عانت المرأه العربية عامة والمصرية خاصة عبر مئات السنين من تسلط فكر ذكورى متعصب عامل المرأة على أنها مجرد جارية للمتعة وجسد يشبع فيه السيد الذكر شهواته ورغباته دون أى إعتبار لكونها إنسانا كامل البشرية له وجدان وأحاسيس ومشاعر وتمتلك نفس القدرات الفكرية والوجدانية التى يملكها الرجل بل وقد تفوقه فى كافة مجالات النشاط الإنسانى . وقد قام هذا المجتمع الذكورى عبر القرون بتهميش المرأة وحرمانها من أبسط حقوقها الإنسانية المشروعة وبلغ به التنطع إلى حد تضفير رؤيته العنصرية مع فرائض الأديان السماوية السمحة التى خاطبت الإنسان ذكرا كان او أنثى بنفس القواعد العبادية والعقائدية والأخلاقية دون تفرقة بين رجل وإمرأة فى التكاليف والأ؟وامر والنواهى والحقوق والواجبات والثواب والعقاب . يقول سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز (( فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض )) والخطاب القرآنى يخاطب المؤمنين والمؤمنات دون تفرقة والأدلة من الكتاب الكريم أكثر من أن تحصى وكلها تؤكد المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة أمام الله سبحانه وتعالى ولكن المجتمع الذكورى أنشأ فكرا ذكوريا شديد التعصب معتمدا على فهم قاصر لنصوص القرآن فسمح بأشياء تخالف العقل والعدل وتكرس التسلط والاستعباد . فقد أباحوا زواج الطفلة وحرموا على المرأة أن تتخذ أى قرار يخص حياتها دون موافقة ولى أبا كان أو أخا أو زوجا فليس للمرأة فى عرفهم قرار حتى فى أخص ما يخصها من أمور . وفى أيامنا هذه وبعد أن نالت المرأة بعضا يسيرا من حقوقها نجد تيارا ظلاميا يريد سلب هذا اليسير من الحقوق وإعادة النساء إلى عصر الحريم وسلب ما حصلت عليه فيريدون إعادة السماح بزواج الطفلة دون إرادتها وقبل أن تبلغ سن التمييز الضرورى لاتخاذ هذا القرار . كما يعملون على إلغاء قانون الخلع لإجبار المرأة على أن تعاشر من تبغض ضاربين بمشاعرها وأحاسيسها عرض الحائط ويعتبرون المرأة عورة يجب إلاق كل أبواب العمل والعلم والتقدم والمعرفة عليها وحرمانها من البوح بمشاعرها ويعتبرون هذا البوح جريمة ويلصقون بها ظلما تهم إثارة الفتنة وإشاعة الفاحشة كأن الرجال جميعا ذئاب والنساء كلهن فاسقات فيجب الفصل بين الجنسين فى كل نواحى العمل والحياة , وينسون أن العفة والفضيلة تربية وسلوك وليست منعا أو حظرا أو تحريما أو تجريما فلم تأت وسائلهم المتخلفة بأى نتيجة عبر التاريخ ولم ينجح الحظر والمنع إلا فى إشاعة الفاحشة وإنفجار الحرمان فى وجه الأخلاق . بينما تعيش المجتمعات التى تنال فيها المرأة حقوقا متساوية مع الرجل حياة منسقة ومتوازنة مع قيم مجتمعها وسلوكياته .. وتملك المرأة فى هذه المجتمعات حرية قرارها وتتحمل تبعات المسئولية عما تتخذه من قرارات وتسهم بدور رئيسى فى تقدم مجتمعها ونهضته وتقدمه فى كل مجالات الإبداع والعلم والمعرفة من تنظيف المنازل حتى رئاسة الدولة , وتنال الاحترام والتوقير ولا يجرؤ ذكر على التحرش بها أو تهميش دورها أو حتى الادعاء بأنه الأفضل أو الأقدر فى أى مجال . وقد آن الأوان لتنفض المرأة العربية عنها ظلما وتهميشا عاشت فى ظله قرونا وأن تسهم بعقلها ووجدانها وأخلاقها السامية الرفيعة فى نهضة أمتها وتطوير مجتمعها , وأن تقاوم بفاعلية تلك العنصرية المقيته التى يمارسها مجتمع ذكورى منغلق .