أخذت الخلافات الألمانية الفرنسية بشان الخروج من الأزمة المالية تطفو على واجهة العلاقات في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي بشكل عام، وإذا كانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل متفقة مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على إجراء إصلاحات على معاهدة لشبونة، إلا أنها تختلف معه على تفصيلات وشؤون أخرى. وكانت ميركل عبرت مراراً عن تصوراتها للسياسة الأوروبية والحلول الممكنة للأزمة التي تمر بها منطقة اليورو، فيما يتساءل مراقبون عن إمكانية نجاح اللقاءات القادمة بينها وساركوزي لتوحيد وجهات النظر بينهما. وبالرغم من أن كلا الزعيمين يؤكد، بأن الوقت قد حان لمعاهدة أوروبية جديدة، ولكن هذه الرغبة لدى ساركوزي وميركل، تنحسر في كل الأحوال إلى حد إجراء تغيير أو تعديل المعاهدات لضمان ميزانية الاتحاد، وكذلك في إقرار عقوبات أكثر صرامة على الدول المخالفة، وجعل التوازن في الميزانية الأوروبية على قاعدة أساسية ثابتة، وتجنب عدم تسديد الدول الأعضاء لديونهم من جديد. ومع ذلك، لا تزال الخلافات قائمة، خاصة فيما يتعلق بدور البنك المركزي الأوروبي، فأنغيلا ميركل تريد الحفاظ على استقلال المؤسسة المالية الرئيسية، ولا مجال حسب المستشارة الألمانية للتدخل في شؤونها، إذ أن دور البنك المركزي الأوروبي لا يعني وفق تصورها أن يكون بالضرورة مقرض الملاذ الأخير. وبرلين، التي كانت أكثر المتأذين من التضخم المالي في الأزمة المالية في عشرينيات القرن الماضي، ترفض اللجوء إلى طبع الأوراق النقدية، وتقبل بضمان العثرات المالية في بعض الدول، بينما يعبر ساركوزي من جانبه عن رغبته في أن يكون البنك المركزي الأوروبي بمثابة جدار صد للأزمات مع الحفاظ على استقلاله، بيد أن ميركل ترفض التحدث عن سندات اليورو، والالتزامات التي من شأنها أن تجمع ديون الدول في منطقة اليورو لتضعها على كاهل البنك المركزي. ومن المنتظر أن يلتقي كل من ساركوزي وميركل اليوم الاثنين في باريس، في اجتماع قد يسمح بطي الخلافات بينهما قبل القمة الاستثنائية في برلين يوم التاسع من كانون الأول (ديسمبر) الجاري. وفي سياق متصل بالديون السيادية الأوروبية، كان ماريو مونتي رئيس الوزراء الإيطالي عرض أمام البرلمان إجراءات تقشف قيمتها 30 مليار دولار، تمزج بين زيادة الضرائب وإصلاح نظام المعاشات وتوفير حوافز لتعزيز النمو. ووافق مجلس الوزراء الايطالي أمس الأحد، على حزمة من الإجراءات التي تمزج بين تضحيات التقشف وزيادة الضرائب وإصلاح نظام المعاشات وتوفير حوافز لتعزيز النمو، في حين انهارت ايلزا فورنيرو وزيرة الشؤون الاجتماعية باكية خلال مؤتمر صحافي بسبب تضحيات التقشف المطلوبة. وتهدف هذه الحزمة إلى جمع أكثر من عشرة مليارات يورو من ضريبة جديدة على العقارات وفرض ضريبة جديدة على السلع الكمالية مثل اليخوت، وزيادة ضريبة القيمة المضافة وشن حملة على التهرب الضريبي وتطبيق إجراءات لزيادة سن الإحالة إلى التقاعد. ومن المقرر أن يجتمع الزعماء الأوروبيون يومي الخميس والجمعة في بروكسل في محاولة للاتفاق على خطة إنقاذ أوسع للاتحاد الأوروبي، وذلك بمناسبة مرور عشر سنوات على إنشاء العملة الموحدة "اليورو" والتعامل بها.