كتب الله لمصر أن تكون ثورتها الثانية ، التي ترددت على ألسنة المحللين ، والتي هددونا بها طويلا ، ووصفوها بأنها اقل سلمية وأكثر عنفا وأكثر تدميرا وإنها ستشبه الموجة الثانية من الثورة الفرنسية ، والتي قتلت كل النبلاء ، انتقاما من قتل الثوار ، وبينما كانت الخيالات ترسم أفقا مظلما ، يعبر عن حالة من الانسداد السياسي ، وضيق الرؤية الواضح للأطراف الفاعلة ، ووصلت المبالغة الى التبشير والتهديد بالحرب الأهلية والاحتراب الداخلي ويا أبشع ما بشرت به لكن طبيعة المصريين الحضارية العميقة سرعان ما تغلبت على مشعلوا الحرائق وتهادى الجميع إلى شاطئ الأمان فى تطورات أصابت كل المراقبين للأحداث من وسائل الإعلام المستأجرة والتي باتت تدق طبول الخراب وتحاول أحداث وقيعة شديدة بين المجلس العسكري والإخوان وكان أن بلغت المزايدات مداها ودخل فيها أطراف من الصحفيين والإعلاميين والمحللين والمحاميين والمستشارين والفنانين والأدباء دخولا عنيفا أوحى بان قوى النظام السابق تدخل معركتها الأخيرة بأكبر قدر من المغامرة والمجاهرة والعناد
هذا الدخول العنيف أوحى لمن يتابع وسائل الإعلام بان البلاد ذاهبة إلى الجحيم وانه لا طاقة لأحد بمقاومة المنحدر العنيف بل طالب بعضهم المجلس العسكري بإعلان الأحكام العرفية وتحدثوا عن أسلحة من الخارج وصواريخ مضادة للطائرات وأنواع كثيرة
واحتشد الناس في ميدان التحرير للمطالبة بإلغاء قرارات العسكري الأخيرة وبعدها بعدة أيام احتشد آخرون بمدينة نصر وفجأة وبدلا من أن يصطدم الطرفان فتندلع الحرب الأهلية اندلعت الأفراح وغدا الناس يرقصون فى الشوارع والهتافات والأغاني والزغاريد كيف تبدل الحال وما أسس التحليل التي استند إليها من روجوا لسيناريو الفتنة .. إنها عبقرية المصريين التي حولت الصدامات الكبرى إلى احتفالات شارك فيها الجميع حتى أنصار شفيق ..والمشهد الأكثر غرابة لرجل يعلق صورة شفيق فى شرفة منزله ثم تخرج زوجته تزغرد لنجاح مرسي وهو يهتف ويرقص مع الناس ..!
أين إذن الثورة الثانية ؟أين ما تحمله من خراب محدق؟التفسير الوحيد أن ثورة الصناديق التي هزمت الفلول وأطاحت بأخر أحلامهم للعودة إلى السلطة تلك الثورة الحضارية الديمقراطية الراقية حققت أهدافا كان يصعب أن تتحققا إلا بالويل والثبور وعظائم الأمور..تحية للشعب العظيم الذي فجر ثورة الغضب ثم ثورة الصناديق