بعد إعلان إثيوبيا إنشاء سدود جديدة.. أستاذ موارد مائية يكشف تأثيرها على مصر (فيديو)    كيف ستتعامل الحكومة مع انقطاع الكهرباء في فصل الصيف؟.. متحدث الوزارة يزف بشرى سارة للمواطنين    تكنوبوت.. التقاء العلم والتكنولوجيا في مجلة طلابية رائدة برعاية جامعة بنها    «فتح»: الاحتلال الإسرائيلي قتل مئات الفلسطينيين لتحرير 4 محتجزين فقط    نقيب الصحفيين الفلسطينيين يدعم قصواء الخلالي: لا ننسى مواقف الأوفياء    عاجل.. رئيس لجنة المنشطات يكشف كواليس هامة في عينة رمضان صبحي "غير الآدمية"    سواريز ونونيز يقودان قائمة أوروجواي استعدادًا لكوبا أمريكا 2024    «انخفاض ليومين».. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس ال5 أيام المقبلة (فيديو)    النيابة تأمر بانتداب المعمل الجنائي لمعاينة موقع حريق شقة فى مدينة نصر    سفاح التجمع أمام جهات التحقيق: "زوجتي الثانية كانت تصور علاقتنا الزوجية"    تحريات مباحث دراو: مضطرب نفسي وراء واقعة ذبح طفلة رضيعة في أسوان    وكيل نقابة الصحفيين: نتعامل مع كيان صهيوني زُرع بالمنطقة لتحقيق المصالح الأمريكية    تفاصيل جديدة في واقعة صفع عمرو دياب لمعجب: لم تتم دعوته للحفل والتقط «سيلفي» 5 مرات مع الهضبة    وزيرة الثقافة تعلن انطلاق الدورة السادسة من «مواسم نجوم المسرح الجامعي»    ابنة نجيب الريحاني: أتمنى عمل تمثال لوالدي في حديقة الأزهر    الصحة: إحالة طواقم مستشفى مارينا للتحقيق.. وتطوير نقطة إسعاف الصحراوي خلال شهر    أول تعليق ل مقدمة البلاغ ضد زاهي حواس بشأن استغلال مكتبة الإسكندرية    الأحد أم الاثنين؟.. الإفتاء تحسم الجدل رسميا بشأن موعد عيد الأضحى 2024 في مصر    آسر ياسين يروج لفيلمه الجديد ولاد رزق 3    بشرى سارة من التربية والتعليم لطلاب الثانوية العامة بشأن المراجعات النهائية    علي فرج يتأهل لنهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    هيئة الدواء تكشف حصيلة حملاتها الرقابية في المحافظات خلال شهر مايو    ورش ولقاءات توعوية للأطفال في احتفالات اليوم العالمي للبيئة بأسيوط    النحاس يرتفع مجددا بنسبة 22% فى السوق المحلية خلال أقل من شهر    أفضل الأدعية في العشر الأوائل من ذي الحجة    منتخب مصر يتوج ب14 ميدالية في بطولة العالم لليزر رن بالصين    لمرضى السكر.. 8 فواكة صيفية يجب تضمينها في نظامك الغذائي    هالاند يقود هجوم منتخب النرويج فى مواجهة الدنمارك وديا    معلومات حول أضخم مشروع للتنمية الزراعية بشمال ووسط سيناء.. تعرف عليها    تقارير: حارس درجة ثانية ينضم لمران منتخب ألمانيا    تقارير: نيوكاسل يضع حارس بيرنلي ضمن اهتماماته    معيط: نستهدف بناء اقتصاد أقوى يعتمد على الإنتاج المحلي والتصدير    القبض على سائق متهم بالتحرش ب "معلمة" في أثناء توصيلها أكتوبر    مصر تواصل جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة "صور"    محافظ الشرقية يشارك في اجتماع المعهد التكنولوجي بالعاشر    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    المصري يطرح استمارات اختبارات قطاع الناشئين غداً    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    وزير التعليم يتسلم نتيجة مسابقة شغل 11 ألفا و114 وظيفة معلم مساعد فصل    وزير العمل يشدد على التدخل العاجل لحماية حقوق العمال ضحايا الإحتلال في فلسطين    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية دمشاو هاشم لمدة يومين    لماذا يحتاج الجسم لبكتريا البروبيوتيك؟