مما لا شك فيه يأن الإعلام هو اللاعب الرئيسى والمحورى فى جميع الشؤون الحياتية كالسياسية والإجتماعية والثقافية والرياضية .. الخ حتى وإن كان هذا الإعلام معيوباً أو مشوهاً لأن غالبية الناس إعتمدت عليه إعتماداً كلياً كمصدر للمعلومة والخبر ليس فى مصر فحسب ولكن فى العالم أجمع. وقد لعبت غالبية الأجهزة الإعلامية التابعة للنظام السابق مرئية كانت أو مسموعة أو مقروءة بما فيها الخاصة والمستقلة دوراً هاماً فى إستقرار النظام السابق وفى الحفاظ عليه حتى الرمق الأخير بالموافقة على سياساته تارة وبالمعارضة الشكلية تارة أخرى لإمتصاص غضب الشارع حتى إنتهى هذا النظام إسمياً وليس فعلياً فى الحادى عشر من فبراير 2011. وفجأة أصبح هذا الإعلام والذى كان موالى للنظام البائد يتغنى بالثورة والثورية ، وأعتقد وهذا من رابع المستحيلات بأنه لو حدث وعاد النظام السابق إلى سدة الحكم سيخلع هذا الإعلام قناع الثورية ويعود إلى حالته الأولى. وللعلم فأنا لا أتحدث عن الإعلام ككل ولكن عن غالبيته فقط لأن داخل نسيج هذا الإعلام المنافق والمتلون والممالئ والإمعة هناك بعض الخيوط الصالحة صاحبة المواقف والمبادئ. ولا يغيب عن أحد بأن الإعلام المعارض للنظام بدءاً من المدونات والصحف الإلكترونية مروراً بالصحف الورقية والفضائيات المعارضة للنظام قد لعبت دوراً مركزياً فى إنجاح ثورة 25 يناير تلك الثورة التى تخللتها معارك إعلامية طاحنة إنتهت بفوز الأفضل والأقوى ، ولا أبالغ حين أقول بأنه لولا هذا الإعلام ما نجحت ثورة 25 يناير. وربما سيتساءل البعض عن فائدة كتابة الديباجة السابقة والتى يعلمها القاصى والدانى كبيراً كان أو صغيراً ؟. والإجابة أننى قصدت من كتابتها الإشارة إلى شيئين هامين وهما : أهمية الإعلام ودوره فى الشأن السياسى وأيضاً الإشارة إلى أنه ليس كل الإعلام فاسد أو حتى غالبيته ولكن غالبيته للأسف من النوع الذى فقد بوصلته الأيديولوجية لأسباب لا داعى لذكرها الآن. وأكبر مثال على ما ذكرت هو ما حدث فى الإسماعيلية خلال الأسبوع المنصرم والذى تخلله تعيين محافظ جديد للإسماعيلية موالى للإخوان ولا يمتلك أى خبرات سياسية سابقة أو حتى نجاحات إدارية فى مجال عمله السابق وقد صاحب هذا التعيين إحتجاجات من القوى الثورية بالإسماعيلية إنتهت بإعتصام مفتوح أمام مبنى محافظ الإسماعيلية لمنع دخول المحافظ الجديد إليها. وأثناء إعتصام القوى الثورية أمام مبنى المحافظة قررت إدارة الجريدة مقاطعة أخبار محافظ الإسماعيلية الجديد بهدف عمل حصار إعلامى ضده ، وهو موقف لا نفتخر به لأنه واجب على كل إسمعلاوى وطنى ومحب لمحافظته ولوطنه ، ولم تظهر أخبار المحافظ الجديد فى موقعنا إلا من خلال ما ينشره الموقع نقلاً عن مصادر إخبارية أخرى فقط. وقد فوجئت بتواتر الأخبار فى جميع المواقع الإخبارية الإسمعلاوية وأيضاً الصحف الشهيرة الكبرى والتى ينشر بها مراسلون من الإسماعيلية والتى تتحدث عن إنجازات المحافظ الجديد من أول يوم لإستلامه للعمل ، ونحن نعلم بأن غالبية هذه الأخبار ليست من كتابة محررى تلك المواقع ولكنها عبارة عن نشرات إعلامية يومية تصدرها إدارة الإعلام بالمحافظة وترسلها للمواقع الإخبارية ولمراسلى الصحف والفضائيات بالإسماعيلية فيقوموا بنشرها كما هى. وربما يكون سبب مفاجأتى أننى أعلم علم اليقين بأن أصحاب ومديرى ومحررى غالبية المواقع الإخبارية بالإسماعيلية وأيضاً غالبية مراسلى الصحف الكبرى والفضائيات من معارضى نظام الإخوان وضد تعيين محافظ موالى لهم ومع ذلك نشروا الأخبار التى تتحدث عن إنجازاته من أول يوم وهذا ما لم أجد له مبرراً إلا إذا كانوا مصابين بالشيزوفرينا الإعلامية. وكانت المفاجأة الأكبر وربما الصدمة لى عندما نبهت بعض النشطاء المعتصمين أمام مبنى المحافظ عن خطورة ما يحدث وأن هذا ليس فى صالح الإعتصام فكان للأسف رد فعلهم سلبى فهناك من أراد يريح ضميره فإتهم هذه المواقع بالعمالة وأنها بحسب قوله : "قابضة" .. وهناك من أراد أن يريح عقله فقال لى العبارة الشهيرة : "كبر دماغك". وقد رأينا ليلة أمس نتيجة تجاهل معتصمى المحافظة لتحذيراتى وتنبيهاتى حول أهمية الإعلام وخطورة دوره فلم يحضر لمشاهدة المؤتمر الجماهيرى غير المئات من المواطنين وأكثر من نصفهم حضروا فقط لمشاهدة ضيوف المؤتمر من المشاهير كأمثال الشيخ مظهر شاهين والمهندس ممدوح حمزة ، وقد رأيت ليلة أمس نظرة أسف فى عينيى الشيخ مظهر شاهين بسبب تواضع أعداد الحاضرين. وأنا لا ألقى باللوم على مراسلى الصحف الشهيرة الكبرى لأنهم أولاً وأخيراً يتحركون بحسب ما تريد إدارة صحفهم والذى يقع عليها كل اللوم ، ولكننى ألوم أصحاب ومديرى المواقع الإخبارية المستقلة المحلية فى الإسماعيلية على موقفهم الغير مبرر والغير واضح. خلاصة القول بأننى أنصح ثوار الإسماعيلية بأنهم يجب ألا يتجاهلوا أهمية الإعلام وخاصة المحلى حتى ولو كان بحسب رؤيتهم الظاهرية غير محايد وأنبههم بأنه لم يتبق لليوم الموعود غير عدة أيام يستطيعوا فيها إصلاح ما يمكن إصلاحه ، ويجب عليهم مطالبة الإعلام المحلى بتحديد إتجاهاته الأيديولوجية قولاً وفعلاً ، وأيضاً أنصح الإعلام المحلى بأن يثبت على موقف ومبدأ واحد وأقول له : بأن السلبية واللعب على جميع الحبال قد ينجحا بعض الوقت ولكنهما لن ينجحا كل الوقت .. وإستقيموا يرحمكم الله.