فى اللحظة التى صدر فيها قرار عصام شرف رئيس الوزراء بتعيين الدكتور حازم الببلاوى نائبا له ومشرفا على المجموعة الاقتصادية، كنت أجلس معه برفقة مجموعة قليلة من المثقفين والسياسيين نناقش التصورات المختلفة بشأن أفضل الصيغ التى تضمن وجود دستور عصرى يليق بمصر وبالثورة. الببلاوى لا يحتاج لشهادتى أو شهادة غيرى على كفاءته وخبرته، وهو ما ينطبق على كثيرين فى التشكيلة الحكومية الجديدة، لكن التجربة علمتنا فى مصر وغيرها أن الشهادات العلمية والخبرات العلمية لا تكفى وحدها للأسف لكى ينجح المرء فى عمله خصوصا إذا كان مسئولا أو وزيرا. على انفراد سألت الدكتور الببلاوى وأنا أعرف الإجابة مقدما: هل تدرك أن معظم من سبقوك فى منصبك تحملوا كل أوزار السياسات الاقتصادية الفاشلة للحكومات وللرئيس من محمد الرزاز إلى يوسف غالى وأخيرا سمير رضوان؟!. فى التشكيلة الاخيرة وقع معظمنا فى فخ المرشحين ورغم أهمية ذلك إلا أننا للأسف تجاهلنا السياسات التى سيطبقها هؤلاء الأشخاص.. لو أننا مثلا عرفنا طبيعة وتعريف حكومة شرف والمهام التى ستؤديها لربما كان من السهل بعد ذلك اختيار الأشخاص. فى الولاياتالمتحدة لا يهم اسم الرئيس كثيرا والدليل أن شخصا ببلاهة وحماقة جورج بوش الابن حكم البلاد فترتين متتاليتين ولم تنهر أمريكا. ما قيمة أن أضع أفضل العقول فى كل الوزارات، لكن لا أعطى لهم الصلاحيات، أو أتركهم بلا هدف أو خريطة طريق يتحركون على هديها. لدينا أسماء محترمة كثيرة فى كل المجالات لكنها تعمل بعيدا عن أى منظومة. الآن وجريا على المثل الذى يقول إن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، فإننا ومنذ الثورة لدغنا مرتين الأولى من حكومة أحمد شفيق والثانية من حكومة عصام شرف، وبالتالى فلا ينبغى بأى حال من الأمور ان نلدغ من جحر شرف مرة ثانية، لأن الرجل يفترض أنه أحد أبناء الثورة. هناك ما يشبه الاجماع على أن حكومة عصام شرف لديها فرصة واحدة وأخيرة، هى حاصلة على أكثر من كارت أصفر، وكان ينبغى إشهار الكارت الأحمر فى وجهها، لولا طيبة الحكم الذى هو الشعب. يفترض أن الدكتور الببلاوى حصل على الصلاحيات الكاملة فى ملفه الاقتصادى وبالتالى فإن الكرة قد صارت فى ملعبه. يفترض أيضا أن يقر فى ذهن الوزراء الجدد أنهم جاءوا لسبب وحيد هو ضغط الشارع ورغبته فى الإصلاح وإعادة البناء لذلك يفترض أن يكون ولاء هذه الحكومة أولا وأخيرا لهذا الشارع. عليهم أن يصروا على ممارسة صلاحياتهم وإذا شعروا بأنهم مجرد أدوات فالأشرف لهم أن يجلسوا ويستقيلوا فورا. ما قيمة أن أضع د. جودة عبدالخالق المنحاز بفكره للطبقات الكادحة فى منصبه دون أن أعطيه الإمكانات التى تجعله يقيم العدالة الاجتماعية. وما قيمة أن أعين على السلمى والمفترض أنه ليبرالى ومؤمن بالديمقراطية فى حين أن بعضنا لا يؤمن بحرية الرأى أو استقلال القضاء وكل همه إعادة إنتاج نظام مبارك. نتمنى كل النجاح للحكومة، وكل التوفيق للوزراء خصوصا الببلاوى لجسامة ملفه. لدينا طلب وحيد من الوزراء: لا نريد منكم وعودا.. جربوا أن تقدموا لنا أفعالا. لدى هذا الشعب فائض هائل من التصريحات ينقصه فقط بصيص من الأمل بأن الغد سيكون أفضل من اليوم وأمس.