، اعرف التفاصيل    أنباء عن هجوم بمسيرة أوكرانية في عمق جمهورية روسية    المشدد 5 سنوات لمتهم في قضية حرق «كنيسة كفر حكيم»    أول ظهور لكريم عبد العزيز بعد وفاة والدته    وزير الأوقاف: لا خوف على الدين ومصر حارسة له بعلمائها وأزهرها    في خدمتك | تعرف على الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضحية حسب الشريعة    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    "صحة غزة": 70 شهيدًا و150 مُصابًا جراء 5 مجازر ارتكبها الاحتلال خلال آخر 24 ساعة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    التشكيل الحكومي الجديد| وزراء مؤكد خروجهم.. والتعديل يشمل أكثر من 18 وزيرًا.. ودمج وزارات    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على زراعى البحيرة    «الإفتاء» توضح فضل صيام عرفة    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجرد نظرية
نشر في المصري اليوم يوم 29 - 04 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم
مجرد نظرية
عن مبارك و (الثورة) والخدعة الكبرى
بقلم : محمد حسني السلاموني
بعد أن انتهت الفوضى الصغرى المسماة ب(ثورة) 25 يناير و بدأت الفوضى الكبرى من اعتصامات و إضرابات أصبحت مظهراًً عادياً من مظاهر الشارع و كثرة التجمعات في ميدان التحرير التي تطالب يوماً بالتطهير و يوماً بالتغيير مع مراعاة غياب الأمن و تكليف القوات المسلحة بمهمات فوق طاقتها فكان لابد أن أكتب لأوضح بعض النقاط في بداية و نهاية هذه الفوضى و ربما لكي يقول الناس أني مصاب بمتلازمة استكهولم أو من فلول الحزب الوطني .
● البداية الأولى للمؤامرة :
تيقنت أمريكا أن مبارك منذ زمن طويل أن مبارك معارض لكل سياستها العدائية في الشرق الأوسط فبدأت في التخطيط للإطاحة به من الحكم في مصر لتصنع لها حاكماً يرضخ لجميع مطالبها و ينفذ الأوامر بلا نقاش . و نظراً للأزمة المالية الطاحنة للولايات المتحدة – بالرغم من أنها تدعم منظومة القبة الحديدية في إسرائيل – فقد قررت الإدارة الأمريكية عدم تنفيذ المخطط عسكريا لما له من تكاليف باهظة و فضلت أن تكون مؤامرة سياسية في الخفاء تتحمل هي نفقاتها في سبيل نجاح مهمتها .
● البحث عن وسيلة :
و لما رأت الولايات المتحدة أن الاغتيال أيضاً لن يكون حلاً مناسباً لأنه سيكسب الرئيس المصري تعاطفاً غير مطلوب و سيدفع المصريين للبحث وراء المؤامرة و معاداة كل السياسات الأمريكية في المنطقة فقد قررت أن تكون المؤامرة أكثر تستراً عن طريق دعم جبهات المعارضة في مصر لتمكينها من الإطاحة بالنظام الحاكم و لكنها ركزت دعمها – المادي و المعنوي – على القوى السياسية الشابة مثل حركة 6 أبريل و ما يشابهها لأنها تعلم أنه لا يوجد أسهل من استثارة بعض الشباب الجامح لإطلاق الشرارة الأولى للفوضى في مصر و تشجيع قوة كبيرة مثل الإخوان المسلمين للنزول إلى ميدان المعركة و تحقيق طموحات الإدارة الأمريكية في تدمير من يعارضها في مصر .
● بطل من ورق :
و كان لابد من البحث عن بطل للشعب المصري يكون منزهاً عن الخطأ و يمثل أمام العالم استبداد النظام السابق . و من أفضل من الشاب خالد سعيد ذلك الشاب المكافح الذي كان يجلس في مقهى للانترنت فدخل عليه اثنين من المخبرين و أوسعوه ضرباً حتى مات و تم تبرير الأمر بأن خالد كان قد نشر فيديو يصور بعض ضباط الشرطة و هم يتاجرون في المخدرات . أنا لن أبحث في السبب الذي دفع الشرطة لضربه أو إذا كانت هي السبب في موته و لكني أعلق على تمجيد خالد و التغني بنزاهته بالرغم من اتهامه بتعاطي المخدرات فيخرج أحمد ابن خالته في إحدى البرامج ليقول أنه ما من شاب في مصر لم يشرب مخدرات كما قالت أمه أنها رأته يشرب المخدرات مرة أو اثنين و لكنه ليس مدمناً أو تاجراً لا سمح الله و كان هناك اتهام آخر بأن خالد كان هارباً من التجنيد فيرد المحامى في نفس البرنامج بإظهار شهادة تأدية الخدمة العسكرية لخالد ولكنه أغفل أن نفس الشهادة تثبت رفده انضباطياً كما أن أن درجة أخلاقه كانت رديئة .
