لقد تحصلت تونس خلال الفترة الممتدة بين 1987و2011 قروض تناهز العشرة مليار دولار. انها فترة حكم بن علي في تونس وهو ما يدعونا الى مزيد التدقيق و التثبت في خاصيات هذه القروض. لقد حاولت منظمات المجتمع المدني في تونس الضغط على الاتحاد الاوروبي والدول المعنية وكاد هذا الضغط يؤتي اكله خاصة و لاقى استحسان هذه الدول لكن نقص التنسيق بين الحكومة وهذه الجمعيات اضافة الى نقص الخبرة و الدبلوماسية صعبا من هذه المسالة وجعلاها شبه مستحيلة. قد يقول بعض الخبراء ان استجلاب العائلة الحاكمة و محاكمتها سيمكن من التفاوض معهم واسترجاع ثروات الشعب مقابل التخفيض في الاحكام الصادرة ضدهم لكن ما يبعث للحيرة ان تونس لم تضع الفارين من البلاد على قائمة الانتربول. ان هذه القروض اسندت الى نظام اثبت طيلة عقود انه نهب البلاد وان هذه القروض لم توظف لخدمة مصالح البلاد بل وظفت لخدمة مأرب شخصية ولتمويل مشاريع العائلة الحاكمة وهو ما ادى الى استفحال الفساد المالي. ولكن ما جعلها ديون غير شرعية هو ان الدول او البنوك المقرضة تدرك ان هذه القروض لا توظف في خدمة الشعب وانه وقع اسنادها دون علم او اطلاع فكلها معاملات تتم بين السلطة والدول المقرضة. ان عديد الدول رفضت تسديد القروض المتخلدة في ذمتها .. فمثلا وقع الغاء الديون المسندة الى كوبا من طرف مستعمرتها اسبانيا وذلك اثر استقلالها سنة 1898 كذلك وقع اعفاء بولونيا من سداد قروضها اثر استقلالها كما اعفيت كوستاريكا من سداد القروض المسندة خلال فترة حكم الدكتاتور تينكو من طرف كندا. ولكن في حالات مماثلة خيرت بعض الدول الخضوع الى مقترحات صندوق النقد الدولي والتي تتمثل في اعادة جدولة القروض والتمتع بتخفيضات رمزية وهو الحال في عديد دول امريكا الجنوبية كالبرازيل والارجنتين اثر سقوط حكم العسكر وكذلك الحال في جنوب افريقيا وجمهورية الكونغو اثر سقوط الانظمة الدكتاتورية. والامر يتكرر في تونس اثر الثورة فقد رضخنا لمقترحات صندوق النقد الدولي من تمديد لفترة السداد والتمتع بتخفيضات رمزية او قروض اضافية. في حين انه من حقنا عدم السداد والمطالبة بذلك في المحكمة الدولية مما سينعش الاقتصاد التونسي. فإلى متى سنضل تحت سيطرة سياسات اثبتت فشلها و قلة جدواها ؟ .. خاصة وان مثل هذه الديون في كثير الاحيان تضخ لإنقاذ النظام المصرفي ولا لحل المشاكل الاجتماعية .. مسالة تستحق المتابعة.