نظر حوله.. التفت للمرة الخامسة، في ثوان معدودة سيبدأ السباق.. الآن.. اندفع يركض.. أسلم ساقيه للريح.. قفز من فوق الحاجز الأول.. ساعدته رشاقته..لم يكن الأخرون بنفس الرشاقة.. هل سيكون الفائز؟ تساءل في أعماقه وابتسم.. التفت خلفه.. انضم الآخرون للسباق.. يركضون.. يحاولون اللحاق به.. يلهثون! مصيره الآن يتعلق بساقيه.. واتته رغبة عارمة أن يسبق الطريق.. ظل يركض ويركض.. الطريق معه.. مازالت أمامه مسافة طويلة. تحول إلى آلة للعدو.. الآخرون يركضون خلفه.. خطواتهم تركل مؤخرة الطريق. فاض ماء جبينه..شعر بألم في عينيه.. عيناه شمعتان تحترقان.. مسح عينيه.. أطبقهما بشدة.. مازالوا يركضون خلفه.. ''لايمكن أن يسمح لهم أن يلحقوا به'' رددها في نفسه.. زاد من سرعته.. الطريق الأسفلتي يبدو كقطعة من المطاط تتمدد باستمرار.. أحس أنه على وشك الطيران. تداعت إلى ذهنه صورة زوجته التي حجرت عليه.. أطفأ الصورة في ذاكرته.. روادته الفكرة مرة أخرى لابد أن يسبق الطريق.. كادت تدهمه سيارة تعتلي صهوة الطريق.. نظر إليها شزراً.. تصاعدت من حنجرتها أصوات مزعجة تبدو كسباب مقذع لم يأبه لها واندفع يركض.. جمر في ساقيه.. لقد أصيب بشد عضلي.. تحامل على نفسه.. ظل يعدو بمجهود وألم خارقين.. سوف يسبق الطريق لابد أن يفعل.. لقد اقترب الآخرون كثيراً.. ''سأفوز'' كررها في عزم شديد، وصل إلى النهاية تقريباً.. خلفه أحدهم.. كاد أن يعرقله.. الطريق مازال وراءه.. وصل إلى النهاية أخيراً.. صرخ في أعماقه بنشوة: ''سبقت الطريق!'' اندفعت العبارة من شفتيه كقذيفة مدفع.. لحق به أحدهم يعرقله.. سقط أرضاً.. أطبقوا جميعاً عليه.. كبلوا حركته.. حملوه.. ساروا به.. ظل يقهقه لاشئ يهم.. لقد انتصر على الطريق! أحد الذين أمسكوا به يخبر المارة بقصة عجيبة عن مجنون قفز عبر أسوار مستشفى الأمراض العقلية، وظل يعدو عبر الطريق.. لم يأبه لحديثه وظل يقهقه.. ينظر إلى السماء وفي عينيه نشوة الانتصار! كلمتنا شهر – يوليو 2001