● الفارس وائل غنيم :
طبعاً تتسائل عزيزى القارئ لماذا أتكلم عن أشخاص و رموز بالرغم من أنها ثورة شعب و لكن هذا يعني أنك لم تستوعب المؤامرة بعد فشخص مثل وائل غنيم يعمل مديراً للتسويق في شركة جوجل بالتأكيد ليس لديه الوقت الكافي لإنشاء الصفحات و الجروبات على الفيسبوك و حشد هذا العدد من الشباب لتكوين جبهة معارضة شبابية في مصر و هذا يدفعني للتساؤل حول الدور الذي لعبته شركة جوجل في المؤامرة بتكليف وائل غنيم بهذه المهمة . و الذي يؤكد هذه النظرية هو القبض على وائل غنيم بتهمة الخيانة العظمى و التحريض على حرق مقار أمن الدولة ثم اتضح أنه قبل القبض عليه قال أن هناك جهات تستطيع تجميع الورق المفروم و إعادته لحالته الأصلية و هو نفس التصريح الذي أصدرته ويكيليكس المشهورة بتسريب المستندات الدولية الهامة و لك عزيزي القارئ أن تفهم المغزى من هذه التصريحات .
● إسراء عبد الفتاح بنت مصر :
تدور تساؤلات أخرى حول الناشطة المصرية إسراء عبد الفتاح و مدى علاقتها بالمؤامرة فمنذ القبض عليها بعد إضراب 6 أبريل و خروجها سليمة معافاة من أمن الدولة ثم القبض عليها مرة ثانية و الإفراج عنها بدون إبداء أسباب و الكثيرون يتساؤلون عن السبب وراء عدم إيذاء أمن الدولة لها مما يوحي بأهمية سلامة إسراء لهم فهي التي قالت أنها لم تصدق ما جرى فقد كانوا يعاملونها بكل احترام و هناك بعض الألغاز التي تحتاج لتفسير مثل تصريح إسراء بأن جهاز أمن الدولة المنحل لا يزال يراقبهم فإذا ركزت ستجد أنك لن تعرف أن شخصاً يراقبك إلا إذا كنت مجهزاً بمعدات خاصة تمكنك أنت من مراقبته مما ينفي تماماً حقيقة أن تنظيم 6 أبريل بعيد تماماً عن المساعدات الخارجية التي تدعمه ضد جهاز أمن الدولة .
● الدكتور محمد البرادعي :
تدور الشكوك حول الدكتور البرادعي و مدى علاقته بالمؤامرة فمنذ كونه مديراً للوكالة الدولية للطاقة الذرية – على عكس رغبة مصر – و نحن نبحث عن مدى ولاء البرادعي للولايات المتحدة فهو من كان السبب في احتلال العراق و السبب في إدانة مصر و براءة إسرائيل من تهمة امتلاك الأسلحة النووية . و قد جاء هذا الرجل إلى مصر بعد خروجه من الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث أعلن ترشحه للرئاسة و تتوالى الأحداث و يصبح الرجل ذو قاعدة جماهيرية عريضة تمكنه من التأثير على الرأي العام و إن كان الرجل لم يشارك من البداية في (الثورة) فقد كان معداً و مخططاً لها كما ساعد على انتشار الفوضى بعد ذلك بتصريحاته في وسائل الإعلام المختلفة .
● الشرارة الأولى :
بدأت الشرارة الأولى في يوم الخامس و العشرين من يناير حين نزل عدد لا بأس به من الشباب إلى ميدان التحرير في اليوم الموافق لعيد الشرطة اعتراضاً على ممارسات هذا الجهاز ضد المواطنين و دخلوا في صدام مع قوات الأمن المركزي حتى فضت الشرطة التجمع في منتصف الليل مما أثار حفيظة هؤلاء الشباب و دفعهم للعناد مع النظام الحاكم و الدعوة لجمعة الغضب و محاولة حشد مليون مواطن لإظهار جدية حركتهم أمام العالم .
