تفاصيل قطع المياه لمدة 6 ساعات في المنطقة المحصورة بين الهرم وفيصل بالجيزة    بالتزامن مع إقالة مسؤول أمريكي بارز، عراقجي يثير الجدل بشأن "المخزون النووي الإيراني"    بعثة منتخب مصر للناشئين تؤدي مناسك العمرة عقب مواجهة السعودية    نجم الزمالك السابق يعلق على أداء فيريرا مع الزمالك    بالصور| آسر ياسين وتارا عماد ومايان السيد.. أبطال "وتر واحد" يدعمون ويجز في العلمين الجديدة    وفاة الراقصة المعتزلة سهير مجدي وفيفي عبده تنعاها    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    أطعمة تسبب الصداع النصفي لدى النساء ونصائح للسيطرة عليه    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    نشرة التوك شو| موجة حارة جديدة.. وشعبة السيارات تكشف سبب انخفاض الأسعار    الإنتاج الحربي يستهل مشواره بالفوز على راية الرياضي في دوري المحترفين    المستشار القانوني للزمالك يتحدث عن.. التظلم على سحب أرض أكتوبر.. وأنباء التحقيق مع إدارة النادي    بهدف رويز.. باريس سان جيرمان ينجو من فخ أنجيه في الدوري الفرنسي    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    طارق فهمي: الإعلان الأممي عن تفشي المجاعة في غزة يعكس حجم الكارثة الإنسانية    بوتين: واثق أن خبرة ترامب ستسهم في استعادة العلاقات الثنائية بين بلدينا    العملاق مدحت صالح يبدأ حفله بمهرجان القلعة بأغنية "زى ما هى حبها"    ابنة سيد مكاوي عن شيرين عبدالوهاب: فقدت تعاطفي بسبب عدم مسؤوليتها    5 تصريحات جريئة ل محمد عطية: كشف تعرضه للضرب من حبيبة سابقة ويتمنى عقوبة «مؤلمة» للمتحرشين    وزير الخارجية الأردني: على إسرائيل رفع حصارها عن قطاع غزة والسماح بإيصال المساعدات    تشيلسي يقسو على وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي (فيديو)    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    سليم غنيم يحافظ على الصدارة للعام الثاني في سباقات الحمام الزاجل الدولية    في لحظات.. شقة تتحول إلى ساحة من اللهب والدخان    مراسل من دير البلح: المنطقة باتت مستباحة بالكامل تحت نيران الاحتلال    إسرائيل تشن هجومًا على مخازن تابعة لحزب الله في لبنان    قطع المياه عن بعض المناطق بأكتوبر الجديدة لمدة 6 ساعات    خطة عاجلة لتحديث مرافق المنطقة الصناعية بأبو رواش وتطوير بنيتها التحتية    وزير الري يشارك في جلسة "القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي بقطاع المياه"    تنسيق الشهادات المعادلة 2025، قواعد قبول طلاب الثانوية السعودية بالجامعات المصرية    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    خيرى حسن ينضم إلى برنامج صباح الخير يا مصر بفقرة أسبوعية على شاشة ماسبيرو    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    المنوفية تقدم أكثر من 2.6 مليون خدمة طبية ضمن حملة 100 يوم صحة    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    كتر ضحك وقلل قهوة.. طرق للتخلص من زيادة هرمون التوتر «الكورتيزول»    نجاح عملية جراحية دقيقة لاستئصال ورم ليفي بمستشفى القصاصين فى الإسماعيلية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 23 أغسطس 2025    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    ظهور مفاجئ ل «منخفض الهند».. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: القاهرة تُسجل 40 مئوية    القضاء على بؤرة إجرامية خطرة بأشمون خلال تبادل النار مع قوات الشرطة    ضبط 1954 مخالفة ورفع كفاءة طريق «أم جعفر – الحلافي» ورصف شارع الجيش بكفر الشيخ    أخبار × 24 ساعة.. موعد انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس الدولية والرسمية    مقتل عنصر من الأمن السورى فى هجوم انتحارى نفذه "داعش" بدير الزور    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. الدفاع الروسية: سيطرنا على 9 بلدات فى أوكرانيا خلال أسبوع .. وزيرة خارجية سلوفينيا: المجاعة مرحلة جديدة من الجحيم فى غزة.. إسرائيل عطلت 60 محطة تحلية مياه فى غزة    نتيجة تنسيق رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي الأزهر الشريف 2025 خلال ساعات.. «رابط مباشر»    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل يكتب : يوم تشخص فيه الابصار
