رأسهم شوبير العضو السابق بالحزب الوطني، ومدحت شلبي، وخالد الغندور وغيرهم. وفي الوسط الفني لن يختلف الأمر كثيرا، ما بين أعمال فنية حاولت ركوب الثورة والزج بمشاهدها ضمن الأحداث، وفنانين تلوّنوا وأصبحوا فجأة معارضين ومندين بالنظام رغم ولائهم القديم لمبارك ونجليه وحاشيته. باختصار.. الكُل يتَهِم ومُتَهم في الوقت نفسه بركوب الثورة، لكن الحقيقة قالها أحمد زكي منذ سنوات في "ضد الحكومة": "كلنا فاسدون.. لا أستثني أحدا، حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة". http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=OQdfxQz6isI