في ليلة مطيرة من ليالي شهر يناير جلس خالد وحيدا في شقته والأفكار تتراقص أمام عينيه ويمتلئ صدره بالهموم ولِم َلا وهو مقدم علي أعظم خطوة يخطوها أي إنسان وهي الزواج وهي خطوة مليئة بالعقبات خاصة عند متوسطي الحال (كخالد) وللحق فلم يكن أكثر مايشغله هو الماديات وإن كانت مهمة ولكن هناك شئ آخر ياتُري ماهو؟؟؟....... أفاق خالد من أفكاره وهواجسه وذهب إلي المطبخ ليعد له كوبا من الشاي لعله يدفئ يديه المرتعشة ويثبّت فرائصه المرتعدة من برودة الجو وفجأة ....... سقط خالد علي أرضية المطبخ وأخذ يرفُس كل مايحيط به وكأنّ جانًا مريداً قد مسّه ************************************ في جلسة حالمة جمعت بين خالد ودعاء عند أهلها وكانوا قد تركوهما لحالهما -أنا مش قادر علي بعدك لحظة يادودي -وأنا كمان امتي بقي نِتلم في شقة واحدة امتي امتي يسمع من بقك ربنا- -خلاص أنا دلوقتي في السنة النهائية وقربت أتخرج ومش هيبقي عند بابا حجة عشان نتمّم الزواج دودي أنا عاوز أقولك حاجة كدة بس مش عارف أقولها إزاي -قول يا قلبي -أنا بصراحة.... بصراحة........ -بصراحة إيه........ هو أنت مخبّي عني حاجة؟ الصراحة ......أنا................... ولم يكمل خالد كلامه فالحاج برعي دخل عليهما قائلا: - تشرب معي ينسون ولا قرفة ياخالد؟ وهنا تلعثم خالد قائلا: لا لا ياحاج أنا ماشي ماشي إزاي أنت لازم تتعشّي عندنا النهاردة هو احنا بُخَلا ياراجل! مرة تانية ياعمي ..الأيام الجاية كتير ولملم خالد شتات نفسه ثم انصرف لا يلوي علي شئ تاركاً دعاء و عقلها مشتّت وكلمات خالد التي لم يكْملها تبعث في نفسها أفكاراً سوداءَ..... **************************** في بيت الحاج صابر الأخ الأكبر لخالد جلس صابر هو وأمه في حجرة المعيشة يتبادلان أطراف الحديث: -أنا مش عارف خالد ده أََخْرته إيه -جري إيه ياصابر مَتْسيب خالد في حالة يشق طريقه ويعتمد علي نفسه - يامّه خالد هوائي ولا يفكر إلا في مزاجه - ليه هو إلي عاوز يتجوز يبقي أذْنَب - يامّه أشد في شعري يعني إنت مش عارفه قصدي إيه - لا عارفة ومش شايفة فيها حاجة - ازاي يامّه ازاي أنا هتجنّن وبعدين ياريت خطيبته وأبوها دُول ناس عاديين دول زي مابيقولوا بيلعبوا بالبيضة والحجر - أنا مش شايفه كدة خالص - يامّه هو إنت عاشرتيهم يامّه دا أبوها بُرعي ده لسانه حلو ولكن قلبه أسود من قرن الخروب -آه آه آه تأوّهات أطلقتها أم صابر ثم انفجرت بعدها في نوبة بكاء حادة تبعتها حالة إغماءة طويلة... *********************************** بعد عودة خالد من بيت دعاء كانت حالته غاية في السوء فقد كان قاب قوسين أو أدني أن يصارحها بالسر المكتوم في قلبه ولكن ماذا يفعل الآن ؟؟!! رن جرس الباب ففتح خالد فإذا أمامه الحاج برعي! اتفضل ياحاج برعي احنا زارنا النبي... -العفو يابني بقولك إيه ياخالد ياابني... خير ياعمي... طبعا الفرح قرب وأنا عاوز أطّمّن علي مستقبل بنتي... مش فاهم ياعمي ممكن توضّح أهم حاجة أنا عاوز أعرف أنتم هتسكنوا فين؟ -أنا سبق وقولتلك ياعمي احنا هنعيش في الشقة دي -بس أنا ملاحظ أنها ضيقة شوية -يعني مؤقتا وبعدين ربنا يفرجها وننقل في شقة أوسع -بص يابني أنا عندي لك اقتراح رائع -خير اتفضل -قُدام عيني حتة أرض جنبي وممكن أشتريها لك وعلي الأيام تقدر تبنيها -بس ياعمي -لا بس ولا حاجة وكمان أنا هادفع لك المقدمة وأنت عليك الباقي ياعم وهناطار خالد من الفرحة وشعر أن الدنيا ضحكت له ونسي تماما ماكان يفكر فيه من- لحظات- ثم قال للحاج برعي : -أنا موافق ياعمي المهم الفرح امتي - في الصيف القادم إن شاء الله. ************************* جاء صفوت الأخ الأوسط لخالد من بلدته لزيارة خالد في شقته وليطمئن علي حاله وعلي آخر أخبار الزواج فذهب إلي المدرسة التى يعمل فيها خالد فلم يجده وأخبره زملاؤه بأنه لم يحضر منذ يومين فما كان منه إلا أنه توجه إلي شقة خالد لعله يجده هناك ورن جرس الباب مرارا وتكرارا ولكن مامن مجيب فبدأ التوتر والقلق يسيطران علي صفوت وانتظر لدقائق لعل خالد يجيبه لكن هيهات......هيهات...... فسأل أحد الجيران ولكن كعادة سكان المدن(لا أحد يهتم بأحد) وبالتالي لم يحصل علي إجابة فماذا يفعل ؟؟؟ أخذ يدق ويدق علي الباب لعل خالدا يكون نائما فيستيقظ ويفتح له ولكن لا فائدة!!! وهنا قرر صفوت كسر كالون الباب- وهو علي ذلك قادر- فقد كان ضخم الجثة مفتول العضلات وانكسر الكالون ودخل صفوت وهو يلهث لا من المجهود بل من التوتروالخوف علي أخيه وأخذ يبحث في كل حجرة ولكن لم يجد خالد في آخر الأمر فازداد توتره ولعبت الهواجس بخاطره أين هو يا تُرَي؟!!! لا في شقته ولا في مدرسته وبالطبع ليس عند خطيبته فلقد قابل أخاها وهو عائد من مدرسة خالد وسأل عنه فأخبره بأنه لم يأت عندهم منذ أسبوع فأين خالد يا تُرَي؟!!! ( ونكمل فيما بعد مادام في العمر بقية)