أتعجب من أمر هذه الحكومة.. فتقول شيئا وتتصرف بشىء آخر.. وكأننا فى عهد النظام السابق. حكومة تدعى أو المفروض أنها ثورية، ولكن تعمل بطريقة تقليدية جدا. تحدث الأمور، وكأنها غائبة ليس لها علاقة بها، كما جرى فى أحداث العباسية يوم السبت الماضى، أو موقعة الجمل الثانية.. فلم يخرج عن الحكومة شىء، وكما نعلم أن وزير الداخلية كان مشغولا بحضور احتفال جماعة الإخوان بإعلانها عن حزب الحرية والعدالة، والثوار يتم ضربهم بالسنج والسكاكين والطوب على يد البلطجية، وتلقى عليهم زجاجات المولوتوف، بعد محاصرتهم بقوات الأمن المركزى والشرطة العسكرية الذين قدموا جميع التسهيلات لصدام البلطجية بالثوار. ولم ينطق الدكتور عصام شرف، أو أى أحد من وزارته، اللهم إلا أن د.شرف كتب فى صفحته على «فيسبوك»، أنه وجه وزير الصحة إلى توفير سيارات إسعاف فى منطقة العباسية، ليذكرنا بما كان يفعله النظام السابق أيضا من وجود سيارات الإسعاف بالقرب من المظاهرات، وكأن لسان حاله يقول اضربوهم وسننقلهم بسيارات إسعافنا! ورأس عصام شرف اللجنة الوزارية المشكلة لإدارة الأزمة فى أول اجتماع لها يوم الإثنين، أى بعد 48 ساعة من أحداث موقعة الجمل الثانية، فلم يصدر أى شىء عن اجتماع اللجنة بخصوص ما حدث أو الإعلان -على الأقل- عن تشكيل لجنة تقصى حقائق، أو تحقيق أو أى شىء للوقوف على ما حدث، حتى وإن تم وضع تقريرها بعد ذلك فى «ثلاجة»! لم يحدث أى شىء وكأن العباسية ليست مكانا فى القاهرة، أو فى مصر كلها. ما علينا... فقد قررت لجنة إدارة الأزمات، بدء اتخاذ الإجراءات الخاصة بتفعيل قانون الغدر، وإبعاد جميع أركان النظام السابق من مواقع المسؤولية، فى جميع أجهزة الدولة فى أسرع وقت. كلام جميل، لكن هل استمعت الحكومة أخيرا إلى الصوت الشعبى الثورى الذى طالب منذ أيام الثورة الأولى، بعزل كل رموز النظام السابق، ومحاكمة قياداته التى أفسدت الحياة السياسية، بعد أن اقتصرت كل التحقيقات، والإحالات إلى المحاكم على قضايا مالية تافهة، أحيانا يمكن أن يحصل فيها المتهمون على البراءة، وهو الأمر الذى حدث مع بعض وزراء العهد السابق. ولقد بحث ناشطون عن طريقة محاسبة سياسية لهؤلاء واستعادوا قانون الغدر، الذى لم تفكر فيه الحكومة ولا المجلس العسكرى الذى يحكم البلاد خلال الفترة الماضية (6 أشهر من حكم العسكرى، و4 أشهر من حكومة شرف). عموما.. أنا لا أصدق الحكومة.. فقد سبق أن فشلت فى التخلص من عميد كلية الإعلام، فكيف سيتم التخلص من جميع رؤساء الجامعات، وعمداء كليات وهم أركان وفلول النظام السابق الذين أتوا إلى تلك المناصب بتقارير مباحث أمن الدولة؟ ناهيك برؤساء الهيئات والمؤسسات وحتى الأجهزة الرقابية مثل الجهاز المركزى للمحاسبات. فكيف يتخلص من هؤلاء وغيرهم من فلول النظام السابق، وهو لم يستطع التخلص من فلول ما زالوا موجودين فى تشكيل حكومته من بقايا الحزب الوطنى «المنحل».. فما زال هناك وزراء انتموا إلى الحزب الوطنى وترشحوا تحت شعاره، فى انتخابات 2010 «المزورة». ليس هذا فقط.. فقد أتى عصام شرف بوزراء فلول، من حزب الوفد، طبعا حزب الوفد على يد رئيسه الحالى السيد البدوى هو حزب فلول، وكان يجب حله مثل الحزب الوطنى، فقيادات هذا الحزب وعلى رأسهم البدوى وعلى السلمى الذى جاء به عصام شرف -وإن كنت أظن أنه ليس من اختياره- نائبا لرئيس الوزراء للحوار الديمقراطى «وهو بعيد كل البعد عن الحوار الديمقراطى»، هم فلول وكانوا لا يسيرون أمور الحزب إلا برعاية من قيادات فى الوطنى وحسن عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدولة المحبوس، كله من أجل المصالح وأعمالهم، فقد كان «وفد» البدوى والسلمى ضد الثورة فى بدايتها. وقد حاول البدوى الرد على ذلك فأصدر ملحقا خاصا لم تكن فيه مقالات لرئيس التحرير، الذى هو وزير الإعلام الآن، تؤيد الثورة إلا بعد تنحى مبارك، فهى مقالات نشرت فى شهرى مارس وأبريل، وكذلك الأمر مع على السلمى. ولعلى أطلب هنا من د.عصام شرف، أن يطالب الأجهزة الرقابية بملف تورط على السلمى، فى جامعة النهضة ببنى سويف. فهل يستطيع عصام شرف التخلص من فلول النظام السابق، وهو يبلينا بفلول جديدة؟!