من المعروف ان النفس البشرية مجبولة على السادية فى إظهار الذات .. وكل إنسان يبحث عن أى ظاهرة جديدة ليتخذ منها قدوة ومرشد ليظهر بها أنه الأفضل .. وللأسف فالإعلام هنا يلعب أقذر أدواره عندما يلعب ويتلاعب على أوتار هذه الغريزة الإنسانية. وفى كل عام يتبنى الإعلام شخصية ما ربما تكون فنية أو رياضية أو سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية أو حقوقية أو حتى شخصية لا معنى لها أو قيمة وتصبح هذه الشخصية هى المادة الخام والتى يعمل عليها الإعلام وتتنافس أجهزته لإحراز أكبر مكاسب شخصية مادية كانت أم معنوية. وأواخر العام الحالى وجد الإعلام ضالته فى علياء المهدى تلك الفتاة التى هاجمها الغالبية ووقف معها البعض وتجاهل موضوعها البعض الآخر على مضض ليصنع منها تميمة للعام الجديد 2012. وبدأت أجهزة الإعلام فى الترويج لبضاعتها كل فى إتجاهه فالإعلام المتزمت أصبح يشير بأيدى الإتهام إلى علياء المهدى لأى كارثة أو مشكلة تحدث فى مصر حتى أصبح معجبو هذا النوع من الإعلام قد لبسهم شيطان يسمى علياء المهدى وكل مشكلة تحدث لهم حتى وإن كانت شخصية يحملوا فيها المسئولية على شيطانهم. وحتى النظام الحاكم فى مصر حالياً إستخدمها منذ فترة بواسطة إعلامه المأجور فى ضرب أكثر القوى الوطنية الشبابية فى مصر وهى حركة 6 إبريل ومع أنهم أنكروا وعلياء أنكرت ولكن ما زالت هناك شريحة من مجتمعنا المتخلف يصدق الرواية الرسمية الملفقة. أما بالنسبة للبقرة الإعلامية الصفراء الفاقع لونها فحدث ولاحرج فهى تلعب وتتلاعب بكل القيم والمبادئ الإعلامية ولا يؤمنون إلا بمبدأ واحد وهو الغاية تبرر الوسيلة وغايتهم الوحيدة هى الإنتشار وتحقيق أكبر مكاسب ولا هدف لهم إلا إشباع ذواتهم الغريزية. فهناك إحدى الصحف الصفراء والتى نجحت فى الإيقاع بعلياء المهدى فى فخ وجعلتها تدلى بحديث مع أحد صحفييها والذى قام بعملية تجميلية من وجهة نظره للحوار والتلاعب فيه ليصبح أكثر إثارة للقارئ ضارباً عرض الحائط بكل قيم ومبادئ وتقاليد العمل الصحفى. وأخيراً نشرت إحدى الصحف المنتمية لإعلام البقرة الصفراء أيضاً تقريراً صحفياً بعنوان : التسول بخلع الملابس فى المترو على طريقة علياء المهدى .. وهو حول ظهور سيدة عارية في عربة السيدات تطلب أموالاً لشراء عباءة وذكرت الصحيفة في التقرير أنه يبدو بعد ظهور علياء المهدي عارية على شبكة الإنترنت من أجل حرية المرأة بدأ يؤتي ثماره بالفعل. وذكرت الصحيفة المذكورة : حيث بدأت بعض المصريات تقليدها ولكن في مجال التسول فقد أقدمت إمرأة على خلع ملابسها كاملة في عربات السيدات في المترو وتطالب من الراكبات منحها أموالا لشراء ملابس بعد خداعهن بحكايات مختلفة حول أسباب تعريها وأضافت الصحيفة أن حالة من الرفض والاستياء والغضب انتابت رواد مترو الأنفاق إثر صعود السيدة عارية إلا من "بلوفر" صوف يكاد يغطي منطقة العورة فقط بينما الساقين عاريتين وأغرب ما في الأمر