● قناة الجزيرة :
و في حين كانت قناة الجزيرة منهمكة في تغطية الأحداث في تونس ولم تعط اهتماماً لتلك الاضطرابات في مصر فقد استنكر الشباب عدم التفات المجتمع الدولي لهم و أصروا على استكمال الفوضى و من هنا اعتلت الجزيرة المنبر الإعلامي لتنقل للعالم الحجم (المهول) للاضطرابات القائمة في مصر . فتجد التليفزيون المصري يقول مئات و آلافاً بينما تجد الجزيرة تقول ملاييناً كأنها أحصتهم فرداً فرداً و أنا لا أصدق هذا و لا ذاك فالاثنان نقلا صورة مغلوطة عما يحدث في مصر و حصروه في ميدان التحرير و كأن مصر كلها كانت هناك .
● الكارثة الأمنية :
و لما أعيت تلك التحركات – المنظمة بشكل مريب – أجهزة الأمن في مصر و دفعتهم للانسحاب بعد معركة نفد فيها الرصاص المطاطي و الحي و صاروا يقذفون المتظاهرين بالحجارة فقد انتشرت الفوضى في البلاد و بدأ حرق أقسام الشرطة و مقار الحزب الوطني بشكل منتظم و في وقت شبه متزامن و تجمع كل المجرمين و المسجلين ليشكلوا عصابات السلب و النهب و دارت المعارك بين الأهالي و اللصوص دفاعاً عن بيوتهم بعد اختفاء قوات الشرطة – بفضل المتظاهرين – و ألصقت التهمة بالشرطة أنهم خونة و عملاء لأنهم تركوا الشوارع ليستمتع بها المجرمون و اللصوص بالرغم من المتظاهرين هم الذين شغلوا قوات الشرطة ليلاً و نهاراً حتى صار الضابط لا يمتلك القوة لرفع سلاحه في وجه أي خارج عن القانون فكيف بالله عليك يواجه عصابات مسلحة من الخارجين على القانون . كل هذا و المتظاهرون يرفضون مغادرة ميدان التحرير منعاً لانتشار الفوضى و أعمال الشغب أكثر من ذلك .
● نزول الجيش و تعيين عمر سليمان :
و لما اتضحت خطورة الانفلات الأمني في مصر فقد قام الرئيس مبارك بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة بفرض حظر التجول و إنزال قوات الجيش لتأمين المنشآت الحيوية – لا تأمين المتظاهرين – و عين السيد عمر سليمان نائباً لرئيس الجمهورية و هذا لسبب قد يعرفه عمر سليمان و لم يكن هذا الفعل محاولة فاشلة لإرضاء المتظاهرين كما أشيع ولكنه كان تدبيراً من الرئيس مبارك ليخرج السيد عمر سليمان من جهاز المخابرات و يعده لشئ آخر أكثر أهمية .
● الإخوان و موقعة الجمل :
إذا كنت قد تابعت الثورة منذ بدايتها ستجد أن الأمن كان قد نجح في البداية في فض التظاهرات لأن بعض الشباب غير المتمرسين في التظاهرات لم يكونوا لينجحوا في مواجهة قوات الأمن المركزي و لم يكونوا ليصمدوا كثيراً في وجههم و لكن في يوم الجمعة الموافق 28 يناير كان الفضل في بقاء المتظاهرين عائداً لسببين و هما شدة إرهاق الجنود بالإضافة إلى انضمام كتائب جماعة الإخوان المسلمين – حليقي الذقن – إلى جموع المتظاهرين فقد رأوا الفرصة سانحة للنزول و دعم أولئك المخدوعين حتى تستمر فوضى 25 يناير بالرغم من أنهم أعلنوا أنهم لن يشاركوا في تلك (الثورة) و كان دورهم واضحاً في صد راكبي البغال و الحمير في يوم الأربعاء المعروف بموقعة الجمل فهم مدربون على فنون القتال و كانوا كفيلين بمنع (الغزاة) من دهس المتظاهرين تحت أقدام الحيوانات و حرصوا على بقاء الفوضى قائمة حتى يرضخ النظام لمطالبهم .
