رضينا أم أبينا بنتيجة ذلك العرس الديمقراطى الحزين الذى أطاح وخيب آمال الملايين من شعب مصر الثائر ، وأضاع حقوق دماء سالت من اجل ان نشهد نحن هذا اليوم ، فلم يكن فى تصورنا ان تكون الاعادة على انتخابات رئاسة الجمهورية بين مرشحى الأستبن لكل من الفلول والأخوان .. فلول النظام الذين قمنا بالثورة ضدهم .. أيعقل بعد ذلك ان نشارك نحن بأيدينا فى تلك المهزلة بانتخاب واحد من اعمدة هذا النظام ؟؟. وان كانت المؤشرات جميعها للاسف تتنبأ بنجاحه بناءا على مخطط إجهاض الثورة الذى تم بحرفية عالية على يد المجلس العسكرى قائد الثورة المضادة وبمشاركة جماعة الاخوان المسلمين وذراعها السياسى حزب الحرية والعدالة الشريك الأساسى للمجلس العسكرى فى ظل اعطاء الفرصة لهم من القوى الثورية والنخبة التى لم تتحد وكان تفرقها سريع بمجرد خروجها من الميدان بعد التنحى ، والحق يقال ان الفضل كله يرجع إلى المجلس العسكرى الذى هدم كل محاولة منا للوحدة فعزز الانقسامات والصراعات بين القوى الثورية والائتلافات وكافة الاحزاب التى ولدت من رحم الثورة ، وبالتأكيد تم ذلك بناءا على خطة رسمت ونفذت بكل دقة. ففى البداية أذاعوا عن انفسهم بانهم حموا الثورة ولم يلبث الأمر كثيرا حتى أنقضوا على تلك الثورة واجهضوا كل محاولاتنا المستمرة للتغيير الذى بالطبع يهدد كيانهم هم وغيرهم من بقايا النظام من الفاسدين المنتشرين والمتغللين بقوة المال والنفوذ إلى الآن فى كل ربوع مصر ، وهم نسبة كبيرة لا يستهان بها يمتلكون كل شئ يساعدهم على تحقيق مبتغاهم ويقفون بكل قوة وراء مرشحهم الذى هو طوق النجاة لهم من القادم المجهول الذى لن يكون فى صالحهم بأى حال من الاحوال ويستميتون من أجل نجاحه والحفاظ على كل أمتيازاتهم وتعويض الفترة السابقة وما عانوه فيها من انكماش وخوف من الأطاحة بهم .. وهم لديهم بذلك المبرر والدافع القوى كما لديهم الأموال الكافية التى تدعم وتساند ما يسعون إليه. أما عن مرشح الاخوان فكان استمراره فى الأعادة مخيب لآمالنا جميعا فكان الاعتقاد السائد لدى المعظم بأن هذا الشعب قد وعى الدرس جيدا من تجربة انتخابات مجلسى الشعب والشورى وما حدث فى تأسيسية الدستور من سعى للسلطة والتكويش وتهميش القوى الاخرى من منطلق انهم الاغلبية والتى حظوها بكل الطرق التى لا تمت بالدين بصلة فجماعة الأسلام السياسى تتاجر بالدين من أجل مصالحها وهم حقا لا يعرفوا الدين الذين يتحدثون عنه وبأسمه فليس من أخلاق الأسلام الرشوى والكذب والأفتراء على الناس وتكفيرهم لمجرد مخالفتهم الرأى ... نصبوا أنفسهم ألهة وسمحوا لانفسهم بأرتكاب افظع المعاصى بتدخلهم فى علاقة الرب وعبده وهم ليسوا عالمون ببواطن الامور حتى يستخدموا تدينهم الشكلى فى اطلاق التهم والاحكام على الناس .. كان دائما وأبدا مبدأهم الغاية تبررها الوسيلة وهم بذلك يفعلون كل شئ واى شئ فى سبيل