أكدت تقارير رسمية حديثة، ارتفاع نسبة الفقر في مصر خلال العام الماضي لتشمل ربع سكان مصر، وهو ما يعني أن أكثر من 20 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر. وقال خبراء اقتصاديون إن نحو 10 بالمائة فقط من المصريين لا يواجهون أزمات مالية على مدار الشهر. ولفت التقرير الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري قبل أيام، إلى تراجع نسبة الفقر المدقع والذين لا يتجاوز دخلهم اليومي 1 دولار إلى نحو 4.8 بالمائة، مقارنة بنحو 6.1 بالمائة في العام 2010. ورغم أن الثورة المصرية قامت في الأساس لتحقيق أهداف اقتصادية، لكنها فشلت في تحقيق أي هدف اقتصادي، حسبما تشير البيانات والإحصاءات الصادرة عن الأجهزة الرسمية المصرية، والتي تؤكد تراجع معدلات النمو بشكل كبير وارتفاع نسب التضخم إلى جانب التراجع الحاد في احتياطي مصر من النقد الأجنبي. وربما أن عدد الفقراء في مصر يتجاوز هذه الأرقام المعلن عنها، حيث أكد تقرير أصدره معهد التخطيط القومي ارتفاع نسبة الفقر في مصر إلى نحو 69.41 بالمائة خلال العام قبل الماضي، بزيادة نسبتها 14.1 بالمائة عن تقديرات عام 2004/2005 التي لم تكن تتجاوز 55.40 بالمائة. وتحتل مصر المرتبة الثانية بين دول الوطن العربي في انتشار الفقر، كما ارتفع معدل الفقر بها إلى نحو 41 بالمائة، وذلك حسب تقديرات البنك الدولي، حيث يتراوح عدد الأسر التي لا يتجاوز دخلها اليومي 2 دولار ما بين 8 و12 مليون أسرة، وساهم في ارتفاع هذه النسب ما تعرض له الاقتصاد المصري خلال الفترات السابقة من سرقة ونهب وبيع ممتلكات الدولة بأسعار بعيدة عن أسعارها الحقيقية، كما شهدت مصر بعد الثورة موجات مستمرة من التظاهرات والاعتصامات الفئوية والتي غالبا لا تنتهي إلا بإضافة مزيد من الأعباء على الميزانية العامة للدولة، والتي شهدت أكبر نسبة عجز في تاريخ الدولة المصرية في ميزانية عام الثورة. هذا إلى جانب الارتفاعات المستمرة في الأسعار والتي بلغت خلال فترة قصيرة نحو 14 بالمائة، ليجد الفقراء أنفسهم يخصصون نحو 57 بالمائة من إجمالي دخلهم للإنفاق على الغذاء. وأوضح الخبير الاقتصادي والرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية الدكتور حمدي عبد العظيم، أن هناك اختلافات في تقدير نسبة الفقر في مصر، حيث تم تحديده بنحو 21.56 بالمائة، أما نسبة ال 41 بالمئة فإنها تشمل من هم تحت خط الفقر ومن هم على خط الفقر ومن هم على مقربة منه. ولفت عبد العظيم إلى أن الحكومات السابقة لم تكن تهتم بمحدودي الدخل، وكانت تركز على الصفوة ورجال الأعمال المقربين من النظام السابق، ولذلك انتشرت العشوائيات التي ربما تهدد بكارثة في أي وقت. وقال عضو نقابة رجال الأعمال، أشرف القاضي، إن المشكلة ليست في الإحصائيات والأرقام، لأن الواقع يؤكد أن نسب الفقر أكبر من هذه النسب التي ترصدها الجهات الرسمية، حيث إن 10 بالمائة فقط من المصريين لا يجدون أزمات مالية طوال الشهر، وباقي المصريين يواجهون أزمات مالية عنيفة طوال الشهر وفي والمناسبات، وهذه مؤشرات تؤكد انتشار الفقر بشكل مرعب في مصر. ولفت القاضي إلى أن الثورة القادمة ستكون للجياع، خاصة وأن مصر بها آلاف المناطق العشوائية التي نعتبرها جميعاً قنبلة موقوتة ربما تنفجر في أي وقت، وإذا نظرنا إلى الاعتصامات والمظاهرات الفئوية التي لم تنقطع منذ قيام الثورة، فسوف نتأكد من أن ثورة الجياع قادمة لا محالة. وقال الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر الدكتور صلاح الدين فهمي، إنه يوجد نوعان من الفقر، الأول هو الفقر المطلق حيث لا يتجاوز مستوى الدخل دولارا واحدا، أما الثاني فهو الفقر النسبي، حيث لا يتجاوز دخل الفرد 2 دولاراً، مؤكداً أن الأفراد في مصر يعيشون في فقر مدقع، فإذا حصل الفرد على 2 دولار في اليوم ( 12 جنيه و360 جنيه في الشهر) فإن هذا المبلغ لا يكفل له الحصول على احتياجاته الأساسية. وطالب فهمي بضرورة الاهتمام بعدالة التوزيع في الدخل، حيث تعاني مصر من سوء التوزيع منذ أكثر من 30 عاما، مشيراً إلى أن بداية مواجهة الفقر تكمن في الاهتمام بعدالة توزيع الدخل، خاصة وأن 5 بالمائة فقط من المصريين يسكنون في قصور.