● الفريق أحمد شفيق :
و بعد أن انتهت موقعة الجمل و جمع المتظاهرون (الغنائم) خرج الفريق أحمد شفيق – الرجل الذي أحترم أدبه الجم – ليعتذر للشعب المصري عن شئ لم يكن له يد فيه بعد أن كان قد قال ان المتظاهرين في رقبته و لن يسمح لأحد أن يمسهم و لكن الرجل لم يكن له علاقة بالاختفاء المفاجئ لقوات الجيش التي كانت تؤمن الميدان حسب قولهم و ترك المتظاهرين يتعاملون مع (الغزاة) .
● جمعة الرحيل و تفويض عمر سليمان :
دعا المتظاهرون لجمعة الرحيل او جمعة الخلاص من أجل إجبار مبارك على التنحي و احتشدوا في ميدان التحرير و ظنوا أنهم قادرون على فرض رأيهم و تدمير النظام و لكنهم فشلوا و ازدادوا إصراراً و عناداً و أعدوا للجمعة القادمة ولما خرج الرئيس مبارك يوم الخميس الموافق 10 فبراير ليعلن تفويض نائبه عمر سليمان للقيام بمهام رئيس الجمهورية و شاهد الجميع الصرخات في ميدان التحرير التي فاقت تلك الصرخات حين خسرت مصر (شرف) تنظيم كأس العالم و توعدوا بخلع مبارك في يوم الجمعة التالي .
● يوم التنحي :
تجمع عدد كبير من المواطنين قاصدين قصري العروبة في القاهرة و رأس التين في الأسكندرية معتقدين أن بإمكانهم اقتحامهم و مواجهة قوات الحرس الجمهوري المرابضة هناك . ثم ترددت أنباء مدعمة بالصور عن مغادرة الرئيس مبارك قاصداً شرم الشيخ أو هارباً إلى السعودية وتأكدت هذه الأخبار فيما بعد . ثم خرج السيد عمر سليمان ليعلن تنحي الرئيس مبارك و تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد . و خرجت جموع المتظاهرين تحتفل و كأننا انتصرنا على كفار قريش أو حررنا فلسطين .
● عودة سريعة إلى الوراء :
نعود إلى يوم الخميس الموافق 10 فبراير الذى أذيع فيه خطاب التفويض حين قال التليفزيون المصري أنه سيذيع خطاباً للرئيس مبارك بعد قليل وانتظرنا ساعات طويلة حتى أذيع هذا الخطاب . المرجح بقوة أن الخطاب كان سيذاع فعلاً بعد قليل و لكن تم إيقافه في آخر لحظة و إعداد خطاب آخر . الرئيس مبارك كان سيتنحى فعلاً في هذا اليوم و لكنه آثر أن يختبر رد فعل كلاً من المتظاهرين في ميدان التحرير و إدارة الرئيس أوباما و قد حدث . المتظاهرون زادوا من عنادهم و توعدوا بالمواجهة بينما كان الأهم هو اختبار رد فعل الإدارة الأمريكية . طوال فترة الأزمة كانت الولايات المتحدة تراقب الأحداث و تستعد للأسوأ . في يوم الخامس من فبراير تم تفجير خط الغاز في سيناء و الصقت التهمة بالقاعدة و كان هذا سبباً قوياً لقلق إسرائيل و دعوة الولايات المتحدة للتدخل بالرغم من أنها رفضت زيادة عدد القوات المصرية في سيناء و هي قادرة على السيطرة على الوضع هناك كما دعت إسرائيل إلى إعادة احتلال ممر فيلادلفيا لتأمين مصالح إسرائيل في المنطقة . و في يوم التاسع من فبراير تحركت قطعاً من الأسطول الخامس الأمريكي تجاه قناة السويس و اتخذت مواقعاً استراتيجية قرب مدينتي بورسعيد و الإسماعيلية بدعوى تأمين المصالح الأمريكية في المنطقة و لك عزيزي القارئ ان تفهم المغزى .
