لقد لاحظنا في الفترة الاخيرة تلاعباً في نسب المؤشرات الاقتصادية وذلك حرصاً على اثبات انتعاش الوضع الاقتصادي لكن مثل هذه المؤشرات لا تعكس الوضع الحقيقي للبلاد. ولئن مثلت هذه المؤشرات كنسبة النمو والناتج المحلي الخام طيلة عقود مستوى تقدم البلدان إلا ان الناتج المحلي الخام يهمل مستوى الفقر الذي تعيشه البلاد والتفاوت بين الجهات وتدهور القدرة الشرائية للمواطن والطبقة المتوسطة بالإضافة الى انه لا يعكس مستوى الرفاهة الذي يعيشه المواطن. فقد تكون نسبة النمو والناتج المحلي الخام مرتفعان ولكن ثروات البلاد تكون بيد الطبقة الغنية وهي تمثل اقلية مقارنة بالطبقة الفقيرة والمتوسطة اللتان تعانيان من ظروف معيشية صعبة وظروف عمل شاقة ونقص على مستوى التغطية الصحية. فمثلا في الصين وعلى الرغم من ان نسب النمو تتجاوز التسعة بمائة فان نسبة كبيرة تعاني من الفقر. وفي ظل هذا العجز الذي تشهده هذه المؤشرات سعت منظمة الاممالمتحدة الى ارساء مؤشرات جديدة كمؤشر الفقر ومؤشر التنمية البشرية التي بامكانها ان تعكس الوضع الحقيقي للبلاد وان تأخذ بعين الاعتبار اولئك الناس الذين يعانون من الفقرويعيشون اوضاع اقتصادية هشة. فلماذا لا نتحدث على مستويات الفقر في البلاد ونركز على مستويات النمو ؟. وهاهي وكالات التصنيف العالمية تقوم بخفض تصنيف البلاد خلال الفترة الاخيرة وتزيد الطين بلة ، ولكن مثل هذه المنظمات تشهد العديد من الانتقادات خاصة وانها تعتمد على الناتج المحلي الخام كمعيار للتقييم كما انها لم تتنبأ بالأزمة الاقتصادية لسنة 2008 والتي لا تزال ترمي بضلالها على عديد البلدان منها تونس. فالى متي سنظل نعتمد على مؤشرات اثبتت عدم قدرتها على تقييم مستوى العدالة والحرية والكرامة في البلاد ؟.