لم يعد خافيا ،على أي من المراقبين للشأن الخليجي ، أنه ثمة أطماع ومصالح إيرانية في الخليج العربي ، تنطلق من الأقليات الشيعية في تلك البلاد ، وتستند إلى تاريخ من الهيمنة الفارسية على الخليج فى عصور ما قبل الإسلام . كما يبدو الأمر لمراقبين آخرين بأنها ذريعة استعمارية ، بذرها الغرب بين بلدان تجمعها ديانة وثقافة واحدة ، ولا ينبغي أن يفرقها تاريخ العصور القديمة ، فالايرانى شيعي كان أو سني متكئ على تراث الحضارة الإسلامية ، مثلما يتكئ عليه أبناء الخليج بعامة .
وإذا كان هناك تقاطع في المصالح والتوجهات و الولاءات ، فربما كان المطلب الحثيث أن يتعالى الجميع فوق خلافات شكلية وتصريحات من هنا وهناك، تزيد الفرقة شقة ، وتزيد الهوة اتساعا ، حيث الانزلاق إلى صراع طائفي "سني – شيعي" لن يخدم أيا من الطرفين، على جانبي الخليج العربي .
وهكذا يأتي انسحاب فصيل كبير من الحوار الوطني فى البحرين ، على خلفيته الشيعية ، زيادة فى أزمة البحرين أكثر البلاد تعلقا بثنائية "سني شيعي "، التى ترددت فى المنطقه العربية بعد سقوط بغداد 2003 ، وأكثر البلاد خضوعا لمعادلة الشد والجذب الخليجية الإيرانية فى الشهور الأخيرة .
فتصريحات آية الله جنتى المرجع الشيعى الشهير وتعليقاته حول الحوار الوطنى بأنه "غير مجد وهدفه الإضلال" جاءت لتجعل الانسحاب عمل طائفي بامتياز .
ولم يتأخر الرد الخليجي ، الذي تمثل فى احتجاج رسمي سلمه عبد اللطيف الزيانى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي للسفير الإيراني بالسعودية، ليعلن صراحة رفض مجلس التعاون الخليجي "للتصريحات الاستفزازية والادعاءات الباطلة" .
وتبقى البحرين معلقة المصير بسيناريوهين لا يعلم أيهما سينطبق
الأول: سيناريو الاستقطاب المستمر منذ سنوات والذي يهدد بقاء الدولة وتماسكها الثاني : والذي لا يزال مستبعدا حتى الآن وهو سيناريو الحوار والتوافق بين قوى استمدت عداوتها من بوابة الاستعمار والتدخلات الغربية