رسالتي للسيسي كانت خارج الإطار لأنها الوحيدة التي لم تفترض أنه رئيس مصر القادم ولا تريد أن يكون رئيس مصر المنتظر، ولم تتحدث عن الكاريزما وصفات القيادة وما يجب أن يفعله عندما يصبح رئيسا .. فعندما بحثت عنها في صندوق بوستة السيسي المكتظة بالرسائل وجدتها ضاعت وسط عشرات الرسائل الآخرى. اكتشفت أن رسالتي التي كتبتها بعنوان "إلى السيسي ليست مرحلتك" ونشرتها في بعض المواقع الالكترونية قبل أيام، وعندما حاولت البحث عنها في محرك البحث ( جوجل) وجدت ان رسالتي ضاعت وسط عشرات الرسائل التي نشرها كتاب آخرين في صحف ومواقع آخرى، فوجدت صفحات كثيرة ومقالات كثيرة بنفس العنوان ولكن هذه الرسائل لم تكن جميعها نفس المعنى والهدف. رسالتي كانت واضحة طلبت خلالها من سيادة المشير التفكير كثيرا قبل اتخاذ قرار ترشحه للرئاسة، وقدمت المعطيات التي تشير إلى أن وجود السيسي الآن في قيادة الجيش أفضل للمصريين من مؤيديه ورافضيه من وجوده على سد الحكم. وأنا ابحث عن رسالتي داخل صندوق البوستة قرآت رسائل كثيرة كتبت للسيسي بنفس العنوان "رسالة إلى السيسي .." ولذلك لم اعيد التذكير برسالتي وقررت أن انتقي بعض الرسائل الأخرى لكي أعرف ماذا يريد الآخرين من السيسي؟. الرسالة الأولى كتبها الزميل اشرف ابو الريش في "روز اليوسف" وحملت نفس العنوان ولكنها لم تكن بنفس الهدف فركزت رسالته على حجم التحديات التي سيواجهها السيسي ليكون رئيسا لمصر خاصة تلك المتعلقة بالفروق الاجتماعية التي يعانيها الشعب المصري في العقود الأخيرة لحكام آخرين، وحذر الزميل في رسالته المشير السيسي بتذكيره بالرؤساء السابقين له مبارك ومرسي – مفترضا أن السيسي سيكون هو الرئيس المقبل - ونوه إلى حجم الانقسامات والصعاب والتحديات التي ستواجهه في المستقبل. أما الزميل "طارق غطاس في مقاله ببوابة "البديل الالكترونية" والذي كتب رسالته في وقت سابق لكل الرسائل حيث نشرها في 14 اكتوبر 2013 وركزت رسالته على تفنيد الأنظمة السياسية التي مرت بها مصر واصفا نظام مبارك بالرأسمالي الذي زاوج بين رأس المال والسلطة، والمرحلة الانتقالية التي شهدت نظاما عسكريا وانتهت بنظام ديني فاشل ومستبد وعميل، وأفرض مساحة كبيرة من مقاله في مديح الجيش وصدق نواياه وبالتالي شخصية السيسي كرمز للحماية العسكرية في ثورة يونيو ليصل إلى نتيجة أن ترشح السيسي للرئاسة بات مطلبا شعبيا، ولكنه حذر أيضا من أن نزول السيسي لمعترك السياسي سيفهم خطأ ويضعه في صورة "المتلهفين على الكرسي" ووضع هذه الكلمة بين قوسين، وأنهى مقاله بأن يكمل السيسي مشواره ويتخلص من نظام الإخوان والعمل وفق أمر الشعب. الزميلة سناء قابيل كتبت مقال بنفس العنوان في روز اليوسف يوم 4 يناير الماضي وكانت رسالتها مركزة في مجموعة من المطالب التي يجب أن يقوم بها السيسي لكي يكون رئيسا يتمناه الشعب أبرزها تلك المتعلقة بتحقيق العدالة الاجتماعية والاهتمام بالبسطاء والابتعاد عن المداحين والمنافقين في السياسة والإعلام، وذكرت في المقال بمواقف الزعيم جمال عبد الناصر، ولم تنس أن تنهي مقالها بمديح موقف الجيش وتذكر السيسي بضرورة الحذر من شر الإخوان ومطاردتهم. أما الزميل محمد فودة في اليوم السابع فكتب أيضا بعنوان "رسالة إلى الفريق أول السيسي !" يوم 20 يناير ولا أعلم لماذا وضع علامة (!)