كثيرون ممَّن ضُيِّق عليهم في أرزاقهم، يسألون عن تلك الأسباب التي يوسِّع الله- عز وجل- بها عليهم، ويسوق لهم بلزومها رزقًا حلالًا طيبًا مباركًا فيه. وقد أجمع أهل العلم على أن هناك 10 أسباب لسَعة الرزق، وهي 1- تقوى الله تتحقق تقوى الله بفعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه، وهي أول أسباب سعة الرزق والبركة فيه، ودليل ذلك قوله سبحانه في كتابه العزيز: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (الطلاق: 2-3)، وقوله: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (الأعراف: 96)، وقوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} (المائدة: 66). 2: التوبة والاستغفار من المعلوم أن إتيان الذنوب من أسباب حرمان الرزق والبركة فيه، وقد أخبر الله في كتابه العزيز أن اليهود حُرموا بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، وذلك في قوله: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (النساء: 160-161). ويقول النبي (صلى ال الله عليه وسلم): "إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ". (رواه أحمد) والتوبة عن الذنوب والاستغفار من أسباب الرزق. يقول تعالى على لسان نبيه هود (عليه السلام): {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} (هود: 52). وقال سبحانه على لسان نوح (عليه السلام): {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} (نوح: 10-12). 3- صلة الرحم روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". وروى البخاري أيضًا من حديث أنس بن مالك، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". وروى الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي أهْلهِ، مَثْرَاةٌ فِي مَالِه، مَنْسَأَةٌ فِي أَثَرِهِ". 4: الإنفاق والصدقة حثَّ القرآن الكريم والسنة النبوية على الانفاق في سبيل الله من الكتاب والسنة، ومن ذلك قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سبأ: 39). ويقول أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 267-268). وروى مسلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم، أنفق أنفق عليك". وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "ما نقص مالٌ من صدقة". (رواه مسلم) 5- إعانة الضعفاء روى أبو داود والترمزي عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "ابغوني في ضعفائكم، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم". 6- تفريغ القلب للعبادة عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "إن الله تعالى يقول: يا ابن آدم، تفرغ لعبادتي أملاً صدرك غنى، وأسد فقرك، وإن لا تفعل ملأت يدك شغلًا، ولم أسد فقرك". والمقصود أن يكون قلبك حاضرًا أثناء العبادة، غير منشغل بأمور الدنيا وهمومها. 7- شكر النعم يقول تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (إبراهيم:7). يقول عمر بن عبد العزيز: "قيَّدوا نعم الله بشكر الله، فالشكر قيد النعم، وسبب المزيد". 8- الإكثار من الحج والعمرة والمتابعة بينهما قال صلى الله عليه وسلم: "تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة". رواه الترمذي 9- الدعاء كان النبي صلي الله عليه وسلم يسأل الله الرزق الطيب. عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا أصبح قال: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملًا متقبلًا". 10- السعي وطلب الرزق يقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (الملك: 15). ويقول أيضًا: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (الجمعة:10). * المصادر: مفاتيح الرزق، يوسف القرضاوي أسباب زيادة الرزق، إسلام ويب