أنها لتستعطف الناس أكثر قامت برفع البلوفر لأعلى واكتشف الجميع أنها لا ترتدي أية ملابس داخلية حتى قامت واحدة من الركاب بإعطائها بنطلون كان معها ولكنها صدمت الجميع عندما رفضت ارتداءه معللة ذلك بأنها متعرفش تلبسه. وأضافت الصحيفة : هنا تحول عطف الجميع إلى سخط شديد خاصة عندما قالت إنها لا تريد سوى عباءة ب 35 جنيه مثل التي قطعها لها الضابط حتى لا تبيع شئ في المترو وهنا أكتشف الجميع أن هذا المشهد ما هو إلا وسيلة جديدة للنصب والتسول ولكن من خلال تعرية الجسد. وإلى هنا ويمكننا أن نعتبر أن القصة السابقة عادية وعابرة وتحدث حتى فى أكثر الدول تحضراً ولكن الملفت للنظر أن تشير الصحيفة إلى أن البعض أخذ يهاجمها ويتهمها بمحاولة تقليد علياء المهدي والأكثر هو أستغلال كره الشعب للشرطة ومحاولة خلق قصة وهمية لكسب مزيد من تعاطف الناس وبدأت السيدات في التحدث معها "عيب ألبسي حاجة مينفعش كده" ولكن لا حياة لمن تنادي وسألوها "إيه اللي معاكي في الشنطة" فقالت "ولا حاجة دي طماطم" فقامت إحدى السيدات بشد الشنطة منها فوجدت بها حذاء وعباءة وهو ما أزاد من حالة الغضب الشديد تجاهها فأخذ البعض بسبها هي وبسبب علياء المهدي والتي إعتبروا أنها أصبحت قدوة لبعض النساء وهو ما أضطر تلك السيدة إلى النزول من المترو لتجرب حظها مع المترو اللي بعده. وهنا إنتهى تقرير الصحيفة ولا أجد تعليقاً عليه غير أن أتسائل : - هل خلع الملابس أصبح له طرق وأساليب ومدارس ؟. - وما علاقة علياء المهدى بظاهرة التسول فى مجتمعنا المتخلف .. هذه الظاهرة والتى تعدت أرباحها أرباح الدعارة المنظمة ؟. - وهل من الإنصاف والمنطق أن نحمل لعلياء المهدى وحدها مسئولية خلع ملايين السيدات المصريات لملابسهن ؟. ومع أننى أقر بأن غالبية مجتمعنا يندرج تحت قائمة المجتمعات المتخلفة والتى تبحث دائماً عن شماعة لتعلق عليها ضعفها وفشلها وعجزها عن حل مشاكلها ولا يفعلون شيئاً غير ندب حظهم العاثر وتحميل المسئولية دائماً على الشماعة الإفتراضية والتى صنعوها بأنفسهم ولأنفسهم. ولكننى أكاد أجزم أنه فى الشهور القليلة القادمة سيتم إستغلال إسم علياء المهدى بطريقة غير مباشرة وغير أخلاقية للترويج لبعض الإكسسوارات والعطور والملابس النسائية وربما سيستخدم إسمها أيضاً للترويج لبعض العطور الرجالى. وربما فى الفترة القادمة أيضاً ستخرج لنا بعض الصحف الصفراء ببعض العناوين المثيرة لغرائز قرائها مثل : فلانة الفلانية تمشى مشية علياء المهدى أوفلانة العلانية تصفف شعرها على طريقة علياء المهدى ..الخ. ومن المؤكد أن الخاسر الوحيد مادياً من هذه العملية الإعلامية والتجارية البحتة هى علياء المهدى نفسها لأنه ليس من حقها أن تطالب بحقوق الملكية الفكرية لأنه لا ناقة لها ولا جمل فيما يحدث .. ولكن بعيداً عن المكاسب المادية فمن المؤكد أنها ستكون هى وقضيتها هما الرابحان معنوياً وإعلامياً. وأبقوا سلمولى على المترو !!! ...