مديحة عزت روزاليوسف الأسبوعية : 29 - 10 - 2011 هذه الأبيات من رباعيات عمر الخيام إلى الأصدقاء الراحلين الأعزاء.. أقول لهم مع كل السابقين فى رحاب الله: يا ثرى كم فيك من جوهر يبين لو ينبش هذا التراب قد عصف الموت بهم فانطووا واحتضنوا تحت تراب الأبد نفسى خلت من أنس تلك الصحاب لما غدوا ثاوين تحت التراب ولو حزنت العمر لن ينمحى ما خطه فى اللوح مر القلم أما هذه الأبيات فإلى صاحبة الذكرى سيدة الصحافة فاطمة اليوسف بمناسبة عيد إصدار مجلتها «روزاليوسف» التى كانت تعتبر يوم إصدار المجلة عيدا لميلادها، يقول الدكتور سعيد عبده: دنيا الصحافة يا روزا أنت باريزها وأنت الصبية الحلوة من عواجيزها غنى القلم يوم ميلادك والورق زغرط يا مدرسة كلنا كنا تلاميذها رحم الله سيدة الصحافة فاطمة اليوسف، التى كانت اعتادت الست «روزاليوسف» أن تحتفل بمولد «روزاليوسف» المجلة فتصدر عددا ممتازا فى ورقه وتحريره فى أواخر أكتوبر من كل عام، ووجدت أننى أتبع منهجها وأحتفل بعيد المجلة مع بعض الذكرى والذكريات فى سيرة هذه السيدة العظيمة التى دخلت ميدان الصحافة وفى يديها خمسة جنيهات وأنشأت مجلة تحمل اسما يكاد يكون أجنبيا وهو الاسم الذى اشتهرت به على المسرح فاستطاعت أن تجعل من هذه المجلة أقوى المجلات نفوذا فى الشرق.. وأن ترسم بها مستقبل مصر، واستطاعت أن تجعل من هذا الاسم علما يضم تحته كل الكتاب وأنضج الآراء وأخرجت جيلا كاملا من الكتاب السياسيين ومن الصحفيين، هى التى أرشدت أقلامهم وهى التى انتقتهم ورشحتهم لمستقبلهم ولاتزال إلى اليوم يخرج منها فوج بعد فوج من أول يوم إصدارها العدد الأول يوم الاثنين 25 أكتوبر عام 1925..تحية لهذه السيدة العظيمة التى التقطت دروس الفن وجعلت من نفسها سارة برنار الشرق كما أطلق عليها النقاد، وهى التى علمت نفسها القراءة ولم تدخل مدرسة وهى التى لقنت نفسها أصول الوطنية والمبادئ السياسية إلى أن استطاعت أن تملى أدق الآراء وأن تتنبأ بأصدق التنبؤات وفى تاريخ «روزاليوسف» الطويل منذ 86 عاما مجيدا لم تخط مصر خطوة فى تاريخها إلا وكانت مجلاتها من الداعين لها. ولما كان الشىء بالشىء يذكر وبعد أن أصبح النفاق بعد «ثورة يناير» قاعدة عامة وانتشرت فئة بضاعتها النفاق للحاكم أو المحكوم، ولن تختفى هذه الفئة التى انتشرت فى الإعلام المقروء والمرئى خصوصا الفضائيات إلا حين يبلغ زماننا من الرأى والفكر مكان النضج! لقد تذكرت هذه المقالة التى كتبتها السيدة فاطمة اليوسف عن النفاق بعد ثورة عام 1952 وهذه بعض من فقرات المقالة التى عنوانها «ليس من أدواء البشر داء النفاق»، قالت هذه الفقرة، «ومادام النفاق مرضا من أمراض مصر والمنافقون كثيرين مما لاشك فيه أننا سنعانى كثيرا قبل أن نرى بأعيننا بشائر النجاح»! يا ترى ما رأى المسئولين والعياذ بالله المنافقين؟! ونصل إلى الأحبة الأصدقاء الراحلين أستاذنا أنيس منصور والزميل العزيز حجازى الفنان رسام الكاريكاتير والزميل العزيز الشاب حمدى عبدالعزيز الذين - كما قال الخيام: نفسى خلت من أنس تلك الصحاب لما غدوا ثاوين تحت التراب يا أستاذ أنيس منصور، كعادتك دائما المفاجأة، يا أنيس كم كانت لنا حكايات وجولات وصولات مع أستاذنا الكبير عباس محمود العقاد وقد ذكرتها أنت فى كتابك القيم «فى صالون العقاد» وكتبتها أنا فى «روزاليوسف» كثيرا، وكم كانت لنا صولات مع الأرواح وتحضيرها بالسلة، وكم من الأحداث فى صحبة الزعيم أنور السادات فى رحلاته خارج مصر، كل هذا له مقالات أخرى يا صديقى العزيز أنيس منصور أيضا كعادتك لقد أعلنت عن رحيلك فى عمودك الأخير قبل غيبوبة الرحيل، وهذه بعض فقرات منه.. عندما قلت: «ما الذى خرجت به من هذه الدنيا».. و«صحيح ما الذى يمكن أن يخرج به الإنسان من هذه الدنيا».. و«ليس الجسم إلا ثوبا نستلمه جديدا ونتركه باليا قديما والموت هو أن يسقط هذا الثوب عنا». وبعد أن قرأت هذا العامود أقول لك الحق يا من أنت اليوم فى دار الحق، لقد تشاءمت ورأيتك مغادرا وراحلا عنا، وبحثت عن كتابك «جسمك لا يكذب» لأقرأ لك فيه هذه المعانى، وهذا الاستعداد للرحيل، لقد كتبت يا أنيس: نحن نتشابه فى كل شىء، أفكارنا، وعاداتنا، ولغتنا، وطعامنا، وشرابنا، وملابسنا الجاهزة، وملابسنا التفصيل، ولكننا نختلف فى أجسامنا، فأجسامنا هى الشىء الشخصى الوحيد، فكل واحد له جسم مختلف عن الآخر، وللجسد معالم متميزة وجسمى هو وسيلتى الوحيدة إلى معرفة العالم والتأثير فيه هو المرض هو العمل هو المعمل هو الأرشيف وهو الملعب وهو المقبرة أيضا! رحم الله أنيس منصور وغفر له، لقد كان كاتبا وفيلسوفا وفنانا يعرف ماذا يقول وكيف يقول وبصورة مثيرة ورشيقة. ورحم الله حجازى رسام الكاريكاتير، زميل العمر الجميل الفنان المبدع حجازى الفنان الصادق عاش بيننا حلو الكلمة، جميل العشرة والزمالة، صادق المشاعر والمعاشرة، فنان مبتسم، راض أو غاضب عليك رحمة الله وغفرانه يا حجازى أنت والعزيز الزميل الشاب الراحل حمدى عبدالعزيز الذى عاش فى «روزاليوسف» كالطيف، كالملاك الزائر.. عاش حبا ومات حبا ليجتمع بالأعزاء والحبايب والصحاب فى رحاب الله مجتمعين فى جنة الخلد بإذن الله ورحمته وغفرانه بإذن الله. ويا أيامى من أعزى فى الأحباب والحبايب بعد عزائى لنفسى فيهم فما المعزى بباق بعد صاحبه ولا المعزى وإن عاشا إلى حين! وإليكم الحب كله، والبقاء لله، وتصبحون على حب.