لا يستطيع أحد أن ينكر حقيقة مسلم بها وأصبحت جزء من الواقع وهى أن السلطة الرابعة بعد أن تحررت من قيود الرقابة الديكتاتورية السابقة أصبحت أكثر قوة وتأثيراً شعبياً ، وأى مسئول اليوم لا يعرف هذه الحقيقة فقيادته للمسئولية توشك أن تنقض. وهذه السلطة اليوم لم تعد تلك السلطة بشكلها التقليدى (صحفى وقلم وجريدة ورقية) بل إتسع مداها وتعددت مشاربها مع إتساع مساحة الحرية ومع التطورات التكنولوجية المتسارعة فأصبح هناك اليوم عشرات الصحف الخاصة بجانب الصحافة الإلكترونية والتدوين الإلكترونى. ومن المؤكد أن السيد اللواء جمال إمبابى محافظ الإسماعيلية بحنكته العسكرية المعهودة يدرك هذه الحقيقة وهو لا ينكرها فى أحاديثه وتصريحاته بل فى غالبية أحاديثه يؤكد على هذه الحقيقة وأن السلطة الرابعة بجميع أشكالها لاعب أساسى فى عملية النمو والإستقرار. ومن منطلق إقتناع السيد المحافظ بهذه الحقيقة تم تنظيم لقاء بين سيادته وبين مجموعة كبيرة من صحفيى الإسماعيلية مساء أمس إستغرق حوالى الساعتين بديوان عام المحافظة. وقبل أن أسترسل فى الحديث يجب أولاً أن أقدم شكرى وتقديرى للأستاذ أحمد اليمانى على المجهود الذى قام به لتنظيم هذا اللقاء والمساهمة فى إنجاحه رغم الظروف الشخصية التى يمر بها. وكان لقاء مساء أمس برغم قصره الزمنى وبرغم بعض سلبياته ناجحاً فى إذابة جزء من الجليد والذى كان حجر عثرة فى العلاقة ما بين السلطة التنفيذية والسلطة الرابعة والتى عاشت فى الفترة السابقة حالة من الشد والجذب بين الطرفين. وكان أول ما شد إنتباهى فى هذا اللقاء ربما لطبعى الشخصى هو الحضور المتأخر للسيد المحافظ فقد حضر سيادته متأخراً عن الموعد المحدد مسبقاً بحوالى نصف ساعة .. ولا أعلم هل هذا كان مقصوداً من سيادته كنوع من التكتيك العسكرى لإنهاك الخصم نفسياً وجسديا" .. أم أن ظروف سيادته وغياب التنظيم هى التى أدت إلى هذا التأخير ؟ .. ولكن ما أعلمه يقيناً أن غالبية العسكريين يتصفون بالدقة فى مواعيدهم بغض النظر عن الظروف. ثم بدأ سيادته حديثه للسادة الصحفيين والذى إستغرق حوالى الساعتين إلا ربع فى توضيح بعض المشكلات والتى تمر بها محافظة الإسماعيلية وفى الحلول المقترحة لها فتحدث عن العديد من المشكلات ومنها : (مشكلة القمامة ومشكلة الغاز ومشكلة الخبز ومشكلة الإنفلات الأمنى ومشكلة مشروعات الإسكان بالمحافظة .. الخ) .. وتطرق بين ثنايا حديثه عن إنجازات المحافظة منذ تولى سيادته المسئولية وحتى الآن. ولا أنكركم حديثاً أن السيد المحافظ كان يتحدث بالأمس بصراحة ظاهرة يحسد عليها وبقلب مفتوح لتقبل النقد ولكن تخلل حديثه بعض السقطات وربما أهمها من وجهة نظرى هو تحميل سيادته مسئولية الأخطاء والمشاكل وفشل الحلول للجميع ما عدا نفسه وقد شاهدت فيديو اللقاء لعدة مرات ولم أجده ولو لمرة واحدة يعترف بالخطأ الشخصى وربما تكون هذه الخصلة ترجع لطبيعته العسكرية. وبرغم تعدد السقطات ولكن أغربها هو عندما أخذ أحد صحفييى "جريدة الضميرالإلكترونية" الميكروفون وعرف سيادة المحافظ بنفسه قبل أن يلقى سؤاله ،فسأله سيادة المحافظ بأن يكرر إسم الجريدة وكأن سيادة المحافظ يسمع إسم الجريدة لأول مرة !! وهذا ما إستنتجه بالفعل من أسلوب وتعبيرات وجه سيادة المحافظ والذى من المفترض أن يكون على دراية على الأقل بأسماء الصحف التى تصدر فى الإسماعيلية ورقية كانت أم إلكترونية .. وأيضاً تناقض المواقف عندما قال سيادته بأنه يجلس هو وأسرته فى غرفة واحدة مكيفة لترشيد الكهرباء مسترشداً بفكرة رئيس الوزراء ومتعجبأً من نظرة البعض بسخرية لهذه الفكرة بالرغم أن القاعة التى كنا نجتمع فيها كانت شديدة البرودة لدرجة مبالغ فيها. وكانت هناك أيضاً بعض السقطات من بعض السادة الصحفيين والذين ناقشوا سيادته خلال فترة الربع ساعة المحددة لنقاش الصحفيين فمنهم من حضر وهو على أهبة الإستعداد للهجوم والنقد من أجل النقد لمواقف سابقة ومنهم من تحدث عن مطالب شخصية ولكن الغالبية من السادة الصحفيين والذين ناقشوا سيادته كانوا على أعلى درجات المهنية. وبغض النظر عن بعض الأخطاء والهفوات من الطرفين فى هذا اللقاء لكننا يجب أن ننظر له من منظور إيجابى وأن الطرفين وهما السلطة التنفيذية والصحافة (السلطة الرابعة) يجب أن يكملا بعضهما البعض فى صنع حالة من الإستقرار المجتمعى وتوحيد الرؤى لأفراد المجتمع وبالتالى فتكرار مثل هذه اللقاءات هو مفيد جداً للطرفين وللمجتمع. وأخيراً نصيحتى للجميع وهى أنه لا يجب أن نركز دائماً على السلبيات لأننا لو فعلنا ذلك فسنجد أن الوصف الملائم لهذا اللقاء إما "شو إعلامى من السلطة التنفيذية" .. أو .. "إستعراض للقوة من السلطة الرابعة" وستكون نتيجته الحتمية هو خسارة لكلا الطرفين وصنع حالة من البلبلة وعدم الإستقرار للمجتمع.