● كيف هددت الإدارة الأمريكية الرئيس مبارك :
إذن كيف هددت الإدارة الأمريكية الرئيس مبارك ؟ قد يكون تهديداً بالقتل أو اختطاف أي من أفراد عائلته ... إلخ ولكن التهديد الأكثر قوة كان احتلال قناة السويس و السيطرة عليها و كانت هذه هي الطعنة النافذة في ظهر مبارك الذي لن يسحب الجيش إلى حرب مفتوحة مع إسرائيل و أمريكا في ظل هذه الفوضى بأى حال من الاحوال لأنه يعلم حجم الخسائر التي سيتكبدها و التي كانت ستفوق خسائر (الثورة) اللعينة مرات عديدة . إذن لم يكن هناك دور لتلك البيادق في ميدان التحرير في تنحي مبارك ، و لم يكن الجيش لينقلب على مبارك فقد أعلنوا تأييدهم له في صباح يوم الجمعة 11 فبراير و أنهم سيعملون على تحقيق الانتقال السلمي للسلطة . وليس بالضرورة أصلاً أن يكون التهديد خارجياً فقط فهناك جهات داخلية ساعدت المؤامرة على النجاح مثل تقارير أمن الدولة التي كانت تصف الأمر بأنه (شغل عيال) .
● ما بعد التنحي :
نزل الناس إلى الشارع ليدهنوا الأرصفة و ينظفوا الشوارع و كأن مبارك كان يحرم الناس من النظافة و بدأت الفوضى تؤتي ثمارها بعد أن صعد كل المهمشين في المجتمع و عديمي الخبرة ليمثلوا الشعب المصري من شباب (الثورة) و الإخوان و غيرهم . ثم تمثلت البروباجندا الإعلامية و أخذت كل الأبواق تنادي بدعم (الثورة) و ملاحقة (فلول) النظام السابق – التي أصبحت أكثر من الشعب المصري نفسه – حتى صار كل من يعارض الثورة خائناً و عميلاً فلديك الدكتور/ نبيل فاروق ؛ ذلك الرجل الذي هاجم النظام السابق بعد الثورة هجوماً عنيفاً و تجرأ في نفس المقال و نقد (الثورة) فنال ما لا يطاق من السباب و الشتائم ذلك لأنه تطاول على (الثورة) الشريفة الطاهرة .
● دماء الشهداء :
كثر الحديث عن شهداء التحرير و كيف أنهم ضحوا في سبيل (الحرية) و سالت دمائهم الطاهرة على تراب الوطن . انا أرى أن الله أعلم بالنيات و بما في القلوب و لكني أعلم أيضاً أن الشهيد هو من مات مدافعاً عن ماله و دمه و عرضه أي لابد أن يكون الطرف الآخر هو من بدأ بالعداء و ليس العكس كما أني أعلم أنه إذا تلاقى مسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما الآخر فكلاهما في النار و ليس بالضرورة أن يكون السيف هو الأداة بل الأهم هو عقد النية على المواجهة و القتال و الله أعلم .
● و تتوالى الكوارث :
تتضح خسائر (الثورة) يوماً بعد يوم ففي أول مارس تم إحصاء الخسائر من نقص 9 مليار دولار في احتياطي البنك المركزي بالإضافة إلى خسارة الاقتصاد المصري لما يقرب من250 مليار جنيه و توقعات بانخفاض معدل النمو إلى 3.2% و ارتفاع عجز الميزان التجاري بنسبة أكثر من 37% . نضيف إلى هذا تهديدات بعض قادة الدول العربية بسحب استثماراتهم إذا ما قام المجلس العسكري بمحاكمة مبارك و أسرته بالإضافة لترحيل العمالة المصرية في الخارج و هذا ما عده الجميع لياً للذراع و لكن أنا أراه وفاء و ردعاً لكل من تسول له نفسه الطعن في شرف الرئيس مبارك أو اتهامه بدون أدلة واضحة و صريحة .
