يعتبر اللاعب النيجيري إيمانويل أمونيكي من أعظم اللاعبين الأفارقة في تاريخ نادي الزمالك.. اشتراه نادي الزمالك بثلاثين ألف دولار فقط.. وخمسة آلاف دولار رشوة لمسئول كبير في النادي وباعه بمليون دولار عام 1994 لنادي سبورتنج لشبونة البرتغالي.. ثم باعه سبورتنج لنادي برشلونة بعشرة ملايين دولار لكن ما هي حكاية إيمانويل أمونيكي؟ في سبتمبر عام 1991 نظمت مصر دورة الألعاب الأفريقية الخامسة بالقاهرة والإسكندرية والإسماعيلية وأسوان. في مسابقة كرة القدم وقع منتخب نيجيريا في المجموعة التي تلعب في مدينة الإسماعيلية ولأنها تبعد عن القاهرة حوالي 130 كيلو متراً فلم يتابع مبارياتها أي من المدربين المصريين.. بل تابعوا واهتموا بمباريات مجموعة منتخب مصر التي تلعب في القاهرة وقد خيب فريقنا الآمال ولم يصعد للمباراة النهائية. في هذا الوقت كنت عضواً بمجلس إدارة نادي الزمالك وحصلت علي أعلي أصوات الأعضاء في الانتخابات. نجح جلال إبراهيم رئيساً للنادي ومعه حمادة إمام وكيلاً ثم بقية الأعضاء. سافر حمادة إمام للتعليق علي مباراة نيجيريا وموزمبيق في الإسماعيلية ولفت نظره لاعباً صغير السن يفعل كل شيء في الفريق المنافس. في الوقت نفسه اتصل بي صديقي المرحوم اللواء إسماعيل البحيري قائد الفرقة 16 بالجيش الثاني الميداني بالإسماعيلية وهو رحمة الله عليه كان أهلاوياً كبيراً ومع هذا قال لي إنه رأي لاعباً في فريق نيجيريا حكاية وكلف أحد ضباط الشرطة العسكرية من التابعين للفرقة أن يسأل عن اسمه وعمره وجاءه الرد بأن اسمه إيمانويل أمونيكي من نيجيريا وعمره 21 عاماً وشهور. جاء حمادة إمام لمجلس الإدارة ليقول لهم عن اللاعب وقلت أنا أيضاً في الجلسة أن أحد أصدقائي في الجيش الثاني يقول لي إن هناك لاعباً حكاية ويمكن أن يكون إضافة كبري للفريق. قال جلال إبراهيم.. طيب هياخد كام وناديه هياخد كام.. ونجيب منين الدولارات؟ قلت الدولارات يمكن أن تكون سلفة من الأستاذ جورج سعد عاشق الزمالك الأول والرجل لن يتأخر.. أما يأخذ كام فهذا ما يتم التفاوض عليه. ذهب حمادة إمام والمرحوم فايز الزمر عضو مجلس الإدارة والمرحوم فاروق أبوالنصر إلي مكان إقامة بعثة نيجيريا بالقرية الأوليمبية المطلة علي قناة السويس وقابلوا إداري الفريق وقدموا له ساعة ثمينة هدية قدمها له فاروق أبوالنصر وحصلوا علي كل المعلومات المطلوبة عن اللاعب وصاحب قرار الاستغناء عنه وتم الاتصال به فطلب خمسين ألف دولار للاستغناء عن اللاعب وعشرة آلاف دولار له شخصياً. بعد التفاوض تليفونياً قال إنه سيحضر إلي القاهرة لحضور مباراتي الدور قبل النهائي والنهائي. في البداية تم تقديم خمسة آلاف دولار للمسئول بدلاً من العشرة آلاف دولار التي طلبها لنفسه وفرح عندما تسلمها. كانت الجلسة في أحد فنادق مدينة نصر ووافق المسئول بعد مفاوضات علي تخفيض المبلغ إلي ثلاثين ألف دولار فقط بدلاً من خمسين. انتقل إيمانويل أمونيكي إلي نادي الزمالك وبدأ يلمع يوماً بعد يوم ويتألق ويحرز الأهداف ولعب مباراة عمره أمام فريق المحلة علي أرضها وفاز الزمالك 5/3 وكان هو النجم الأول في المباراة وظل النجم الأول في مباريات الزمالك وصار بعباً لكل حراس المرمي وأولهم أحمد شوبير حارس مرمي منتخب مصر والنادي الأهلي. مجدي عبدالغني وبداية المفاوضات ذات صباح كنت أغادر مبني الجريدة "الجمهورية بالطبع" وأنا خارج من المصعد في المبني القديم وجدت أمامي مجدي عبدالغني وكان قد لعب لمدة 4 سنوات في أحد أندية البرتغال وصار يتقن اللغة البرتغالية ببراعة وسألني: أنت رايح علي فين؟ قلت ذاهباً للمجلس الأعلي للشباب والرياضة قال: لأ ارجع تعالي أنا جاي مخصوص علشان أقابلك. خير يا مجدي! دلوقت أنا جايب عرض لإيمانويل أمونيكي من نادي سبورتنج لشبونة البرتغالي بنصف مليون دولار.. أنا عارف أنتم دفعتم 35 ألف دولار عند شرائه. قلت: هذا ليس قراري يا مجدي.. بل قرار مجلس إدارة الزمالك بأكمله.. اذهب وقابل المستشار جلال إبراهيم وقدم له طلبا رسميا ونحن ندرسه في الجلسة القادمة. بالفعل تقدم مجدي عبدالغني بعرض لضم إيمانويل لنادي سبورتنج لشبونة البرتغالي. في الجلسة تمت الموافقة من حيث المبدأ علي الاستغناء عنه بعد أن زادت مطالب اللاعب.. تغيير السيارة.. تغيير الشقة.. مضاعفة العقد وخلافه. تم إبلاغ مجدي عبدالغني بضرورة حضور مندوب من النادي إلي القاهرة للتفاوض وبالفعل بعد عشرة أيام حضر إلي القاهرة رئيس النادي بنفسه ومعه زوجته ومدير أعماله وهو من أكبر رجال الأعمال في أوروبا وتم رفع المبلغ إلي مليون دولار منها 800 ألف دولار للزمالك ومائتي ألف دولار للاعب بالإضافة إلي معسكر للزمالك في لشبونة لمدة أسبوعين لعدد 25 فرداً علي نفقة نادي سبورتنج وتم توقيع العقد بالفعل بين رئيس النادي البرتغالي ومجلس إدارة نادي الزمالك. مفاجأة.. جلال إبراهيم باع إيمانويل لناد ألماني فجأة وبدون أن يعرف أحد من أعضاء مجلس إدارة نادي الزمالك فوجئنا بنادي ريوسبورج الألماني يخطرنا بأنه سيتم شطب وإيقاف نادي الزمالك لأنه باع لاعبهم إيمانويل أمونيكي لنادي سبورتنج لشبونة البرتغالي. هل جننتم.. كيف تم بيعه لنادي ريوسبورج الألماني ونحن لا نعلم شيئاً عن هذا الموضوع؟ اكتشفنا فيما بعد أن مفاوضات تمت بين وسيط لنادي ريوسبورج مع جلال إبراهيم وثلاثة من أعضاء مجلس الإدارة دون أن نعرف نحن بهذا الأمر إلا بعد أن قدم نادي سبورتنج لشبونة البرتغالي أوراقه والعقد الموقع مع الزمالك للفيفا.. وفي الوقت نفسه قدم نادي ريوسبورج الألماني صورة من الفاكس المرسل من الزمالك إلي ريوسبورج الألماني إلي الفيفا يعلن تمسكه باللاعب ولن يفرط فيه وأنه سيقاضي نادي الزمالك ويطالب بمعاقبته وشطبه وتغريمه غرامة خمسة ملايين دولار؟ يا دي المصيبة السودة.. من الذي فعل ذلك؟ ومتي.. وكيف؟ أرسل الفيفا خطاباً للزمالك لإرسال مندوب من النادي ومندوب من اتحاد الكرة المصري لأن الفيفا لا يتعامل مع الأندية أو المناطق بل يتعامل مع اتحادات الدول. جن جنون رئيس نادي سبورتنج لشبونة كيف يتم بيع اللاعب لناديين مختلفين في دولتين مختلفتين في وقت واحد. قال رئيس نادي سبورتنج إنه لن يترك إيمانويل مهما كلفه الأمر من مبالغ وسيقاضي المتسبب في هذه المشكلة وقال إنه سيرسل ثلاث تذاكر طيران من القاهرة إلي لشبونة بالبرتغال ثم إلي زيوريخ بسويسرا. تذكرة لمجدي عبدالغني باعتباره وسيط نادي سبورتنج وتذكرة لمسئول عن الزمالك واختارني مجلس الإدارة للسفر والتفاوض وتذكرة لمندوب اتحاد الكرة وتم اختيار هشام عزمي عضو اتحاد الكرة باعتباره لاعباً سابقاً بالزمالك وحارساً لمرمي المنتخب. ليلة في سجن الأجانب بسبب مجدي عبدالغني تأخر هشام عزمي يوماً بعدنا وسافرنا مجدي عبدالغني وأنا إلي باريس لتغيير رحلة الطيران.. وفي مطار شارل ديجول شك الموظف في وجود غلطة في جواز مجدي عبدالغني وتم احتجازه في سجن الأجانب بالمطار للتأكد من صحة أوراقه وجواز سفره ولم أتركه وقضيت معه الليلة مع الذين سيتم ترحيلهم إلي بلادهم والمقبوض عليهم أشكال وألوان معظمهم بالطبع أفارقة سود وكانت ليلة سودة.. مجدي عبدالغني ولا علي باله.. وهات يا ضحك وهزار وتدخين السيجار ولا تشرشل في زمانه. في اليوم التالي تأكدوا من صحة أوراقه وقدموا له اعتذاراً عما حدث قلت له طيب وأنا ذنبي إيه يا أبو دقن لزق؟ قال لي.. السجن للرجالة يا حوده.. ياللا بينا بينادوا علي الطائرة. وصلنا لشبونة وكان في انتظارنا رئيس نادي سبورتنج وأخذنا علي أحد المطاعم الفخمة وتناولنا الغذاء ثم ذهبنا إلي نادي سبورتنج ومررنا من أمام نادي بنفيكا الشهير الغريم والعدو اللدود لسبورتنج ووجدنا تمثالاً ارتفاعه بضعة أمتار للاعب بنفيكا والبرتغال ولاعب موزمبيق الأسبق إيزيبيو موضوع أمام باب النادي وتحيط به الأشجار العالية.. من أنواع الزيزفون والموجنا. اتخلي عن كل شيء إلا نادي سبورتنج في نادي سبورتنج كان هناك الآلاف من الجماهير في انتظار الأتوبيسات لنقلهم إلي مدينة الجرف علي المحيط عندهم مباراة هناك.. وقفوا يرقصون ونصفهم الأعلي عار تماماً ومرسوم علي صدورهم شعار نادي سبورتنج وأمامهم سيدة شيك.. هانم في منتهي الوقار تغني وهم يرددون وراءها.. سألت ماذا يقولون ومن تكون هذه السيدة؟ قالوا إنها زوجة نائب رئيس النادي وهي عميدة كلية الصيدلة جامعة لشبونة. قلت وماذا تغني؟ قالوا: الأغنية تقول.. من الممكن أن أهجر وطن وأستقر في وطن آخر.. من الممكن أن أهجر زوجي.. من الممكن أن أهجر أسرتي.. لكن مستحيل.. مستحيل أتخلي أبداً عن نادي سبورتنج.. فهو حبي وعشقي. قلت: المجانين في نعيم.. جمهورنا رحمة. فاكس من مكتب محمد السكري وصلنا إلي زيوريخ مقر الفيفا وهناك قابلت عبدالله الدبل من السعودية ومحمد بن همام من قطر أعضاء الفيفا وطلبت مساعدتهم فأحضروا لي الأوراق المقدمة من نادي ريوسبورج الألماني وكانت المفاجأة وجدت فاكساً يفيد بموافقة نادي الزمالك علي بيع اللاعب إيمانويل أمونيكي للنادي الألماني بتوقيع جلال إبراهيم رئيس نادي الزمالك. لفت نظري أن الفاكس لم يكن مكتوباً علي ورقة نادي الزمالك وإنما علي ورق شركة محمد السكري للأدوات المكتبية وعليه رقم الفاكس واسم الشركة وعنوانها وقلت هي دي النقطة التي أتمسك بها. تم النداء علينا للجلوس مع جوزيف بلاتر سكرتير عام الفيفا وجان روفينين السكرتير العام المساعد وكان وقتها هافيلانج رئيس للاتحاد الدولي. قال بلاتر: ما هي حجتكم؟ لحسن الحظ كان معي دفتر باسم نادي الزمالك مكتوب فيه اسم النادي بالإنجليزي والعربي والعنوان والتليفونات أيضاً بالإنجليزي والعربي. قلت: يا مسيو بلاتر هذا الفاكس المرسل لنادي ريوسبورج الألماني مرسل من نادي في مصر اسمه السكري وهذه الورقة تثبت ذلك وهو نادي يكره نادي الزمالك وبين الناديين مشاكل كثيرة وهذه هي أوراق نادي الزمالك هذا هو الدفتر.. وهذا هو الاستغناء عن إيمانويل لنادي سبورتنج لشبونة علي ورقة نادي الزمالك. هنا صاح روفينين.. مستر بلاتر.. هذا تزوير.. تزوير.. اللاعب إذن من حق نادي سبورتنج لشبونة. تم اتخاذ قرار برفض انتقال اللاعب إلي نادي ريوسبورج الألماني حيث إن أوراقه مزورة.. أما أوراق نادي سبورتنج لشبونة سليمة وصحيحة.. وبهذا يصبح اللاعب من حق النادي البرتغالي. من مكتب سكرتارية الأمين العام اتصلت بجلال إبراهيم في مكتبه وردت علي السكرتيرة سلوي وطلبت منها أن تنادي المستشار جلال إبراهيم وكان النادي كله في انتظار قرار الفيفا وأبلغته بما حدث فكاد يقفز من الفرحة في التليفون وعقد مؤتمراً صحفياً بعد ساعتين وقال فيه إنه بذل جهوداً جبارة لحل هذه المشكلة ولم يقل للصحفيين أنه هو السبب فيما حدث ولولا الخطأ بإرسال الفاكس من مكتب محمد السكري وعليه اسم شركته لكانت أزمة ضاع فيها نادي الزمالك!!