تقف إمرأة في الثلاثينات من عمرها أمام المرآة صامتة.. تتأمل جميع تفاصيل وجهها، وعلامات وجهها تدل علي أنها وصلت إلى أقصى درجات اليأس والرغبة في التخلص من الحياة، وتزداد علامات الغضب مع تذكرها كل لحظات الحياة العشرينية، التي مضت وهي تشعر أن أحداً يهمس في أذنيها "ليت الشباب يعود يوماً"، ثم تبدأ العيون تذرف الدموع . ده بالظبط الكلام اللي إتكرر في كتير من سيناريوهات السينما المصرية- من بداية الخمسينيات لغاية دلوقتي- عن مشكلة بقالها أكتر من نصف قرن، إتغيرت فيها الأسباب والحلول لكن فضلت زي ما هي، العنوسة مشكلة ملهاش حل جذري، ولقب عانس مش مقتصر على البنت بس.. لكنه شامل الشباب والبنات، لكن السينما ألقت الضوء أكتر علي شخصية المرأة العانس فقط . وإختلفت السيناريوهات في رسم تفاصيل شخصية المرأة العانس ما بين إثنين.. المرأة القاسية وصاحبة الملامح التي تقترب من الأشرار، وتدمر كل شيء قد يُذكرها بسنها المتقدم، أو إمرأة ذات طابع كوميدي.. دائماً تكون صاحبة ظل خفيف، ولكنهم اتفقوا على أنها بالرغم من كل محاولاتها ودعائها المستمر بأن يصلح ربنا حالها ويتعدل.. بتفضل زاهدة في الحياة . زينات صدقي أشهر عوانس السينما المصرية زينات صدقي واحدة من ألمع النجوم التي أبدعت في دور العانس في طابعها الكوميدي، وكانت ذروة هذه الأعمال فيلم "ابن حميدو" الشهير، والتي جَسَّدَت فيه دور (حميدة) سنة 1957، وبالرغم من أداء شخصية المرأة العانس إلا أنها تركت التعليم عند الإبتدائية، وانتظرت العريس وتزوجت مثل بنات جيلها وهي عند سن السادسة عشر، وكان زواجاً تقليدياً ولم يستمر سوي عاماً واحداً، وعادت بعدها إلى المنزل . كانت تعمل بالأفراح وتقدم المنولوجات وترقص بها، ولأنها كانت غير راضية عن عملها كراقصة لعبت الصدفة دوراً في حياتها.. عندما عرض عليها نجيب الريحاني العمل معه مقبل 80 جنيهاً شهرياً، بالرغم من أن عملها كراقصة عند بديعة كانت تتقاضى عليه ثلاثة أضعاف هذا المبلغ، وكانت شغوفة بقراءة الفنجان والتي ورثتها هواية عن والدتها، وكانت تقرأ الفنجان قبل الموافقة على أي عمل جديد . عُرِفَ عنها أنها "موسوسة".. وعاشت الفترة الأخيرة من حياتها تعاني من الاكتئاب، وقد تم تكريمها من قِبَل الدولة في عيد الفن، ولكن وقتها كانت لا تملك فستاناً لكي تقابل به الرئيس الراحل أنور السادات، ورفضت عرض صديقتها تحية كاريوكا أن تشتري لها فستاناً، واختارت بعضاً من ملابسها القديمة، وكانت سعيدة بتكريمها بهذه الملابس البسيطة . قدمت خلال مشوارها الفني 190 فيلم، معظمهم كانت أدوار ثانية وكانت من أشهر أدوارها دور المرأة العانس.. معظمها في الأدوار الكوميدية، وتعاونت مع أشهر الممثلين وقتها كان علي رأسهم إسماعيل ياسين، ومن أشهر أفلامها التي قدمتها من 1937 إلى 1975 فيلم الآنسة حنفي، ومجموعة أفلام إسماعيل ياسين في (البوليس والأسطول وجنينة الحيوانات) وابن حميدو وشارع الحب، وفي المسرح قَدَّمَت مع إسماعيل ياسين 6 مسرحيات فقط، وقدمت أدوار الخادمة والعانس ومن أشهر كلامها (كتاكيتو بني) . العوانس في السينما المصرية ومع بداية ظهور السينما ولغاية الآن كانت العنوسة من أهم المشكلات التي ظهرت علي شاشتها وكان من ضمنهم : زينات صدقي في ابن حميدو 1957 زينات صدقي في شارع الحب 1958 وقدمت دور (سنية ترتر) . إحسان الشريف في الطريق المسدود 1958 سناء يونس في ريا وسكينة 1983 وقدمت دور إمرأة عانس نصابة وعنيفة . نجمة إبراهيم في 4 بنات وضابط 1954 بيت الطالبات 1967 وبيت القاصرات 1984 وأدت دور إمرأة عانس تمارس القسوة ضد البنات، وتمارس نوع من الحرمان العاطفي ضدهم كنوع من الحرمان الذي تعرضت له . مديحة يسري في تحياتي لأستاذي العزيز 1981 وقدمت دور ناظرة مدرسة بنات داخلية نجلاء فتحي في دور كريم 1970 سناء جميل في بداية ونهاية 1960 وعَبَّرت عن العانس في الطبقة الفقيرة، والتي أدت في النهاية إلى الانحراف لكي تثبت أنوثتها . يسرا في الراعي والنساء سهير المرشدي في الرغبة المتوحشة عبلة كامل وألفت كامل في فيلم هيستريا 1998 وتنوعت بها المرأة العانس بين الشخصية الكوميدية والشخصية ذات القلب القاسي، والأخرى التي تتدخل في علاقات لا يُرغب منها أملاً للهروب من لقب عانس .