تعيش ألمانيا الآن حاله من الترقب وقليل من الفزع ويتساءلون هل سينتقل ما حدث فى بريطانيا من أحداث عنف في الأيام الماضية وأصابت المواطنين بالرعب، أثارت الجدل في ألمانيا. ترى كيف يرى الشباب والمراقبون في ألمانيا تلك الأحداث وهل يتوقعون أن تنتقل العدوى إلى شوارع ألمانيا؟ مشاهد الشباب الغاضب وهو يشعل النيران ويخرب ويسرق المحلات التجارية في الشوارع البريطانية لم تصدم فقط البريطانيين، لكن آثارها امتدت لتشمل دولاً أوروبية، وبدأ الشارع الألماني يتساءل فيما إذا كانت أحداث مماثلة قد تتكرر في بلادهم. مصباح، الشاب الفلسطيني المقيم في ألمانيا منذ نحو عام، لا يعتقد أن هذا الأمر وارد لأن الاقتصاد الألماني في رأيه أفضل من مثيله في بريطانيا. ويتفق مصباح في ذلك مع رأي البروفسور سيمون توينه، المتخصص في مجال الاحتجاجات الشعبية بالمركز العلمي في برلين والذي يرى أن المظاهرات الألمانية عادة ما تتعلق بموضوعات مثل الطاقة الذرية وليس بأمور اجتماعية. ويعلل توينه ذلك بأن الأزمة المالية لم تصل بعد للأفراد من ناحية، ولأن الألمان "يشعرون أن حياتهم ونجاحهم من مسؤوليتهم الشخصية وليسا مسؤولية الدولة" من ناحية أخرى. "الشرطة الألمانية أكثر تأهيلاً واستعداداً" سلوى محمد:سلوى محمد:"كون الشرطة الألمانية مؤهلة لا يعني أن العنف غير موجود" - هذه الصورة من مظاهرات الأول من مايو/آيار عام 2005 في برلين أما مي، الشابة المصرية التي تدرس في برلين منذ سبع سنوات فهي وإن كانت ترى أن هناك شباب أجانب لا يجدون فرصاً جيدة ولا يشعرون بالانتماء، إلا أنها لا تتوقع أن تتكرر أحداث بريطانيا في ألمانيا في المستقبل القريب "لأن الدولة الألمانية مسيطرة بشكل أكبر والشرطة أكثر تأهيلاً". ويوافقها الرأي الدكتور رالف غضبان، الباحث والكاتب في شؤون الاغتراب والهجرة في ألمانيا، موضحاً أن ألمانيا مرت بمرحلة صعبة بعد انهيار الجدار، حيث تم القضاء على البنية الاجتماعية في كل المدن الألمانية الشرقية ووصلت البطالة إلى 70 بالمائة، فأصبح الشباب في الشارع وكونوا العصابات وبدأوا في إرهاب الناس. لكن "هذه المرحلة استوعبت ومضت"، على حد قوله. "إذا ما أهينت الكرامة يمكن للمرء القيام بأي شيء" أما سلوى محمد المغربية الأصل ومؤسسة ومديرة جمعية "صناع الحياة" الخيرية، فهي وإن كانت ترفض أعمال العنف التي قام بها الشباب في بريطانيا، إلا أنها ترى أن الأهم من محاسبة هؤلاء الشباب هو محاولة تفهم الأسباب التي تدفعهم للقيام بهذه الأعمال. وتقول في هذا السياق: "دائماً ما ننسى أن حتى هؤلاء الذين قاموا بتلك الأعمال الفوضوية والإجرامية هم في النهاية بشر. والسؤال الذي يجب علينا أن نطرحه قبل أن نحاسبهم هو ما الذي دفعهم لإيذاء أشخاص آخرين؟ وما الذي أوصلهم إلى هذا المستوى؟" وفي رأيها أن ما يدفع الشباب للقيام بهذه الأعمال هي المشاكل الاجتماعية والأسرية بالإضافة إلى شعورهم بالرفض من المجتمع والحرمان حتى من حقوق بسيطة وأساسية بالإضافة إلى وصفهم من قبل المسؤولين بأن لا قيمة لهم. "وإذا ما أهينت كرامة المرء لا يبقى له شيء يخسره، فيقوم بأعمال غير محسوبة العواقب". وتضيف الناشطة في مجال حقوق الإنسان أنها ترى أنه يوجد مثل هؤلاء الشباب بكثرة في ألمانيا، وكون الشرطة مؤهلة لمقوامتهم فهذا لا يعني أنهم غير موجودين.