تحقيق مصالحهم ومواقفهم وتاريخهم شاهد على ذلك منذ نشأتهم وحتى الآن ... وبتحولهم من جماعة محظورة تمارس العمل فى الخفاء إلى العلن بعد الثورة التى لم يكونوا شركاء فيها من البداية فى الوقت الذى دعت فيها جماعاتهم لعدم المشاركة فى تلك الأمور وكان كل من شارك منهم ممن ينتمون لجماعة الاخوان المسلمين او غيرهم من الجماعات الاخرى كالسلفيين مثلا ... شاركوا بمحض أرداتهم وبصفتهم الشخصية دون اى علاقة بالجماعة ، وهم سرعان ما وجدوا الأمور تتطور والوضع يصب فى صالحهم وها هى قد سنحت الفرصة لهم فركبوا على الثورة مع غيرهم من الراكبين .. تحدثوا بأسمها فى البداية ثم سرعان ما نكروا جميلها عليهم فلولاها ما عرفوا النور وبمجرد ان حازوا الاغلبية بهذا الكم الهائل من الكراسى التى لم تكن فى مخيالتهم قبل الثورة حتى ظهر كل شئ وتولد لديهم الرغبة فى السيطرة على كل شئ فى ظل تلك الفرصة التى قد لا تأتى مرة اخرى ... وهذا يتأكد لنا فى مدى تناقض تصريحاتهم وتغير مواقفهم ففى البداية اعلنوا عن عدم النية فى ترشيح مرشح من الجماعة لرئاسة الجماعة فى وقت قد ثارت فيها الدنيا ولم تقعد بإعلان عبد المنعم أبو الفتوح رغبته فى خوض الانتخابات ليتم أبعاده بعدها عن الجماعة ثم سرعان ما أغرتهم المناصب وتغير ذلك الموقف تماما واعلنوا عن ترشيح خيرت الشاطر الذى ان اكتشفوا امكانية استبعاده كان وقتها لديهم البديل الجاهز وسط سخط وغضب الجميع فكما تخلوا فى السابق عن الثورة لمجرد السلطة رجعوا الآن عن موقفهم ورغبوا فى الاستحواذ على كل شئ ... ولا ننسى أبدا الثورة التى جاءت بهم والتى سرعان ما أستنكروها ووصفوا ثوارها بالبلطجية وانتهت شريعة الميدان التى تحدثوا عنها فى السابق واصبحوا يتحدثون فقط عن شريعة المجلس ... ولما لا وهم الاغلبية فيه والشريعة تخصهم وحدهم وهم المتحكمون دون غيرهم ؟! ... تركوا الثوار يموتون فى محمد محمود ومجلس الوزارء وفى كل حادثة أليمة حدثت وكان همهم الشاغل أجراء الانتخابات ومصالحهم فقط دون اى موقف جدى منهم يوضح أى ولاء أو جميل للثورة ... لم ينتفضوا حتى لسحل وتعرية فتاة فى ميدان التحرير ولم تهتز آدميتهم ولم يظهر اى شعور أنسانى لديهم كما يتحرك الدين والواعز والحس الدينى الذى دائما يتحدثون عنه بل سارعوا بألقاء التهم على الفتاة ... فبدلا من لوم الجانى كان اللوم على الضحية ، وهذا الموقف بالتحديد يأكد مدى زيفهم ونافقهم الواضح ومتاجرتهم بالدين ... هم الآن من جعلونا فى ذلك الموقف الصعب بصفقاتهم وتوافقهم مع المجلس العسكرى بداية من الاعلان الدستورى الذين أستخدموا فيه الدين ودور العبادة للتأثير على الناس باختيار " نعم " التى كثيرا ما حذر الجميع منها والتى قادتنا إلى تلك الحالة من التخبط الآن ... لعبوا بعقول البسطاء والفقراء بالزيت والسكر والمكرونة والرشاوى الأخرى وفعلوا كل ما كان يفعله الحزب