● استقالة أحمد شفيق و تعيين عصام شرف :
تقدم الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء باستقالته بعد المشادة الكلامية التي دارت بينه و بين الكاتب علاء الأسواني التي أهان فيها الأسواني الفريق أحمد شفيق و استفزه و أخرجه عن شعوره فثار الرجل ولم يعد قادراً على الرد بهدوء كعادته و خرجت مظاهرات بعدها تطالب باستقالة الفريق أحمد شفيق حتى تقدم باستقالته و تم تعيين الدكتور عصام شرف رئيساً للوزراء خلفاً له ليخرج و يقول أنه يستمد شرعيته من الميدان و كان هذا إحدى الأخطاء الكبرى للمجلس العسكري في جلب رئيس وزراء غير متمرس سياسياً و تابع ل(الثورة) ومع ذلك فإن الرجل بعد فترة قصيرة أعلن يأسه من استجابة الشعب لطلبه بالعودة إلى العمل و إعادة عجلة الانتاج فأصدر قانون تجريم الوقفات الاحتجاجية و ووضح أنه يقصد به الاعتصامات الفئوية و ليس الاعتصامات في ميدان التحرير و كأن الثانية تدفع عجلة التنمية للأمام و تساهم في تعافي الاقتصاد المصري و اتضح جلياً ان (الثورة) تسعى للقضاء على الأخضر و اليابس .
● اختبار الاستفتاء :
قام بعد ذلك المجلس العسكري بإجراء استفتاء علي التعديلات الدستورية – التي كان الرئيس مبارك قد اقترحها قبل تنحيه – و ظهرت النتيجة بالموافقة على التعديلات و فاز السلفيون و الإخوان في (غزوة الصناديق) ثم أصدر المجلس العسكري الإعلان الدستوري لإدارة البلاد في الفترة الانتقالية و تساءل الجميع ماذا كانت ضرورة الاستفتاء منذ البداية إذا كان المجلس سيصدر الإعلان الدستوري في الحالتين فاختلف المحللون فمنهم من قال أن هدف الاستفتاء هو إعطاء الشرعية للتعديلات الدستورية و قال آخرون أن الموافقة على الاستفتاء تعني وضع هذه المواد في الدستور الجديد و لكن ما غاب عن كل هؤلاء هو أن الهدف من هذا الاستفتاء هو قياس مدى تأثير القوى السياسية المختلفة على الرأي العام و قد أثبت هذا الاختبار و بجدارة تفوق الإخوان و السلفيين مما لفت النظر لهم و جعلنا بين اختيارين إما أن نجعل لهم حجماً و مكانة في الحياة السياسية أو نبدأ في تفكيكهم داخلياً و ينقسمون على أنفسهم و أعتقد أن اعتراضات شباب الإخوان على بعض سياسات مكتب الإرشاد في المؤتمر الأخير لهم يؤكد أن التفكيك قد بدأ بالفعل .
● عجرفة إسرائيل :
تكشر إسرائيل عن أنيابها أولاً بإجراء مناورات شاملة على أربعة جهات في وقت واحد استعداداً للأسوأ بعد مقال نشر في إحدى المواقع الإسرائيلية بأن القوات الإسرائيلية ستكون في موقف حرج إذا قامت حرب مع مصر لأن الجنود الإسرائيليين لم يتدربوا على الحرب في الصحراء منذ وقت طويل و اعتادوا على الطبيعة الجبلية للبنان و سوريا و هذا كلام لا يصدقه عقل . ثم قامت إسرائيل بشن هجمات متتالية على قطاع غزة بلا رحمة بل وصل الأمر إلي إلقاء قذيفتين بالقرب من رفح المصرية بالإضافة لتمشيط الشريط الحدودي بين مصر و إسرائيل . كل هذا و الخارجية المصرية لا تنبس ببنت شفة لتدين هذه الأحداث أو تعلق عليها بالإضافة لصمت المجلس العسكري ثم يخرج ليصرح بأنه سيضرب أي طائرة معادية تحاول عبور الحدود المصرية و لا يزيد على ذلك .
● محاكمة الرئيس مبارك في ميدان التحرير و رد الجيش :
دعا أنصار (الثورة) إلى جمعة التطهير و المحاكمة من أجل إقامة محاكمة رمزية للرئيس مبارك و اجتمعوا في ميدان التحرير و رددوا الهتافات المضادة ثم أنهوا نزهتهم في الميدان و أجلوا المطق ب(الحكم) للجمعة القادمة و انصرف الكثيرون و لم يبق إلا بضع مئات أصروا على العتصام في ميدان التحرير حتى تتحقق مطالبهم و كان رد الجيش عليهم عنيفاً لأنهم اخترقوا ساعات حظر التجوال و فضت قوات الجيش و الشرطة العسكرية بمساعدة قوات الأمن المركزي الاعتصام بالقوة بعد اشتباكات مع المعتصمين ثم أعلن المجلس العسكري أن من تم إجلاؤهم من الميدان هم من فلول النظام السابق – لا أعرف كيف توصلوا إلى هذه النتيجة حتى الآن – و نفى (الثوار) صلتهم بهؤلاء المثيرين للشغب و دعا الجميع لعدم تعكير شهر العسل بين الجيش و الشعب بالرغم من أن الكثير منهم دعا للزحف إلى شرم الشيخ من أجل القبض على الرئيس مبارك و محاكمته شعبياً إذا لم يحاكمه الجيش عسكرياً .
