كان فى الماضي الفساد يقتصر فى الغالب على إقليم كل دولة على حدة ولا يؤثر فى الدول المجاورة ومع التقدم العالمي في مجال تكنولوجيا المعلومات وقيام الاقتصاد الحر وذوبان الحدود بين الدول لم تعد كل دولة قائمة بذاتها منفصلة عن باقي الدول كما كان فى السابق وإنما أصبحت كل دولة تؤثر وتتأثر بما يحدث بباقي الدول فظهرت المنظومات العصابية الدولية والجرائم متعددة القوميات واتساع نطاق ارتكاب جرائم الفساد. فلم تعد تلك الجرائم قاصرة على حدود دولة بعينها وإنما أصبح سهل الانتشار والتوسع من دولة إلى أخرى وخاصة مع غياب التعاون الدولي. مما دعي منظمة الأممالمتحدة إلى الدعوة لعقد اتفاقية بين الدول لمكافحة الفساد وإقامة التعاون بين الدول للعمل على تحجيم الفساد والقضاء عليه على المستوى الدولي فلم يكن يوجد اى سبيل آخر للقضاء على هذه الظاهرة والتي بدأت بالانتشار بصورة كبيرة خاصة فى الآونة الأخيرة سوى بإقامة التعاون بين دول العالم لتطويقه ومحاولة القضاء عليه. وقد تم عقد اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد والتي أبرمت فى 2005 وذلك لإقامة التعاون بين الدول لترويج وتدعيم التدابير الرامية إلى منع ومكافحة الفساد بصورة فعالة ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية فى مجال منع ومكافحة الفساد وإقامة التعاون بين دول العالم فى سبيل ذلك سواء عن طريق أعمال نصوص الاتفاقية فيما بينهم أو إبرام اتفاقات ثنائية أو إقليمية لتدعيم التعاون الفعلي والحقيقي فى هذا المجال وكذلك تعزيز النزاهة والمساءلة والإدارة السليمة للشئون العمومية والممتلكات العمومية. حيث دعت الاتفاقية الدول الإطراف إلى إصدار تشريعات داخلية وتنظيم التشريعات الموجودة وذلك لإعمال نصوص الاتفاقية ومكافحة الفساد فى الداخل بصورة فعالة بالإضافة إلى التزام كل دولة طرف بتقديم تقارير دورية للمنظمة شاملة توضح ما قامت باتخاذه من تدابير لإعمال نصوص الاتفاقية ومدى التزامها بها وما وصلت إليه فى سبيل مكافحة الفساد على المستوى الداخلي والخارجي. ونتناول فيما يلي لدراسة مقارنة اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد والتشريع المصري وخاصة فيما يتعلق بالفساد الادارى وذلك على النحو التالي : ترتب على ثقافة الفساد وانتشارها بصورة كبيرة إن أصبحت الرشوة والعمولة والسمسرة والمحسوبية مع الوقت عناصر لنظام حوافز بديلة عن الحوافز الرسمية المشروعة وأصبحت الدخول الخفية الناجمة عن الفساد هي الأصل وتفوق قيمتها الدخول الرسمية وفقد الفرد الثقة فى قيمة عمله الاصلى وجدواه طالما لايوفر له العيش الكريم مما أدى إلى التفريط التدريجي فى معايير أداء الواجب الوظيفي والمهني والرقابة بالإضافة إلى فقد القانون هيبته وقيام المفسدين بتعطيل القرارات التنظيمية وإحكام القانون قبل إن تطالهم مما أصبح معه مخالفة القانون هي الأصل واحترامه هو الاستثناء وانهيار التوازنات الاجتماعية والأخلاقية وتأكل القيم والمثل العليا بالإضافة إلى التكاليف الاقتصادية والاجتماعية للفساد التى لها أكبر الأثر فى تراجع اقتصاديات الدول وخاصة النامية والفقيرة منها مثل زيادة عجز الموازنة العامة بسبب التهرب الضريبي وتراجع إيرادات الرسوم الجمركية وارتفاع تكلفة الخدمة العامة بسبب ممارسة الفساد وارتفاع تكلفة التكوين الرأسمالي نتيجة للعمولات مثل المباني والمعدات وغيرها من الآثار الضارة والتي لاحصر لها والتي كان السبب فيها انتشار ثقافة الفساد. - آليات مكافحة الفساد: آليات مكافحة الفساد المقصود بها الطرق والأساليب التى يمكن للدول اللجوء إليها لتحجيم الفساد والقضاء عليه على المستوى الداخلي والدولي وبذلك تنقسم هذه الآليات إلى نوعين نعرض لكلا منهما فيما يلي : 1 2 3 › »