الإعلام عامل من أهم عوامل بناء الأمم لأنه يساهم في تكوين وجهه النظر لمعظم طبقات المجتمع و من هنا فمقياس تقدم الأمم يقاس بصدق إعلامها أو تضليله وإذا كان الإعلام مشوه كما هو الحال فى مصر فمن المؤكد أنه لن يحدث أي تغيير لأن أولى خطوات الفساد هى الإعلام المضل والمنافق و إذا عدنا للوراء قليلا سنجد أنه من أكبر عوامل نجاح ثورة 23 يوليو استطاعه الضباط الأحرار نشر بيان الثورة في التلفزيون المصري و هذا إن دل على شئ فإنما يدل على الدور الكبير الذي يقوم به الإعلام وكمواطنة مصريه عادية لم ألاحظ أي تغيير في سياسة التلفزيون المصري بعد الثورة مازال التلفزيون المصري يستعين بصورة كورنيش النيل أو صور مماثلة في أي أزمة تحدث في مصر بغض النظر عن أهمية الأزمة أو خطورتها ولكن في التلفزيون المصري الأخبار الهامة و التي قد تدين أحد المسئولين لا يتعدى وجودها شريط الأخبار السفلى . و أصبح من الواضح جدا أن التلفزيون المصري عبد لمن يحكم مصر و يبقى في نظر المسئولين عن الإعلام حاكم الدولة هو الملك المقدس الذي لا يخطئ ولا يمكن حتى أن يخطئ ..تلك الفكرة آمن بها الفراعنة و رسموها على جدران المعابد التي كنت تعتبر وسائل الإعلام في وقتها والتلفزيون المصري الجليل توارثها عنهم دون أدنى تفكير . وبسبب هذا بقى حتى الآن أي خطأ يحدث من وجهه نظر الإعلام فهو بلا شك خطأ الشعب . وهذا يجعلنا نتوقف أمام نقطة هامة جدا ألا وهى أن تغيير الأشخاص لا يدل على تغيير الفكر أو الإستراتيجيات وهذا ينطبق على كل شئ في مصر بعد الثورة... ولنأخذ الإعلام المصري كإثبات بسيط لتلك النظرية. أنا لا أقول أن الإعلاميين ليسوا بشر ومن حقهم التعاطف مع الأحداث وقد يحدث لبعضهم حالات من التوتر أو الاضطراب العاطفى ولكن على كلٍ الإعلامي يقدم رسالة من شأنها التأثير على المجتمع بأسره سواء إيجاباً أو سالباً لذلك فمن الواجب عليه أن يلتزم بأقصى درجات ضبط النفس ... وألا يخلط بين مشاعره ووجهه نظره الشخصية و الأحداث الواقعية و إن كانت المشكلة الأساسية تكمن في الأخبار الواردة إلى مذيعين التلفزيون المصري....وليس المذيعين أنفسهم . و أنا لا أريد أن يفهم أحد من كلامي إني أطلب من التلفزيون المصري أن يؤيد الثوار والثورة بكل أحداثها و فعاليتها ...لأن في هذه الحالة سيكون التلفزيون المصري تحول من تقديس الحاكم إلى تقديس الشعب و هو أمر مرفوض فى كلتا الحالتين ولكن أنا لا أطالب التلفزيون المصري إلا بأن ينقل الأخبار بكل حيادية و شفافية وواقعية ... ويجب على القيادات المسئولة في التلفزيون المصري أن تدرك أن التملق الزائد والنفاق هو من يصنع الديكتاتوريين .... و من هذا المنطلق يجب أن تراعى تلك القيادات عدم الانحياز للسلطة مهما كانت فإن كنت السلطة مخطئة فلنلعن هذا و إن كنت على حق فلنعلن هذا أيضا.... و أخيرا أوجه رسالة لكل اعلامى ومسئوول لأريح ضميري : جزء من مستقبل مصر في المرحلة القادمة يتوقف عليكم... فاتقوا الله فيما تقدمون.