نشر في كلمتنا يوم 29 - 08 - 2011

الآن فقط تكتسب خواتيم سورة (إبراهيم) معنى جديدا، كنتُ أفِرُّ إليها كلما داهمتنى الأسئلة المربكة عن الحكمة الإلهية التى تكمن وراء سيادة الظلم وتجبر الظالمين وسطوة الطغاة وخنوع البشر، كنت آنس إليها فى وحشتى وأجد فيها أملا بوعد إلهى أثق فى أنه سيتحقق ذات يوم، لا أدرى متى ولا أين؟ ربما فى هذه الأرض أو فى غيرها، ربما بعد أن أموت أنا وأبنائى وأحفادى، وربما بعد أن تموت أجيال متعاقبة لن ترى فى أثناء حياتها بصيص أمل أو نقطة نور.
«وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالمُِونَ. إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ. مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُؤُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ. وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهُمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوْا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَ لَمْ تَكُونُوْا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ. وَسَكَنْتُمْ فِى مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوْا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ. وَقَدْ مَكَرُوْا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ».
أما وقد عشت حتى شهدت تلك الآيات الكريمة وهى تنبعث فى الشوارع والميادين والحوارى، بعد أن أيقن ملايين من عباد الله أنه لن يُغَيِّر ما بهم حتى يُغَيِّروا ما بأنفسهم، فغيّروا خوفهم وجبنهم وسلبيتهم، ونبذوا تعصبهم وطائفيتهم وجمودهم، أما وقد عشت حتى رأيت أمثال الله -جل وعلا- وهى تُضرب لنا فنراها رأى العين، فاللهم لك الحمد حمدا يوافى نعمك ويكافئ مزيدك، نحمدك ونشكر فضلك حتى تتم نعمتك علينا، ونسألك العفو عما قصرنا فيه -وهو كثير- ونسألك العون على إكمال طريقنا -وهو طويل- لك الحمد أن جعلتنا نشهد ثورة غيّرت فى نفوسنا كل شىء، جعلتنا نشعر ونحن نقرأ كتابك الكريم بطعم جديد، بمعان جديدة تتنزل على نفوسنا بردا وسلاما، أصبحنا يا مولانا ونحن نقرأ قصص عاد وثمود وقوم إبراهيم وفرعون وأصحاب الأيكة نشعر أن كرمك علينا أكبر بكثير، فأنت جعلت عقاب الظالمين يأتى بأيدينا دون أن تنزل به معجزة من السماء أو خارقة تخسف الأرض، جعلتنا ندرك أننا قادرون -بإذنك- على أن نُحَرِّك الكون كله بقوة الإرادة الإنسانية التى وضعت سرها فينا فعطلناها وتركنا غيرنا يستلبها بقوة السلطة حينا وباسم الدين أحيانا.
قبل أن أحدثك عن الأدعية دعنى أذكرك وأذكر نفسك، دعاؤك تملكه أنت وحدك، هو سر بينك وبين الله، ولذلك لا تجبنى إذا سألتك: كيف جربت إحساس الدعاء فى العشر الأواخر هذا العام؟ هل وجدته مختلفا عن كل ما سبقه من سنين؟ أنا وجدته كذلك، هناك فارق كبيييير بين الدعاء لمصر بأن يخلصها الله من الظَلَمة والطغاة، وبين أن تدعو لها بأن يعينها الله على إكمال طريق النصر حتى منتهاه، نعم دعوت على حسنى مبارك وعلى أعوانه وأذنابه، لكنهم لم يأخذوا نفس الحيز الذى كانوا يأخذونه منى فى الدعاء ككل عام، ما أخذ منى وقتا أطول كان الدعاء لمن يناصرون مبارك بإخلاص وصدق، ظنّا منهم أنهم بذلك يناصرون قيم الوفاء والجدعنة والوطنية، دعوت الله لهم أن يعينهم على خلاص أنفسهم من مناصرة ظالم مثله قبل أن يحيق بهم ظلم يجعلهم يدركون كم هو قاس ومرير أن يتعرض الإنسان للظلم.
