العزيز جدا جدا جدا.. إسماعيل يس.. أمس كان عيد ميلادك.. 99 عاما مرت منذ ولدت فى 1912حتى الآن.. و39 عاما مرت منذ رحلت عن عالمنا غير الجميل.. أعوام كثيره عبثية قد حدث فيها ما حدث.. وخرب فيها ما خرب.. وباظ فيها ما باظ.. وانصلح فيها ما ظننا أنه قد انصلح.. قبل أن يبوظ هذا الذى قد انصلح مرة أخرى.. لنعود إلى نقطة البداية التى ظننا أننا قد تجاوزناها خلاص.. إلا أنه حنعمل إيه بقى.. آدى الله وآدى حكمته! العزيز جدا «سمعه».. لو كنت تعيش بيننا اليوم لكنا قد رأيناك فى سلسلة أفلامك الجديده «إسماعيل يس فى الشرطه العسكريه» و«إسماعيل يس فى أمن الدولة» و«إسماعيل يس يقابل المجلس العسكري» و«إسماعيل يس فى الصينيه» و«إسماعيل يس فى الفلول» و«إسماعيل يس يقتحم السفارة».. فتلك هى مفردات أيامنا تلك التى لم تكن تعرفها ولم تكن على أيامك والتى نحمد الله أنك لم تعش لتراها.. فأيامنا يا عزيزى «سمعه» أصبحت أيام غريبه ما يعلم بيها إلا ربنا.. أصبحت أيام وهمية زئبقية.. لا يستطيع البنى آدم منا وضعها فى جملة مفيدة لتوصيفها.. ولو سألنا شخص سؤالا عاديا مثل هذا.. « إيه الأخبار؟».. بنتثبت وما بنعرفش نرد عليه نقوله إيه بالظبط.. وغالبا ما نكتفى بذلك الرد الصوفي الإيمانى المتوارث وغير المعبر عن أى شيء.. «الحمد لله»! اليوم.. إختلفت الكوميديا تماما عن أيامك الجميلة.. تلك الأيام التى كان يكفى تماما أن تظهر فيها على الشاشة لكى نضحك.. الآن.. أصبحت الكوميديا كوميديا سوداء وواقعيه وحقيقيه.. لم نعد بحاجه الآن إلى شفاتيرك المهتزه لنضحك.. ولا إلى كبشه تحاول بها إخراج المفتاح من صدر زينات صدقى لنشعر بالمفارقه.. فحياتنا بأكملها قد تحولت إلى مفارقه كبيره وإفيه يموت من الضحك.. وعلى الرغم من أنك لو كنت معنا فى ميدان التحرير فترة التمنتاشر يوم المجيده والعظيمه فى تاريخ الشعب المصرى لكنت قد تأكدت بنفسك من مدى قدرة المصرى على صنع الإفيه الوقتى والحدثى فى حال شعوره بالأمل فى القادم من الأيام.. إلا أنه الحمد لله أنك لم تدخل فى تلك الحسبه الصعبه التى نحن واقعين فيها الآن نضرب أخماسا فى أسداسا ونتساءل معك.. « كلنا عاوزين سعاده.. بس إيه هى السعاده.. ولا إيه معنى السعاده.. قوللى يا صاحب السعاده.. قوللى قوللى « ! أما بقى فيما يخص الكوميديا اللى بجد.. اللى هى بتاعة السينما والتليفزيون والممثلين.. فنعرفك أنها للأسف قد أصبحت قائمة على الزغزغة.. وحتى على الرغم من ذلك لا نضحك.. بل نمتعض ونشمئز ونسارع إلى الضغط على الريموت بمجرد ظهور أى شلحلجى من هؤلاء المزغزغاتية الجدد.. أنت كنت تضحكنا.. أما من يطلقون على أنفسهم الآن نجوم الكوميديا فهم يضحكون علينا.. وربما كان هذا سبب إمتعاضنا.. أنت كنت بجد.. أما هم فمثلهم مثل طعامنا ومياهنا وسياستنا وتعليمنا وحكامنا.. مضروبين.. أنت رحلت منذ 39 عاما ولكنك لازلت حيا تماما وكأنك لم تمت وعندما نصادفك على الشاشة أثناء التقليب فى الريموت نتوقف عندك بشكل تلقائى تماما.. أما هم فعلى الرغم من أنهم لايزالون أحياء يرزقون إلا أنهم فعليا وعمليا ماتوا بعد أول فيلم أو فيلمين أو بمعنى أصح بعد أول خدعة أو خدعتين وبمجرد مصادفتهم على الشاشة نضغط على الريموت بسرعة منعا لإنفجار بعض المناطق التى لو حدث وانفجرت لن يستطيع البنى آدم منّا تعويضها تانى أبدا! العزيز جدا جدا جدا.. إسماعيل يس.. على الرغم من أن مجموع ما حصلت عليه من نقود عن جميع أفلامك ومسرحياتك وأعمالك الكثيرة الناجحة لا توازى نصف ما يحصل عليه أى أحد من هؤلاء المزغزغاتيه الجدد عن فيلم واحد فاشل من أفلامهم الكثيرة الفاشلة إلا أنه وكما تقول أنت نفسك.. «ما تستعجبشى.. ما تستغربشى.. فيه ناس بتتعب ولا تكسبشى.. وناس بتكسب ولا تتعبشى.. ما تستعجبشى ما تستغربشي» ! العزيز جدا جدا جدا.. إسماعيل يس.. الله يرحمك.. وإذا حدث.. ونظرت من السماء على ما يحدث فى مصرنا الجميلة الآن من عوء ومشاكل ومؤامرات وخدع إستراتيجيه وحركات نص كم.. أرجوك.. ما تستعجبشى.. ما تستغربشى.. واعلم أنه كما أخبرتنا بنفسك.. «الدنيا دى متعبة جدا جدا جدا .. آه م الدنيا»! المصدر : جريده التحرير