● الجيش و الشعب يد واحدة :
ظل هذا الشعار قائماً بدعوى الحفاظ على صمام الأمان لمصر و هو المؤسسة العسكرية و اعتقد الناس أن الجيش لن يرفع قشة في وجه المواطنين و هو ما حرص المجلس العسكري على إظهاره منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد و رسخ في ذهن الناس أن الجيش لا يمكن أن يواجه الشعب المصري فهم إخوتهم و أبناؤهم و سيتركوهم يخربون كما يشاؤون كما أن التاريخ لم يسطر أن جيشاً قمع شعباً اللهم إلا في الصين حين اعترض الناس فتمت تصفيتهم بالدبابات و النتيجة ان بقت الصين إحدى القوى الاقتصادية العظمى في العالم و لم تكن لتضحي بهذا من أجل (ديمقراطية) و لكنهم لا يتذكرون أحداث الأمن المركزي عام 1985 حين واجهت قوات الجيش آلاف الجنود من الأمن المركزي و أطلقوا عليهم الرصاص من الطائرات الهليكوبتر حتى تمكنوا من السيطرة على الموقف و قد يقول البعض أن الأمر مختلف الآن فالشعب لا يحمل سلاحاً و لكن التخريب لا يحتاج لسلاح يكفي فقط أعداد غفيرة من الناس تغلق الشوارع و تعطل الحياة حتى تسقط الدولة بأكملها .
● الرئيس يرد :
خرج الرئيس مبارك بعد صمت طويل ليرد على الاتهامات الموجهة له بالفساد و تضخم الثروة و يدعو النائب العام أن يتحقق من تلك الاتهامات و يبادر بتسهيل أي إجراءات قد تساعد على كشف الحقيقة و تبرئة ذمة الرئيس و أسرته مما ينسب إليه من اتهامات و كان رد الفعل على هذا الخطاب عاصفاً من كثيرين بأنهم لن يقبلوا بغير محاكمة الرئيس مبارك مما يدل على عدم إيمانهم بالديمقراطية و العدالة و يريدون وضع الرؤوس تحت المقصلة بسرعة و لكنهم لا يعلمون أن رؤوسهم ستذهب إليها بنفس السرعة .
● هل من نهاية :
هناك عدة سيناريوهات لنهاية هذه الفوضى مثل أن تصبح مصر دولة ديمقراطية و هو حلم بعيد بعد ما حدث أو أن يقوم الإخوان بحكم مصر و هذا ما لن يسمح به الجيش لأنه يعلم أن هذا سيؤدي لحروب أهلية بين الناس أما السيناريو الثالث و هو ما أفضله و ما تسمح به الظروف هو صعود دكتاتور ناجح منتمي للمؤسسة العسكرية و يحظى بتأييدها ليضرب على يد مثيري الفوضى و يعيد الاستقرار للبلاد و يوازن العلاقات الخارجية مع الدول المحورية في المنطقة و ليكمل مسيرة التنمية التي بدأها الرئيس مبارك حتى تنفض مصر التراب الذي غطاها بعد العاصفة الرملية التي مرت بها و ربما لا يتحقق أي من هذه السيناريوهات بل تكون مفاجأة غير متوقعة تفت في عضد المتآمرين .
و في النهاية أقول أن هذه محض نظرية مؤيدة ببعض الأدلة من الواقع و أنت لست مطالباً بتصديقها و لكني أناشدك أن تعيد النظر مرة أخرى فيما حدث لتتضح لك الحقيقة و إني ما رغبت قط إلا في إخلاص النصح إلى أبناء هذا الشعب حتى لا نسقط جميعاً في هوة الدمار و الخراب . اللهم قد بلغت ، اللهم فاشهد .
الإسكندرية
تحريراً في 26/4/2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.