ازمة الديون الامريكية ليست مجرد أزمة ديون لدولة كبرى ستؤثر على هذه الدولة أو حتى الإقليم المتواجدة فيه، مثلما فعلت أزمة اليونان فى الأسواق المحيطة، لكنها الدولة صاحبة أكبر اقتصاد فى العالم ويرتبط بها معظم اقتصاديات الدول الكبرى والناشئة، خصوصا إذا علمنا أن معظم احطياطيات هذه الدول بالدولار الأمريكى، كما أن أغلب العملات فى العالم مقومة ومرتبطة بسعر صرف الدولار، وهو ما يهدد بكارثة مالية جديدة إذا ما تعرضت أمريكا للإفلاس أو أعلنت عدم قدرتها على سداد ديونها. البورصة والاقتصاد المصرى لن يكونا بعيدين عن أزمة الديون الأمريكية، فعملتهما مرتبطة ومقومة بالدولار الأمريكى واحتياطى البلاد بالدولار، والسوق الأمريكى أكبر الأسواق التى تتعامل وتستقبل المنتجات المصرية، خصوصا المواد الغذائية والغزل والنسيج، خصوصا بعد اتفاقية الكويز وهو ما يهدد أكثر من 3 آلاف مصنع تعتمد على السوق الأمريكى فى تصدير منتجاتها ويعمل بهذه المصانع أكثر من 3 ملايين عامل بشكل مباشر، بالإضافة إلى آلاف المنتجات المرتبطة بالسوق الأمريكى بشكل غير مباشر، وكذلك مئات الشركات التى تعمل فى مصر وتعتمد على السوق الأمريكى فى التمويل. كما أن البورصة المصرية يستحوذ الأجانب على 30% من إجمالى تعاملاتها تقريبا وهم الفئة التى تتمتع بالسيولة الأكبر فى السوق، وفى حالة حدوث أزمة مالية جديدة بحجم كبير سيخرج هؤلاء من الأسواق الثانوية بالنسبة لهم مثل السوق المصرى وهو ما سيكون له تأثير خطير على البورصة المصرية . والجدير بالذكر انها ليست المرة الاولى التى تتعرض فيها الولاياتالمتحدة الى ازمات من هذا النوع مر الاقتصاد الأمريكي بعدة أزمات كانت اولها وأكبرها انهيار عام 1929 والذي استمر حتى عام 1933 حيث في يوم 24 أكتوبر 1929 بعد طرح 19 مليون سهم للبيع دفعة واحدة. وبفعل المضاربات أصبح العرض أكثر من الطلب فانهارت قيمة الأسهم، فعجزالرأسماليون عن تسديد ديونهم فأفلست البنوك كما تسببت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 بانهيار بعض الشركات وسبب اضطرابات في الاقتصاد العالمي. اما اخر الأزمات كانت في اغسطس 2008 بعد ازمة في الرهن العقاري وانخفاض اسعار المنازل وانهيار مؤسسات مالية كبرى كان أهمها بنك بير ستيرنز وفى ازمة الديون الامريكية التى واجههناها هذا العام فقد وجدنا خلافا حاد بين أعضاء الكونغرس الجمهوريين وبين إدارة الرئيس باراك أوباما التي تريد رفع سقف الدين قبل الثاني من أغسطس . ولكن فى النهاية وبعد مفاوضات عسيرة مع الديمقراطيين، يتبنى خطة صارمة لتقليص عجز الميزانية ب: 4 آلاف مليار دولار, خطةٌ أصبحت الموافقة عليها أمرا عاجلا قبل أن تصبح واشنطن بحلول الثاني من أغسطس في حالة عجز عن سداد ديونها أو، بتعبير آخر، في حالة الإفلاس. الحل يكمن في المزاوجة بين تقليص النفقات العامة كما يرغب الديمقراطيون ورفع سقف الديون والاعتماد على مصادر أخرى لتمويل الميزانية بدلا من زيادة الضرائب التي يرفضها الجمهوريون. يُذكر أن عجز الميزانية الأمريكية بلغ أكثر من 1400 مليار دولار . الرئيس الأمريكي، قال في تصريح مقتضب في البيت الأبيض، إن الاتفاق الذي توصل إليه الحزبان ينص على تشكيل لجنة خاصة، لخفض الإنفاق الفدرالي، داعيا الكونجرس إلى اقراره في غضون الأيام القليلة . الاتفاق، الذي يأتي قبل يوم من انتهاء المهلة التي حددتها الخزانة الأمريكية في الثاني من الشهر الجاري، جاء نتيجة لمحادثات اللحظة الأخيرة بين الديمقراطيين، الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ، و الجمهوريين المعارضين، الذين يسيطرون على مجلس النواب ..