تعجب في نهاية عنوانه، وكان مقاله مليء بالجمل العاطفية التي تشيد وتمدح في شخص السيسي ومدى عشق الناس له وتلقائيته ومواقفه، وكرر بعض كلماته الشهيرة "مصر أم الدنيا وهتبقى أم الدنيا ؟" ولا أعلم أيضا لماذا وضع علامة (؟) الاستفهام هنا في مقولة السيسي، ولم ينس فودة في مقاله أن يتحدث عن مشاهداته التي لمسها بنفسه في حوار الناس وحديثهم عن هذا الرجل ومدى قربه من قلوب الجماهير وقدم مزيد من الاقناعات ليكون رئيسا لمصر. لكن رسالة الزميل "محمد دنيا" في موقع البلد يوم 31 يناير كانت مختلفة تماما حيث ركز فيها على ضرورة أن يضع السيسي برنامجا خاصة مركزا على مشكلة المهمشين من أطفال الشوارع، وعرض نموذج لتجربة محمد علي باشا تجاه تلك الفئة التي اهتم بها ودربها ليحولهم من فئة متشردة إلى حرفيين، وركز دنيا في مقاله على هذه الظاهرة وضرورة تطبيق تجربة محمد علي واتاحة الفرص من التعليم والتدريب لهذه الفئة أسوة بما قام به. جمال يونس في الوفد كتب مقالا أيضا بنفس العنوان ولكنه أكد في مقاله أن السيسي رئيسنا المنتظر وفقا لحسابات المنطق والظرف والضرورة مركزا على الكاريزما والبصيرة والقيادة وصفات كثيرة تحتاجها مصر في رئيسها القادم ومتوفرة فقط في السيسي، ولكن مقاله لم يخل من احصائيات حول نسب الفقر والامية التي ساهمت بشكل كبير في أرتقاء التيارات الإسلامية وطالب السيسي بأن عليه أن يحل مشاكل الفقر والامية والعشوئيات وتطهير الإعلام والتخلص من الفساد والاصلاح السياسي وغيرها من مطالب الثورة. في النهاية أن كل الرسائل السابقة تفترض أن السيسي بات رئيسا لمصر وليس مجرد مرشحا مطلوبا وهذا هو حال الشارع من مؤيدين السيسي ومعارضيه أيضا، فالكل يفترض أن ترشح السيسي يعني أنه أصبح رئيسا وهذا الامر يثير تساؤلا مهما ما أهمية الانتخابات الرئاسية إذا قررنا سلفا أن المرشح هذا أو ذاك هو الرئيس؟، الأمر الذي الهمني فكرة قد تكون خيالية ولكني تعودت أن افكر خارج الصندوق التقليدي للأفكار، وهي أن نستثمر المصاريف التي قد تصرف في انتخابات رئاسية قادمة قد تصل إلى نحو مليار جنيه من الدعاية والإجراءات الإدارية والرقاية والإعلامية للعملية الانتخابية ونضعها في مشروع قومي يقوم بتطبيقه السيسي نفسه، وينتقي السيسي من الآن المرشحين المتوقعين الذين حسم فشلهم سلفا بأن يضعوا ميزانيتهم في هذا المشروع في مقابل إدارته ويستفيد المجتمع من ذلك. ورغم كل الرسائل السابقة ورغم أن فكرتي التي طرحتها خارج إطار الواقع والتطبيق، مازلت مصرا على رأيي بأن هذه المرحلة ليست مرحلة السيسي إذا كان يريد لمصر الاستقرار والأمن وإذا كنتم تريدون ذلك، ويظل رمزا ويعلن رفضه للترشح، ومن ناحيتنا علينا التخلص من التفكير الأني والأناني وأن نسعى بصدق للبحث عما فيه صالح مصر والمصريين.