أتذكر ليلة القدر فى رمضان الماضى، نعم أظن أننى شهدتها والله أعلم، كانت ليلة السابع والعشرين من رمضان، حضرتها فى جامع سيدنا أبى أيوب الأنصارى فى إسطنبول، أتمنى لك أن تنعم بذلك الخشوع الرائع الذى يمكن أن تشعر به وسط مئة ألف من الناس يسألون الله العفو والمغفرة والصحة والستر بلسان أعجمى يجاهد أن يكون عربيا، وجدت نفسى بعد طول تجوال فى ركن ملاصق لساحة المسجد يعج بالعرب المقيمين فى إسطنبول، كان المشهد مهيبا: ثمة رجل يؤم عددا من المصلين، يرفع صوته جهيرا بالدعاء إلى الله، ومن خلفه يؤمّن أناس، بعضهم لا تفهم جوارحهم ما يدعو به، لكن وجدانهم يفهمه جيدا، عندما أتذكر كيف دعا ليلتها وهو يجأر بالشكوى إلى الله أن يهلك حكام العرب الظالمين أسأل نفسى الآن ماذا كانت جنسيته؟ وهل نال ما تمناه فى بلاده؟ وهل كان بيننا يومها توانسة وليبيون نالوا ما نلناه؟ وكم جيلا فنيت أعماره فى هذه الأمة المنكوبة قبل أن يرى دعواته بهلاك الظالمين وهى تبدأ فى التحقق؟
أرجو أن تتذكر ذلك كله وأنت تناجى ربك فى ليلة العيد التى يُستجاب فيها الدعاء كما وعدنا الله، ادعُ لليائسين والساخطين بأن ينير الله قلوبهم بنور الأمل، بأن يجعلهم يتذكرون كيف كنا فى يوم الخامس والعشرين من يناير لا يحلم أحد منا بأن يرى مصر وهى تتغير إلى الأبد بعدها فقط بثلاثة أيام، بأن يلهمهم الإيمان بقدرة الإنسان على صنع المعجزات، بأن يجعلهم يؤمنون بأنفسهم أكثر، ففى إيمان الإنسان بقدرته يكمن سر الإيمان بالله، هكذا كنت أظن، وهكذا أصبحت أعتقد الآن، بعد أن حوّلت الثورة كثيرا من ظنونى إلى اعتقادات تُطمئننى وتغمرنى بحب جارف لله ولعباده ولدنياه.
إذا حاصرتك نفسك الأمّارة بالشك بأسئلة تقض مضاجعك وتقلق راحتك عمّا نراه الآن وعمّا ينتظرنا غدا، إذا سألتك هل ما نراه مصارع للظالمين حقا أم أنها تبدو لنا كذلك؟ فاترك خواتيم سورة إبراهيم تنزل على قلبك بردا وسلاما وأنت تقرؤها بعينى وقلب ووجدان ما بعد 25 يناير: «فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ. يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوْا لِلَهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِى الْأَصْفَادِ. سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ. لِيَجْزِىَ اللَهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللَهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ. هَذَا بَلَاغٌُ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوْا بِهِ وَلِيَعْلَمُوْا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو الْأَلْبَابِ».
أما كل أسئلة الغد المقلقة المشروعة فأنت وحدك الذى ستجيب عنها بنفسك وبعملك وبكدك وعرقك ووعيك وعقلك وعاطفتك ولو لزم الأمر بدمك، ألم تعش لترى وتعرف بنفسك أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم؟! عرفتَ فالزم.
المصدر : جريده التحرير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.