الوطنى فى السابق مستغلين حاجة الناس وضيق يدهم لحصد الكراسى ..... فأين الدين فى ذلك عندهم .. لست ادرى ؟!. مواقف كثيرة على مدى السنة والنصف وحتى الآن أعتقدنا انها كانت كفيلة ليعى الجميع الدرس ، وكان هناك ما يبعث الامل فى نفوس الكثير منا حينما كنا نجد كثيرا ممن أعطوهم أصواتهم فى السابق اعلنوا ندمهم على ذلك بعد ما شاهدوه من اداء مخيب فى مجلسى الشعب والشورى ومن مواقف مخزية لهم فى العديد من الموضوعات الهامة وقرروا ان لا تكون اصواتهم لهم مرة اخرى ويكفيهم مجلسى الشعب والشورى ، ولكن جاءت نتيجة الانتخابات الرئاسية مخيبة للجميع التى من رأيي تفتقر إلى النزاهة وقناعتى الشخصية ان مرشح الثورة حمدين صباحى هو الاجدر والأحق بالتواجد فى تلك الأعادة فى ظل مخالفات عديدة رصدت وبطاقات انتخابات وجدت لحمدين وانباء عن تصويت اكثر من 900 ألف مجند من الامن المركزى ممن ليس لهم حق التصويت وهذه النسبة كفيلة بترجيح كفة مرشح الفلول للمنافسة فى الأعادة او حتى لترجيح كافة مرشح الاخوان لأبعاد مرشح الثورة عن المنافسة مع الفلول تلك المنافسة التى كانت ستكون حقا فى صالح الثورة المتمثلة فى المرشح حمدين صباحى. تلك المعلومة التى نفتها اللجنة العليا للانتخابات وتأكدت منها انا وغيرى وورد لنا معلومات مؤكدة عن حقيقة قيام الجندين بالتصويت فأسمائهم لم تزال من الكشوف الانتخابية واغلبهم وجه للتصويت لمرشح الفلول من منطلق قاعدة الأوامر المعمول بها فى الجيش ، وهذا الأمر لم يختلف أيضا فى الاعادة فقاموا بالتصويت أيضا بناءا على وقائع اكتشفت بذلك ، وبتحصين اللجنة العليا للأنتخابات ضد الطعن على قرارتها كانت القشة التى قسمت الثورة ومنعتها من المنافسة وان كنا ساعدناهم فى ذلك بعدم توحدنا منذ البداية على مرشح واحد للثورة حتى اصبحنا امام معادلة صعبة فالخيارين كلاهما مر لكل من ثار من هذا الشعب ويعنى المجهول للجميع. فمجئ الفلول هو النهاية الحقيقية لتلك الثورة التى لم تحكم ولم تتلقد أية سلطة ومع ذلك حاكموها وألصقوا بها كل الكوارث التى حدثت ويعنى أعادة لبناء النظام القديم الذى للأسف لم يسقط وظل متغلغلا فى كل قطاعات الدولة ولكن هذه المرة اكثر شراسة من الماضى واكثر خبرة وتعلما من الاخطاء كما يعنى عصرا جديدا من الاعتقالات وكبت الحريات وترويع المواطنين وتدمير حياة كل من شارك فى تلك الثورة وهم معروفون جميعهم للأجهزة الامنية من مخابرات وامن وطنى الذين لم يتقاعسوا يوما واحدا من الثورة وحتى الآن عن اداء وظيفتها ومؤشرات ذلك وضحت للجميع بقانون الضبطية الجديد الذى هو اعلان واضح و مباشر وصريح للاحكام العرفية على الثورة وعلى الشعب المصرى كله. سيناريوهات كثيرة متوقعة ستكون فى انتظارنا الايام القادمة وفى الغالب لن يخرجها عنها ما سيحدث كثيرا ... والأخوان حقا حالمون بتولى السلطة وفى رأيي لن يصلوا لها فالمجلس