اخذ الاتحاد الأوروبى على عاتقه لعب دور الوسيط فى الأزمة التى تنذر بكارثة فى مصر، إلا أن نفوذه يبقى محدودا فى حمل جميع الإطراف على العودة إلى الحكم المدنى، بحسب ما رأى محللون الثلاثاء.والخوف الأكبر هو أن تتحول الثورة الشعبية التى أدت إلى الإطاحة بالرئيس المصرى حسنى مبارك فى 2011 إلى حرب أهلية دامية كالتى تدور فى سوريا، ما يدمر الآمال فى مصر ديمقراطية تطبق فيها الإصلاحات.فقد قتل أكثر من 80 شخصا خلال اشتباكات جديدة اندلعت مؤخرا بين الجيش وأنصار الرئيس الإسلامى محمد مرسى الذى عزله الجيش فى 3 يوليو بعد تظاهرات حاشدة ضد الحكم الإسلامى.وبالنسبة للاتحاد الأوروبى، فإن المشكلة الحالية هى جعل صوته مسموعا، ورغم أنه ليس لديه نفس النفوذ الذى تتمتع به واشنطن، إلا أنه يملك بعض الأوراق التى يمكن أن يستخدمها، كما يرى المحللون.يقول ياسر الشيمى من مجموعة الأزمات الدولية "إن الاتحاد الأوروبى يتمتع بموقع فريد للعب دور الوساطة فى مصر.. ورغم أنه لا يملك ورقة المساعدات السنوية التى تمنحها واشنطن لمصر، إلا أنه يتمتع بشىء مطلوب أكثر فى الوقت الراهن وهو المصداقية".وأضاف أن "اللاعبين السياسيين المصريين متباعدون كثيرا، ولا يثقون ببعضهم البعض، وطرف ثالث محايد ومهم مثل الاتحاد الأوروبى يمكن أن يسهل المحادثات التى تهدف ليس فقط إلى المصالحة، بل كذلك إلى تحديد مسار لمستقبل مصر".وقال مايكل مان المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى كاثرين أشتون الثلاثاء "لقد لعبنا بالفعل دورا مهما كوسيط فى مصر، وسنواصل لعب هذا الدور". وأشار إلى أن "هذا الدور مهم لأن الجميع مستعدون للتحدث معنا".وفى الوقت نفسه فإن بروكسل تقدم مساعدات كبيرة للقاهرة تقدر بنحو 450 مليون يورو (600 مليون دولار) فى الأعوام من 2011 إلى 2013، ولكن هذه المساعدات لا تأتى بدون شروط.وأوضح مان أن "ذلك لا يعنى أن هناك ضغطا مباشرا، ولكن وفى الأشهر الأخيرة لم نقدم مبلغا كبيرا من المساعدات بسبب غياب التقدم السياسى".والتقت أشتون صباح الثلاثاء بالرئيس المعزول مرسى فى زيارتها الثانية لمصر، لتكون أول شخص يسمح له رسميا بزيارة مرسى منذ عزله.وخلال زيارتها الأولى فى 17 يوليو طلبت أشتون لقاء مرسى، إلا إن طلبها ووجه بالرفض، ولكنها هذه المرة اشترطت ذلك اللقاء للقيام بالزيارة.وقالت أشتون فى القاهرة إنها تسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف المتخاصمة، وجددت دعوتها إلى انتقال سلمى يشمل جميع الأطراف بما فيها جماعة الإخوان المسلمين التى ينتمى إليها مرسى.ورجح جوناثان باريس محلل شئون الشرق الأوسط من مقره فى لندن أن يواصل الاتحاد الأوروبى "محاولة التقريب بين الإخوان المسلمين والحكومة"، إلا أنه قال إنه مع ذلك فإن نفوذ الاتحاد الأوروبى محدود فى نهاية المطاف.وأضاف أن الجيش المصرى مصمم على كسب المواجهة الحالية.. ولا يمكن لأى قوة خارجية، ومن بينها السيدة آشتون وقفه عن ذلك"، بحسب باريس.وذكر مصدر دبلوماسى فى الاتحاد الأوروبى أن واشنطن تقف بعيدة رغم أنها حليفة رئيسية للقاهرة، وتترك لبروكسل مهمة لعب دور أكثر أهمية.إلا أن الاتحاد الأوروبى "سيتم الحكم عليه بالنتائج"، بحسب مصدر دبلوماسى، أشار إلى وجود العديد من الصعوبات، ولعب الاتحاد الأوروبى دور وسيط السلام فى العديد من النزاعات، أهمها النزاع فى يوغسلافيا السابقة، وفاز العام الماضى بجائزة نوبل للسلام.كما لعبت آشتون دور المفاوض الرئيسى فى المحادثات مع إيران، بشأن برنامجها النووى المثير للجدل نيابة عن الدول الخمس الدائمة العضوية فى الأممالمتحدة، إضافة إلى ألمانيا.