رحب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بقرار المستشار محمد الغربانى رئيس المجلس الأعلى للقضاء بانتداب لجنة خاصة لبحث إعداد قانون جديد يضمن الاستقلالية المالية والإدارية للسلطة القضائية وفقاً للمعايير الدولية ، حيث يري المركز أن هذا القرار يعد ذلك خطوة للأمام على طريق الإعداد لمؤتمر العدالة الثاني – الذي لم يتم عقده منذ انعقاد المؤتمر الأول عام 1986- لإقرار إستراتيجية شاملة للنهوض بالقضاء والنظام القانوني المصري، وتأسيس دعائم دولة العدل والقانون في مجتمع ما بعد الثورة. وقال مركز القاهرة في بيان صادر اليوم أن تأمين استقلال القضاء وتحصينه تجاه مختلف تدخلات السلطة التنفيذية يشكل مدخلاً أساسياً لتبديد الشكوك المتزايدة في فرص إجراء محاكمات عادلة وناجزه تجاه المسئولين ورموز النظام السابق المتهمين بضلوعهم في جرائم قتل المتظاهرين والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو في جرائم الفساد. وأشار مركز القاهرة إلي أنه يخشى في الوقت ذاته أن المسار الذي تمضى فيه إدارة عملية المحاسبة القانونية للجرائم الجنائية، الاقتصادية، والسياسية المرتكبة من قبل رموز النظام السابق تنطوي فى حد ذاتها على مخاطر وتهديدات تحيط بمرفق العدالة، وبتطلعات المصريين إلى إنزال العقاب الرادع والعادل بحق مرتكبي تلك الجرائم، علاوة على تحقيق الإنصاف للضحايا، وخاصة إذا ما أُخذ في الاعتبار التراخي والتباطؤ الشديد بشأن الإجراءات المتخذة بحق المسئولين عن معظم تلك الجرائم، وهو ما يثير شكوكاً جادة حول مدي إمكانية العبث بالأدلة و التأثير على الشهود. ويري المركز أن محاكمة رموز النظام السابق - من جهة - وحماية مصداقية القضاء – من جهة أخرى – تقتضى تصحيح مسار إدارة ملف هذه المحاكمات، وإعادة تكييف نظام العدالة بما يلبى التطلعات المشروعة للشعب المصري. ويؤكد أن إقرار العدل المجتمعي لن يتحقق عن طريق قوانين استثنائية شاذة – كقانون الغدر - تفتقد لأدنى سبل العدالة التي ننشدها في مجتمع ما بعد الثورة ولا تحقق مصلحة ضحايا هذا النظام. ويطالب بسرعة إعداد مشروع قانون يضمن إنشاء لجنة قضائية مستقلة لإقرار منهج العدالة الانتقالية ، على أن تكون تلك اللجنة مستقلة تماما عن سلطة مجلس الوزراء ووزاراته، ويخصص لها ميزانية مستقلة من الموازنة العامة للدولة ، على أن تكون أهم اختصاصاتها تلقى الشكاوى في الجرائم الجنائية والسياسية والاقتصادية التي ارتكبها أعضاء النظام السابق، والتحقيق فيها بناء على مبادئ القانون الجنائي المصري، والقانون الدولي بالإضافة لفرض العقوبات الملائمة على المسئولين عن تلك الانتهاكات، كما يتضمن أيضاً إقرار نظام تعويضات ملائم لضحايا النظام السابق، وتبني خطة قانونية شاملة ملزمة قضائياً، لضمان عدم تكرار تلك الانتهاكات مستقبلاً. كما شدد المركز على أهمية أن يقر مشروع القانون المنظم لعمل تلك اللجنة المستقلة الضمانات القانونية اللازمة التي تحول دون العفو عن كل من ارتكب جرائم ضد الإنسانية.