العسكرى واعوانه لن يسمحوا بذلك أبدا وان حصل ذلك سيكون بناءا على صفقة معينة بين الأثنين وهذا بعيد كثيرا عن السيناريو المحتمل .. فالنتيجة تكاد تكون محسومة ومعروفة للجميع من قبل أنعقاد تلك الانتخابات. ومن منطلق الواحب والواعز الوطنى قد رفضت المقاطعة كما رفضت أن أكون جزءا من تلك المهزلة والمسرحية الهزلية التى أوصلنا إليه المجلس العسكرى العدو الأول لثورة مصر وقائد الثورة المضادة الذى انقض على كل مكتسباتها من اجل الحفاظ على بقاءه وليحرق الجميع بعدها ... ولا أتوقع منه تسليم سلطة قادم فى ظل مؤشرات وأذاعة تخوفات ونشر بلبلة بين جميع الاوساط عن توقع عنف قادم هو من وجهة نظرى ليس بعيد الحدوث وقادم وسيكون نتيجته المزيد من الدماء الطاهرة وأكثر مما مضى ... فكما طلبنا الديمقراطية من قبل ولم تأتى بما نريده الآن ورفض وسيرفض الكثير نتيجتها لو نجح مرشح الفلول فسيكون تعامل المجلس العسكرى معنا أشد من اى وقت مضى وأكثر قوة من العهد السابق وهذا بتبرير معروف للجميع بأن هؤلاء غير جديرون بالديمقراطية التى نادوا بها ولا يمثلوا الإرادة الشعبية التى أفرزها صندوق الأنتخابات وباعتبار انهم حامين للتلك الديمقراطية وان كانوا هم كما أنقضوا على الثورة مثلهم سنقض على تلك الديمقراطية المزعومة والمشكوك فى نزهتها ويكونوا فى كفة متساوية ، وستكون وقتها فى وجهة نظر الكثير وانا منهم المواجهة القادمة بين الشعب والجيش وجها لوجه فى حرب أهلية اتمنى ان يرحمنا الله من عواقبها وان يحمى مصر والمصريين ... وأن سلم السلطة حقا فسيكون حبرا على ورق فى ظل استمرار لوجود المجلس العسكرى ودون ان تنقص منه أية صلاحيات وسيكون رئيس مصر القادم هو برتبة سكرتير للمجلس العسكرى ليس اكثر ولا أقل. وأقدامى على ابطال صوتى كان من اجل دماء سالت لم ناتى بحقها بعد ثورة مازالت مستمرة فى نفسى ونفوس كل من شارك فيها ومن اجل مستقبل جديد لمصر التى هى اعظم واهم ما لدى وانا على اتم الأستعداد بالتضحية بكل غالى ونفيس من أجلها ... وأرى فى ذلك القرار الصائب الذى سيساهم فى توصيل رسالة هامة للجميع ... ولا يعجبنى من يتحدثون عن خطأ هذا القرار وعن ابتعادنا عن الواقع والمثالية الشديدة التى نريدها التى هى أبعد عن عالمنا ... ولكنهم نسوا أننا بالفعل كنا فى ذلك العالم المثالى طيلة ال 18 يوما الأولى للثورة وليس بالمستحيل اعادة ما حققناها بالماضى بالأصرار والتوحد من جديد ... فلما أذن لا نحلم بالمثالية ونسعى الى تحقيقها ووقتها ستتغير كل الأشياء من حولنا وسنجد مصر التى نتمناها لنا ولأولادنا فى المستقبل ... وستظل ثورتنا مستمرة إلى ان تحكم وتحقق أهدافها من عدل وحرية ومساواة وعدالة اجتماعية وسيكون أنتصارنا قادم لا محالة عاجلا ام آجلا رغم أنف الاعداء. فأحفظ لنا يا ربنا مصر من كل سوء واحمى هذا الشعب من الطغاة ... فوحدك القادر على كل شئ.