أصبح الكثير منا لسانا يردد لا عقلا يستوعب ولا قلبا يفقه , أصبحنا صدى للأخبار التي ترد علينا بل تقتحمنا كل يوم عبر وسائل الإعلام المختلفة وأخطرها الفيس بوك , ما أسرع أن نشارك هذا الخبر أو ذاك وذلك بحسب أيد لوجية الخبر ومدى توافقه مع آرائي ومعتقداتي وقناعاتي , قد لا أجهد نفسي كثيرا للكشف عن ماهية الخبر أو حقيقته أو الهدف منه ,,, حقيقة هناك أمور أثارت دهشتني وتعجبي وأحيانا اشمئزازي ,,, فما جدوى مثلا في هذا التوقيت أن يتحدث عصام العريان عن عودة المصريين اليهود من إسرائيل ليتلقف الإعلام هذا الخبر ويحلله ويقلبه يمينا ويسارا وننشغل به ليقودنا إلى سؤال أغبى وأغبى ,,من طرد المصريين اليهود من مصر ؟جمال عبد الناصر أم الإخوان المسلمون ,,ليس هذا فحسب بل السؤال الأعتى والأجل ....كيف يسترد هؤلاء اليهود الإسرائيليين المصريين ممتلكاتهم التي فقدوها ,,,,,,,,ما هذا الهراء ما هذا الهبل ,, ما فائدة إثارة مثل هذه المهاترات والوطن على شفا حفرة من الجحيم ,,,, وأما الأدهى من ذلك أن يجتمع مجلس شورى العلماء الخاص بالجماعات الإسلامية ليعلنوا فتواهم العظيمة على الملأ بتحريم تهنئة النصارى بعيدهم ,,,,, يا للهول إنه لأمر جلل ,,, لا أناقشكم في صحة فتواكم أم عدم صحتها ,,,لن أناقشكم في رد علماء أفاضل أيضا بجواز ذلك كنوع من التعايش وتنفيذا لوصايا الرسول صلى الله عليه وسلم بمعاملة نصارى مصر معاملة حسنة , وقد يعتبر البعض أن تهنئتهم بأعيادهم هو نوع من هذا التعايش ,,,لن أناقش الفتوى نفسها لعدم علمي الضليع بمثل هذه الأمور ولكن هل هذا أمر شديد الأهمية الآن ؟ ,,,, هل الأضرار من وراء هذه الفتوى في هذا التوقيت التي ستلحق بالمجتمع المصري وسط حالات الاستقطاب والاستعداء والانقسام والتربص بعضنا ببعض ,,, هل هذه الأضرار لا قيمة لها أمام القيمة الدينية العظيمة من وراء إعلان تحريم التهنئة للنصارى بأعيادهم على الملأ ؟؟؟ وهل من ينعقون ويولولون كل يوم أن مصر تفلس,, مصر تنهار مصر هتتحرق بجاز وسخ ,,,,هل هؤلاء يحذرون من ذلك,, أم أنهم يتمنون ذلك لإفشال منافسيهم السياسيين حتى لو جاء ذلك على حساب ضياع بلد عريق بحجم مصر ,,وإذا كان المصريون يقولون " شرف البنت زي عود الكبريت ما يولعشي إلا مرة واحدة ,,و" النسب زي اللبن أي حاجة تعكره " ,,,كذلك اقتصاد أي دولة قد ينهار لمجرد إشاعة من هنا أو هناك أو حتى ذكر حقيقة في غير موضعها ولا وقتها ,,,فأنا مثلا كمغترب لو سمعت أن البنوك ستفلس واقتصاد مصر سينهار ويردد ذلك الإعلام ليل نهار ,,,,بالله عليكم هل سأجرؤ على إرسال ولو مائة دولار على حسابي في مصر !!!!!!!!!!! أعود إلى عنوان المقال حيث المقولة المأثورة التي قالها المفكر و الأديب الكبير عباس محمود العقاد عندما سئل كيف وصلت إلى هذه المكانة والعلم الواسع دون الحصول على شهادة دراسية ,,,فأجابهم " الليث عبارة عن عدة خراف مهضومة " فلنكن أسودا تأكل الغزلان فتهضمها وتستخلص ما فيها من فوائد لتتحول داخلنا إلى طاقة وقوة تجعلنا ملوكاً على الناس ,, و أدعو الله ألا نكون كمن وصفهم الله في قوله تعالى :" إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم "