شهدت بداية الأسبوع الثانى لتواجد الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة فى مستشفى "فال دو جراس" العسكرى بباريس للعلاج من جلطة فى المخ اشتعال بورصة خلفائه، فمنهم من أعلن ترشحه رسمياً، ومنهم من تشكلت لجان دعم له وسط ضبابية فى المشهد السياسى حول إمكانية استمرار بوتفليقة فى أداء مهامه، خاصة أنه لم يرأس مجلس الوزراء إلا مرتين خلال عام كامل كما لم يغادر الجزائر فى نشاط رسمى منذ قرابة 15 شهراً. ورأت العديد من وسائل الإعلام الجزائرية، أنه رغم أن الإعلان رسمياً عن نقل بوتفليقة إلى باريس السبت الماضى لاستكمال العلاج جاء كمفاجأة، حيث جرت عادة النظام الجزائرى على تدبير قضايا مرض الرئيس باعتبارها قضايا أمنية وسياسية شائكة يسرى التكتم على تفاصيلها ولا يسمح بخروجها إلى العلن، إلا أنه فى نفس الوقت جاء من أجل وقف سيناريو ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة، حيث إن النتيجة المباشرة للإعلان عن مرض الرئيس رسمياً تكون تعزيز أصوات الداعين إلى عدم ترشح بوتفليقة لولاية أخرى. وذهبت بعض وسائل الإعلام المحلية المحسوبة على التيار الفرانكفوفى بالدعوة إلى تفعيل المادة 88 من الدستور الجزائرى المتعلقة بحالة عجز الرئيس عن أداء مهامه بالنظر إلى وضعه الصحى، حيث يعلن رئيس المحكمة الدستورية عدم قدرة الرئيس على أداء مهامه ثم يتولى رئيس مجلس الأمة رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها 45 يوماً، وفى حالة استمرار المانع بعد انقضاء 45 يوماً يعلن الشغور بالاستقالة وجوباً، أى أن استقالة الرئيس أضحت إجبارية حتى وإن لم يقدمها فعليا. فيما دعت أحزاب سياسية معارضة فى الجزائر يوم الأربعاء الماضى الجيش إلى التدخل لمنع بوتفليقة من التوجه إلى فترة رئاسية رابعة والحياد فى انتخابات إبريل 2014. وأعلنت رئيسة حزب "العدل والبيان" نعيمة صالحى، خلال حفل توقيع 12 حزباً سياسياً على وثيقة مبادرة "المجموعة الوطنية للدفاع عن السيادة الوطنية والذاكرة التاريخية، أن ظروف المرحلة السياسية تتطلب تدخل الجيش لإنهاء حكم الرئيس بوتفليقة". واعتبرت صالحى، أن ظاهرة الفساد التى استشرت فى الجزائر والإخفاق السياسى والاجتماعى والاقتصادى لفترة حكم الرئيس بوتفليقة لا تتيح لهذا الأخير الترشح لعهدة رئاسية رابعة فى الانتخابات الرئاسية القادمة. وقالت صالحى، إنه "يتعين على المؤسسة العسكرية أن تتخذ موفقاً وطنياً وانحيازاً إلى الشعب، والمساعدة فى وقف مهزلة لجنة تعديل الدستور وتأمين الانتقال السلمى للسلطة". وجاء ذلك فى وقت أجمع فيه المراقبون أن رئيس الحكومة الأسبق على بن فليس سيكون أوفر حظا لتولى رئاسة البلاد سواء إذا تعذر على بوتفليقة استكمال عامه الأخير فى مدته الرئاسية الثالثة أو فى حال الانتخابات الرئاسية الجديدة المقررة فى ابريل 2014، وذلك بسبب دعم المؤسسة العسكرية التى تسيطر على مقاليد البلاد منذ عام 1965 لبن فليس، وكذلك دعم عدد كبير من قيادات الحزب الحاكم إلى جانب المنتمين لقطاع العدالة ورجال الأعمال له. وشغل المحامى على بن فليس 69 عاما من ولاية باتنة شرق الجزائر عدة مناصب رسمية منذ الستينيات فى الإدارة والحكومة الجزائرية حتى عام 1999 عندما اختاره بوتفليقة لإدارة حملته الانتخابية كمرشح للرئاسة قبل أن يعينه مديرا لديوانه بعد اعتلائه السلطة. وفى عام 2000 عيّنه الرئيس بوتفليقة رئيسا للحكومة لينتخب مطلع 2003 أمينا عام للحزب الحاكم "جبهة التحرير الوطنى". ولم تستمر علاقة الثقة بين بوتفليقة ومدير حملته الانتخابية سابقا طويلا حيث حدث انفصال بين الرجلين نهاية العام 2003 عندما أعلن بن فليس رغبته فى الترشح لانتخابات الرئاسة التى جرت فى أبريل 2004 منافسًا لبوتفليقة الذى كان يحضر للفوز بولاية ثانية.